| عزيزتـي الجزيرة
في يوم الخميس السابع والعشرين من شهر شوال عام 1421ه فقدت الأحساء أبرز علمائها هو الشيخ عبدالرحمن بن علي آل مبارك عميد أسرة آل مبارك الأسرة العلمية في الأحساء، فقد أمضى هذا الرجل حياته في طلب العلم والتنقل في الدول المجاورة للوعظ والإرشاد فهو القاضي المحدث الشيخ عبدالرحمن بن علي بن عبدالرحمن بن عبداللطيف آل مبارك، ولد بالأحساء مركز الحركة العلمية والادبية في ذلك الوقت عام 1327ه بمحلة الصالحية، وهو أول مولود بها بعد ان تم سكناها من قبل مشايخ أسرة آل مبارك تميمي النسب مالكي المذهب.
تربى تربية صالحة في كنف والده الشيخ علي بن عبدالرحمن المتوفى عام 1361ه وأسرته الغنية بالعلماء والأدباء ففي سن مبكرة بدأ بتعلم القراءة والكتابة ثم درس القرآن الكريم على يد الشيخ عبدالله بن زيد فختمه، وقرأ التفسير والحديث والفقه على يد عمه الشيخ ابراهيم بن عبداللطيف، ومبادىء النحو والصرف على يد الشيخ عبدالعزيز بن صالح العلجي وكذلك على يد خاله الشيخ عبدالعزيز بن حمد فلازم والده وتعلم منه وجالس مشايخ اسرته الافاضل، وكان يعظ ويرشد في مسجد الشكرية بالرفعة بعد صلاة العصر.
كان كثير التنقل في دول الخليج العربي المجاورة للوعظ والارشاد وكانت تربطه علاقة مع حكام إمارات الخليج ومشايخها وخاصة بسمو الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم رحمه الله وسمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي رحمه الله وايضا بسمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة وكانت لهم معه جلسات شعرية وادبية حيث كانوا يكنون له كل تقدير واحترام وكانت كلمته مسموعة لديهم وايضا تربطه صلة بالرجل المحسن الشيخ محمد بن جاسم المريخي وهو احد رؤساء جزيرة «دلما» وقد أقام بها سنة كاملة وكان إمام مسجده هناك وكانت اول زيارة له الى دبي عام 1346ه بصحبة خاله الشيخ عبدالعزيز بن حمد آل مبارك حيث كان يذهب لتدريس العلوم الدينية في المدرسة الاحمدية في دبي، وبقي الشيخ عبدالرحمن في المدرسة المذكورة يتلقى علومه هناك وكان اثناء تنقله في امارات الخليج يتعامل في تجارة العطورات واللؤلؤ لطلب الرزق.
وأثناء إقامته هناك طلب منه الشيخ خلف بن عتيبة أن يكون إماماً وخطيباً بالجامع الكبير «بأم سقيم» فوافق على ذلك. وبعد رجوعه للاحساء اسند اليه وظيفة مساعد قاض في الظهران وذلك عام 1369ه بأمر من الامير سعود بن جلوي وفي نفس الوقت إماماً لمسجد الهنود، وفي عام 1374ه نقل الى محكمة الخبر وفي عام 1379ه أحيل الشيخ عبدالرحمن الى التقاعد ثم رجع الى الاحساء.وفي عام 1380ه ذهب الى الكويت في زيارة خاصة فاجتمع عدة مرات مع الشيخ عبدالعزيز حمادة قاضي الكويت في ذلك الوقت فطلب منه الانتقال الى الكويت ليكون إماماً وخطيبا ومرشدا بجامع المرقاب بالكويت فوافق على ذلك وكان له درس في الحديث بعد صلاة العصر وكان الناس يحرصون على الحضور للاستماع الى دروسه ومواعظه، واثناء اقامته هناك كانت له علاقة بالشيخ عبدالله السالم الصباح حاكم الكويت الاسبق رحمه الله. وصارت له صلة بالعالم الفاضل الشيخ يوسف القناعي والكثير من وجهاء واعيان الكويت وقد تولى التدريس في المعهد الديني بالكويت وقد اقام في دولة الكويت تسع سنوات كانت حافلة بالعطاء.
يتصف اطال الله عمره بالصفات الحميدة، فكان حليما متواضعا عفيفا كثير صلة الرحم باقاربه يتصف بالرزانة والاناة والعفة.
عرف الشيخ عبدالرحمن بأشعاره في دول الخليج ، له كثير من القصائد في جميع المناسبات فطرق جميع انواع الشعر ماعدا الهجاء لانه ليس من صفات العلماء والمشايخ والشيخ عبدالرحمن من الشخصيات النادرة التي لا تمل من مجالسته يحفظ الكثير من الشعر العربي والنبطي ويقولهما وكذلك الحكايات الادبية التي اكتسبها من مشايخه ومجالسة العلماء والادباء في البلدان التي زارها. يمتاز شعره بسهولة العبارة مع جزالتها وعدم التكلف يواتيه الشعر حيثما شاء لسهولته عليه واستيعابه الجم لاغراض الشعر وفنونه وكانت اول قصيدة له كانت بالبغلي «وهو نوع من انواع الشعر» بين النبطي والعربي وكان عمره عشرين سنة تقريباً، له ديوان من شعر مخطوط سيرى النور قريبا ان شاء الله بالعربي والنبطي.
معاذ بن عبدالله آل مبارك
جامعة الملك فيصل بالأحساء
|
|
|
|
|