| محليــات
من يَركن إلى الشيء فإنَّه يسلِّم إليه أمرَه، رضاءً به، واستسلاماً في شأنه، ذلك كما يقول اللغويون: الرُّكون: )مطلق الميل(...!
ولأنَّ الإنسان إن أطلق الميل رَكن، وإن رَكن رضي، وإن رضي غفل، فإنَّ الغفلة عمى... والعمى ضلالةٌ، والضلالةُ مضيعةٌ...، والمضيعةُ خسارةٌ...، فهل أنتَ من الخاسرين؟!
أي أنَّك من الراكنين؟...
وهل كلُّ ركون يؤدي إلى الخسارة؟!
أجل، حتى الركون إلى مطلق الصواب خسارةٌ..، ذلك لأنَّ المطلق الايجابي، يؤدي إلى المطلق السلبي...
فكلُّ ضد* يؤدي إلى الضّد..
أمّا قالت العرب تصفُ الطويل قصيراً، والأسود أبيض، والمرَّ حلواً، والهلكة نجاةً،...؟!
أما توازي الضدَّ بالضدَّ، والأقصى بالأقصى؟....
أما استدعى الضحك المداهمُ، الحزنَ المتوقَّع؟...
أما أدَّى الركون إلى القرين الفاسد، إلى فقد النتيجة؟!... بمثل ما أدَّى الركون إلى القرين الصالح إلى النتيجة ذاتها؟!... عندما تتساوى النتيجتان فلا يُنكر على الفاسد فساده فتفسد نتيجتها...، ويركن إلى صواب الصالح فلا يخرج بمحصَّلته؟!..
فالركون إما اتباعٌ، وإما استسلامٌ...، والاتباع دوماً في الجانب السالب، والاستسلام دوماً في الجانب الموجب، وتلك من سمات الإنسان، بل صفاته...، وهي طبيعةٌ جُبل عليها.. مهما تفاوت وعيُه، أو علا إدراكه...
أما السكون فمنه اليسير، ومنه الكثير...
لكنه في يسيره وكثيره لا ينحو في كفة الركون، ولا يغطي على يقظةٍ، ولا يفضي إلى نتيجةٍ.. يسكن الماء، لكنه يسير... )إن سال طاب(. و)إن لم يجرِ لم يطِب(... وفي عدم جريانه ركونٌ لا سكون، وفي الركون يأسَنُ الماء ولا يطيب، وفي السكون يهدأ الماء، وهو طيبٌ لا مدى له كي يأسَنَ!!...وفي كثرة السكون تأملٌ قد يفضي إلى نتيجة، لا إلى مفسدةٍ، ولا إلى خسارةٍ... ذلك لأنَّ السكون ليس مطلقُ الميل وإنّما هو مقيِّده...
والإنسان إما راكنٌ يميل ولا ينجو، وإن نجا فهو خاسر!!
وإما ساكنٌ يتأمل، أو يفكر... وفي التّأمل والتَّفكر يقظةٌ مبطنةٌ، لكنها ذات صوتٍ... وكلُّ صوتٍ له صدى، والصدى نتيجة أقل ما تتركه أثرها في السطوح التي تلامسها!!...
أوَ لا تكون مستوحشاً في الفيافي، غريباً في البيداء، وحيداً في المدى الوسيع الذي لا يرافقك فيه كائن آخر، حتى إذا ما تحرك الصوت... امتلأ حولك الفراغ فتجد الفيافي، والبيداء، والمدى قد امتلأت عليك، وتجاوبت مع حسِّك بما لامسه الصدى لكلِّ سطح من حولك يشمخ؟! حتى لو كان ظاهر صفحات الهواء الذي لا تراه؟!...
للَّه ما أجمل هذا الكون...!وللَّه ما أبهى فعل الله فيه..!وللَّه ما أبلغ هذا اللسان الذي تتحرك حروفه في مخارجها، فَتُشَكَّلُ الكلماتُ، كي تذهب في دلالاتها إلى الصلة بالفعل الذي يؤديه الإنسان...
فاللغة شاهدٌ والفعل شاهدٌ...والإنسان هو صاحب الموقف...إما ركوناً فخسارة في الضدِّ والضدِّ...
وإما سكوناً يسيراً أو كثيراً نتيجةً للبرهة والزمن...
فأيهما تكون؟!
راكناً إلى، أو ساكناً عن؟!
افتح قاموسك، وافغر فمك...، وحرِّك لسانك...، وانطق... ثم ألبِسْ فعلَك كلماتِك...، وقفْ في وضح النَّهار...، وانظر إلى أي الأقصيَيْن تكون؟!...ربَّما يأتيك الصدى...!!وربّما يطويك المدى...!!
فإلى الصدى، أو إلى المدى...أنت واحدٌ فاعلٌ في حركة الكون...
|
|
|
|
|