| العالم اليوم
قررت الحكومة الألمانية التبرع بكمية من لحوم الأبقار التي لا تحتاجها ألمانيا إلى كوريا الشمالية التي يهددها خطر المجاعة.
ويبلغ حجم هذه الكمية حوالي 200 ألف رأس من الماشية لا تجد لحومها إقبالاً من الألمان أو في الأسواق الأوروبية منذ ابتعاد الناس عن استهلاك لحوم الأبقار خوفاً من مرض «جنون البقر».
كوريا الشمالية لم تعلن بعد قبولها للهدية الألمانية التي يؤكد الألمان أنهم سيجرون عليها اختبارات دقيقة للتأكد من عدم إصابتها بجنون البقر قبل شحنها إلى كوريا، مع أن الماشية الألمانية تشهد زيادة في إصابات مرض جنون البقر التي وصل المعلن عنها حتى الآن 23 إصابة.
وسواء قبلت كوريا الشمالية شحنة اللحوم الألمانية أو لم تقبلها، وأن الاختبارات ستجرى فعلاً وبدقة على تلك اللحوم، أو أن الهدف إنساني لمواجهة المجاعة في كوريا، أو للتخلص من لحوم قرابة نصف مليون بقرة تعتزم السلطات الألمانية ذبحها لكبر سنها بمقتضى برنامج وضعه الاتحاد الأوروبي لتقليل المعروض من اللحوم في الأسواق الأوروبية التي لا تجد أصلاً من يشتريها، فإن الألمان الذين يريدون ارسال اللحوم لكوريا وقد يتبعهم البريطانيون والفرنسيون وغيرهم من الأوروبيين الذين سيجدون في ارسال اللحوم مخرجاً للورطة التي أوقعتها بهم «بقراتهم» التي جنت من العلف الصناعي.. ولا يهم أن يتسرب المرض إلى كوريا أو إلى غيرها من الدول الفقيرة التي تقبل هدايا اللحوم الأوروبية التي تؤكد تقارير صحفية أن بعضاً من تلك اللحوم تسرب للأسواق العربية وبالذات الخليجية، وإن جاء التسرب مدفوع الثمن حيث دخلت شحنات اللحوم بعد تغيير بياناتها، فغُيِّر مصدر التصدير، فبدلاً من أن يكون بلد المصدر بريطانيا أو ألمانيا، وضُعت دولة أخرى، وهذا ما كشفته وزارات التجارة في دول الخليج العربية.
نعود لهدايا اللحوم التي تجعلنا نتذكر «هدايا» الأمصال واللقاحات، وحتى الأغذية المنتهية الصلاحية التي ترسلها الدول الغنية للدول الفقيرة فتصيبهم بالأمراض بدلاً من أن تحصنهم ضدها، وتميتهم الأغذية الفاسدة بدلاً من أن تشبعهم.
ولقد تكشفت فضيحة دولية قبل أعوام حينما أرسلت دولة أوروبية أمصالاً ولقاحات لدولة أفريقية للتطعيم ضد أحد الأمراض الوبائية، وبعد استلام الدولة الأفريقية شحنة طلبت الدولة الأوروبية ارسال أطباء وخبراء للمساعدة في حملات التطعيم، اكتُشف بعدها أن الخبراء الذين رحبت بهم الدولة الأفريقية كان هدفهم مراقبة تأثير الأمصال واللقاحات ومتابعة الدراسة ميدانياً، إذ كان الهدف تجريب اللقاحات في مواطني تلك الدولة الأفريقية، مثلهم مثل فئران التجارب التي تستعملها معامل الأدوية.
وقبل عام فقط، أُرسلت إلى كوسوفا شحنات من معلبات الأغذية من إحدى الدول المتقدمة، ووجد الكوسوفيون أن صلاحية استعمالها منتهية منذ وقتٍ طويلٍ، وبدلاً من أن تغلب الدولة المانحة لتلك المعلبات الفاسدة نفسها في التخلص من تلك المعلبات ودفنها أو طمرها، أرسلتها لتدفن في بطون جياع كوسوفا الذين كان نصيبهم الدفن في القبور، ونفس المصير سيحصل لبعض الكوريين الذين ستكون معدتهم مخازن للحوم أوروبا التي لم تجد مشترين لها.
لمراسلة الكاتب
jaser @ al-jazirah. com
|
|
|
|
|