| العالم اليوم
في سعيها الدائم نحو الأفضل، تخوض البشرية صراعاً مريراً بين قوى الخير والشر، واذا كان العصر الحالي قد شهد العديد من خطوات التطور مما امكن من قهر العديد من قوى الشر، الا ان التطور جلب معه وسائل جديدة استغلتها قوى الشر مما أوجد جرائم جديدة وطرقا مبتكرة استغلها الفاسدون لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الآخرين متجاوزين كل القيم التي يفترض ان يتحلى بها بنو الانسان.
واذا كانت الجريمة في السابق تنحصر في عمليات السرقة المحدودة وعمليات القتل البسيطة، فان العصر الحديث شهد جرائم عديدة أخذت في «التطور» فظهرت عمليات غسيل الأموال ومافيا الاجرام، والعصابات المنظمة، والجرائم الالكترونية وعمليات الخيانة والتجسس والفساد الاداري والحكومي وتلقي الرشاوي وغيرها من الجرائم التي لم نكن نسمع بها بل ولا يمكن تخيلها، وهذا ما فرض على الدول مواجهة تطور الفكر الاجرامي والتصدي للاشرار ومثلما ابتكر المجرمون وسائل وطرقا لتحقيق مآربهم الفاسدة، طورت الحكومات وسائلها وابتكرت طرقا افلحت الى حد بعيد في محاصرة قوى الشر.
ولأن عصابات الاجرام ومافيا الشر لا يمكن ان تنحصر ضمن فئات معينة كان لا بد للحكومات من انتهاج الشفافية وتجاوز الطرق التقليدية في التصدي للمجرمين والمرتشين مهما كانت مواقعهم والمكانة الوظيفية التي لم يراعوا الله في اعطائها حقها من الاخلاص والأمانة اذ أثبتت الأحداث ان التخريب الذي ينتج بسبب سوء استغلال المركز الوظيفي والسلطوي يدمر الاقتصاد الوطني لبلد ما وهذا ما دفع الكثير من الدول الى اعتبار جرائم الفساد الاداري وما يندرج تحتها من تفشي الرشوة واستغلال السلطة وسلب حقوق الآخرين وتحويلها حسب المصالح الشخصية.. اعتبارها من جرائم الدرجة الأولى وبعضها عد في جرائم الخيانة العظمى، لتأثيرها السلبي السيئ على اقتصاد البلد من خلال طردها لعمليات الاستثمار وللتطوير ايضا بالاضافة الى خروجها عن الشريعة والقيم، ولعل ما يجري الآن في امارة دبي بدولة الامارات العربية التي كشفت فساد شبكة فساد اداري يقودها مدير عام الجمارك وسوريا التي فضحت رئيس حكومتها السابق والصين الشعبية التي اعدمت احد كبار المسؤولين بالدولة..
هذه المواجهة بين قوى الخير والشر، مواجهة متصلة منذ بدء الخليقة والذي ينتصر الحق دائما خاصة اذا ما وجد المساندة وشفافية التعامل دون تجاوز الكبار الذين لا يمكن ان يبقوا كبارا وهم صغار امام المال.
لمراسلة الكاتب
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|