| مقـالات
يعد نلسون مانديلا من زعماء العالم الذين حظوا بشهرة واسعة بسبب تاريخه المشرف من أجل استقلال وحرية بلاده، وكذلك لمواقفه تجاه العنصرية البيضاء وكفاحه من أجل العدالة والمساواة وذلك اعتمادا على المواجهة المعتمدة على النقاش والحوار واعلان الرفض لكل ظلم يقع على الانسان.
ومن هنا حفظ الناس صورة ايجابية لنلسون مانديلا من قبل ان يتوخى الحكم والى ان ترأس حكومة بلاده ثم انتهى به الأمر الى التقاعد.
ان نموذج نلسون مانديلا هو نموذج الانسان البسيط الذي ينطلق في كل أموره دون ان يلبس نفسه غير ما هي عليه.
وعليه فان مذكراته التي صدرت تحت عنوان «رحلتي الطويلة من أجل الحرية» عن جمعية نشر اللغة العربية «جوهانسبيرغ 1997م» تحفز على القراءة لأن الهدف تقصي حياة وتجربة هذا الزعيم العالمي المناضل.
في المذكرات نجد سرداً بسيطاً لا مبالغة فيه يخلو كلية من اضفاء صور البطولة ويتخلص من عقدة التضخم كما هو شأن بعض المذكرات لزعماء وقادة من العالم العربي وغيره.
يطرح مانديلا نفسه في هذه المذكرات على صورة تخلو من عقدة العظمة ونشوة الزعامة فهو انسان خرج من بيئة بسيطة ونشأ في هذه البيئة وانطلق في الحياة يحمل أفكارا ومبادئ تقوم على منظور انساني بحت ، وهو في مذكراته يعطي كل ذي حق حقه ولا يتورع عن وصف مشاعره كما كانت عليه سلباً او ايجاباً ولا يتردد في اظهار الهفوات والصغائر التي وقع فيها لأنه يعرف قبل كل شيء انه انسان يتعاطى مع الحياة وفق السلوك الذي يحمله في داخله.
ومع المتعة التي يجدها المرء عند قراءة هذه المذكرات هنا ك متعة اخرى يشعر بها ألا وهي كيف ان هذا الزعيم العالمي الكبير وفي نهاية الأمر انسان كأي انسان وان ما اوصله الى ما وصل اليه هو الاصرار على تحقيق العدالة وتكريم الانسان.
ننتقي من هذه المذكرات بعض المقاطع التي توضح جوانب مما أشرت اليه يقول مانديلا: «كنت في تلك الأيام متخلفا الى حد بعيد وقد واجهت بسبب ريفيتي وفقري مواقف كثيرة مثيرة للضحك».
ويقول في مكان آخر: «.. لم أجد جواباً لهذا السؤال الذي أحرجني وايقظني من غفوتي ففطنت الى ضيق افقي ومدى قصوري عن مهمة خدمة قومي، لقد استسلمت لا شعورياً للتقسيمات التي أقامتها وتشجعها حكومة البيض ولم أعد قادرا على التحدث بلغة أبناء جلدتي، فما لم يتقن المرء لغة قوم لن يكون قادراً على خطابهم او الاستماع اليهم ولن يشاركهم آمالهم وطموحاتهم..».
كما يقول: «لم اتعظ من تجربتي في مناجم كراون فلم أشرح للقسيس مابوتو الظروف والملابسات التي اكتنفت مغادرتي لترانسكاي، وكانت عاقبة تقصيري هذا وخيمة».
ان هذه المذكرات ترسخ في اذهاننا صورة مانديلا الانسان وصورة مانديلا الزعيم الذي حقق لبلاده الانتقال من عهد العنصرية الى عهد العدالة والمساواة دون المرور بمرحلة انتقال من الماضي وتدمير للبلاد كما فعل ويفعل بعض قادة بلدان العالم الثالث وافريقيا على وجه الخصوص
|
|
|
|
|