| محليــات
موضوع حديث اليوم هو الحوار الذي دار في «خيمة الوفاء» وسبقت الاشارةاليه مع بعض الاخوة المحببين من اصدقاء الكلمة وبعض رجال الاعلام بمناسبة ما ذكره الاستاذ حمد القاضي في كتابه الجديد « الشيخ حسن آل الشيخ : الانسان الذي لم يرح» من صفات الشيخ وشيمه الرفيعة ومواقفه النبيلة مما لا تزال تروى حتى اليوم ،
ورغم انني لم اطلع بعد على هذا الكتاب الا انه كان لدي من المواقف الرائعة والنبيلة ما اضيفه الى ما سمعت عن هذا الشيخ الجليل ،،،
في اواخر السبعينات ميلادية ،،كنت قد حظيت بموافقة وزارة الاعلام على ابتعاثي للخارج لتحضير شهادة الدكتوراه ،،،وقد كنت وقتها قد تحصلت على "القبول" اللازم من احدى كبريات الجامعات الامريكية الا انه قد كان عليّ،، كما هو الحال بالنسبة لطالبي الابتعاث من الموظفين ، ان احصل على موافقة لجنة الابتعاث العليا المكونة من ثلاثة اعضاء يرأسهم معالي وزير التعليم العالي آنذاك : الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ يرحمه الله ،،، وعندما عرضت اوراقي على اعضاء اللجنة رفضت الموافقة بحجة ان اعمال الوزارات في ذلك الوقت ، لا تحتاج الى المزيد من حملة شهادة الدكتوراه ، وبعد المحاولة الشخصية من قبلي وافق لي احدهم وامتنع اثنان عن التصويت ، مما يعني اني لا استطيع الحصول على هذه البعثة بصوت واحد مقابل صوتين،، وبعد فترة من الصبر والانتظار،، وضرب الاخماس بالاسداس كما يقولون ،، اشار عليّ احدهم،، لماذا لا اطلب مقابلة معالي وزير التعليم العالي "رئيس اللجنة"وعرض الامر عليه ،،فقد يقوم بنوع من الوساطة لدى هذين العضوين الممتنعين عن التوقيع،، وفعلا حضرت الى مكتب معاليه لاول مرة وكان رئيس المكتب آنذاك الاستاذ عمر الحصيّن الذي كان قد تشرب مبادئ الشيخ في ملاطفة المراجعين وحسن استقبالهم وقضاء حاجاتهم ، وما هي الا دقائق معدودة حتى دخلت على معالي الوزير، لم يفز أو ينهض معالي الوزير من كرسيه لدخولي عليه ،،ولم اسمع منه الكثير من عبارات الترحيب وكلمات المجاملة، كما يحلو للبعض اليوم ان يرددها في وجه كل زائر او مراجع حتى ولو كان ذلك باباً ظاهره الرحمة وباطنه العذاب ،،بل استقبلني كأحد ابنائه وكأنه حينها كان يفكر او يعالج "ذهنيا" امرا من امور وزارته الفتية مما كون لدي انطباعا سريعا ان الوقت كان غير مناسب وانني ربما قد لا انجح في الحصول على ما كنت قد جئت من اجله ،
وبعد ان اخذت مجلسي امام معاليه: شرحت له موضوعي بكل تفاصيله وقدمت له كل ما لدي من الوثائق ومنها خطاب شخصي لمعاليه بطلب مساعدتي في الحصول على هذه البعثة ،
رد معاليه على الفور قائلا: لديك الآن صوت واحد مقابل صوتين،، وانا الآن اوقع كرئيس لهذه اللجنة وعضو فيها بصوتين،، ولذا يكون لديك الان ثلاثة اصوات مقابل صوتين،، مبروك البعثة يا ولدي،،،
وفي اعتقادي ان هذا الموقف القوي والمؤثر جدا مع ما قرأت في كتاب الاستاذ -حمد القاضي- المشار اليه من الأخلاق الفاضلة والشيم الرفيعة لهذا الشيخ الجليل قد ابقت له بيننا، وقد يكون بين الاجيال من بعدنا، اسماً لامعاً وذكرى حية متجددة ستبقى ما بقي فعل الخير فضيلة وما بقيت الفضيلة مطلبا ،
وصدق من قال :
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني
فاختر لنفسك قبل موتك ذكرها
فالذكر بعد الموت عمر ثاني |
وفعلا : لقد مات الشيخ رحمه الله وبقيت سيرته حية لم تمت وغاب الشيخ وبقيت ذكراه وجلائل اعماله تروى على ألسنة الكثيرين ممن عرفوه عن قرب او كانوا يتابعون احاديثه في السيرة النبوية عبر الاذاعة او يقرأون زاويته المعروفة "خطوة على الطريق"على صفحات " المجلة العربية " اصافة الى العديد من كتب الشيخ والمقالات الصحفية ،،ومن أراد المزيد من الاطلاع على شمائل هذا الشيخ ومواقفه الجليلة فليقرأ كتاب " الشيخ حسن آل الشيخ: الانسان الذي لم يرحل ،" للاديب الاستاذ -حمد بن عبدالله القاضي - ، فسيجد فيه من كلام الشيخ ما يلي:
المكارم والمفاخر يصنعها-رجال- مثلي ومثلك ، لا يختلف بهم عنا -خَلْق- ولا ينفرد بهم من بيننا تركيب، لكنهم استشعروا عمق مسئولياتهم ، وتمثلوا سمو مبادئهم، فاندفعوا بغية الوصول اليها ،،يرون في المشقة الملازمة لمسعاهم -وقودا- يدفع بعزائمهم الى الانطلاقة الكبرى ، ويشعرون بالمتاعب وقسوة واقعهم كفترة انتقال تسلمهم الى غيرها ،،حيث تلتقي بهم ثمرات كفاحهم ونضالهم ،
كما سيجد فيه :
الذين يحسدون بلادي على مكانتها هل يملكون صرف انظار المسلمين عن التوجه اليها في صلاتهم قبلةً للمسلمين في كل ارجاء الارض في كل يوم وليلة خمس مرات ؟ وهل يستطيعون الحيلولة دون قدوم مئات الآلاف من الحجيج اليها كل عام لتأدية فريضتهم وتقوية ايمانهم ؟،
وقد اعجبني من كلام الشيخ وخواطره السريعة في هذا الكتاب قوله: «اذا كنت قادرا على قول-نعم -فلا تقل -لا- واذا كنت محتاجا لقول -لا- فلا تقل -نعم-»، بعد،، فهذه اضاءة وذكرى وفاء اضيفها الى ما كنت قد سمعته او قرأته عن معالي الوزيرالراحل الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ رحمه الله ،
|
|
|
|
|