من الجوف للجوف

من الجوف للجوف
سليمان الأفنس الشراري

الشاعر مشارع الجعيري الشراري من اعلام شعراء الشمال الغربي للمملكة.. ولد الشاعر في عام 1290ه بوادي السرحان وشارك في غزوات عديدة وله فيها الكثير من شعر النقائض، عاصر الشاعر مشارع جيلين وشهد المراحل التأسيسية لمنطقة الشمال الغربي فسخر شعره الذي يتصف بالحرب ووصف المعارك والغزوات الجاهلية الى الدعوة للاستيطان والتحضر حينما تجاوب لنداء معالي الشيخ/ عبدالعزيز الاحمد السديري في ان يدعو في شعره المتابع والمسموع والذي ينتقل بسرعة الى اكبر شريحة من الناس.. فاستجاب الشاعر سريعا ونظم قصيدة طويلة يدعو فيها الى حياة التحضر ونبذ الترحال والتنقل عبر المراعي الى حياة العلم والتنور ومسايرة بقية ابناء الوطن في بناء اوطانهم واعمارها وكانت له استجابات كبيرة وآثار ملموسة.
وللشاعر مشارع قصة عجيبة وتعتبر من القصص التي لا تزال تروى:
حيث ان الشاعر حرم من الاولاد ورزقه الله بولد وحيد وكان طاعن بالسن واعمى وقدر الله ان رد الامانة فتوفي ابنه الوحيد ولم يجزع ولم يقنط من رحمة الله مما يتبين لنا في قصيدة قالها بعد وفاة ابنه الوحيد.. وكان كرم الله سبحانه وتعالى غير محدود لعباده الذين يلجؤون له ويستجيرون به فرزقه الله تعالى بولد بعد سنوات من قصيدته. توفي مشارع الجعيري في وادي السرحان في عام 1393ه وقد عاش اواخر ايامه كفيفا وله العديد من الاحفاد يقول الشاعر مشارع في قصيدته:

أستغفر الله وأطلب العفو منه

علام مخفيا على الناس كاميه

أوصيك عن حسو الطغا لاتظنه

وآمن ترى المسلم يخافه ويرجيه

والحكي ودك عن قريبك تكنه

كبه وكب الحس واللي حكى فيه

لولا الليالي سودهن غربلنه

الصبر لله والمقاسيم تاتيه

زاد البلا ورعا ضحك لي بسنه

امسى مسهيني وانا اصبحت عازيه

الصبر حرات الضنا يخلفنه

لا تبكي اللي قاضيات لياليه

الموت هو التأكيد والروح ضنه

مثل الاوداعه يوم فاضت لراعيه

عزيل من رجواه بالله مضنه

ما الرب طرقيا وزلت محاريه

حيا مقيم وكل الاقسام منه

ما صار بالدنيا يميته ويحييه

ان الجواري والتوافيق منه

اوسع نظر ترى المبارك مواريه

ايوب صابر والدوابي كلنه

واعفاه ربه من دعاوي بلاويه

يا مسنع اللي بالخلا ضيعنه

يامراعي اللي ماله اما تراعيه

لاهو رضيع ولا بعشن حضنه

جير عليه القاع والرمل غاطيه )1(

والطي قسمات الكريم اوقفنه

قالوا ولنه والله اللي مواليه )2(

دلايل للمفتهم يقعدنه

ماضاع حيال عالم الغيب واقيه

لا تجعل الدنيا طويله مثنه

عمال تغدي ساهيا بيمعانيه

شروا سبوقا به اذياره وكنه

ما يأمن اللي فوقها لاتخليه

هوامش
)1( بيض ويرقات الجراد.
)2( قصة احد رعاة الابل الذي انهدم عليه البئر وظن الجميع انه قد مات وحينما حفر عنه لاجل مواراة جثمانه القبر وجدوه حيا سليما حيث حال أحد صخور البئر بينه وبين التراب فبقي، وهي قصة معروفة في المنطقة الشمالية.

أعلـىالصفحة

رجوع