| الاقتصادية
يعتبر المجتمع السعودي بفضل الله ومنته من اقوى المجتمعات ميلا الى السلم وحالة الهدوء مما يجعل الاحداث غير الطبيعية التي تحدث بين الفينة والاخرى في هذا المجتمع مثارا للاستغراب ومدعاة للفضول الطامع الى معرفة كل تفاصيل هذه الاحداث غير الطبيعية، وتعتبر التفجيرات المتتابعة التي شهدتها المملكة في الفترة الاخيرة من اغرب الاحداث التي حرص الجميع على متابعة ومعرفة كل تفاصيلها خاصة ما يتعلق منها بجنسية الجناة والدوافع الفعلية التي تقف وراء ارتكاب الجناة لهذه الجريمة الغريبة عن المجتمع السعودي. ولكن وبفضل من الله سبحانه وتعالى استطاعت الاجهزة الامنية السعودية وخلال فترة قياسية القبض على الجناة وكشف اسرار الجريمة ودوافع المجرمين مؤكدة بذلك مقدرتها العالية على فرض اسباب الامن والامان ومثبتة للعالم رفض المجتمع السعودي لكل عمل اجرامي اياً كان مرتكبه واياً كانت دوافعه. وعلى الرغم من انه من غير المتوقع ان يكون لأي جريمة آثار ايجابية، الا ان هذه الجريمة ربما تكون قد ساهمت في إثبات العديد من الحقائق التي لم تكن في السابق سائدة في اذهان الغالبية ولعل من اهم هذه الحقائق الآتي:
1 المقدرة العالية للأجهزة السعودية والتي استطاعت في اكثر من موقف اثبات مقدرتها على التعامل مع ادق واغرب القضايا وهذا بدوره سيدعم ثقة المواطن بأجهزته الامنية ويخلق حائلاً معنوياً امام كل من يرغب في ارتكاب جريمة على الارض السعودية المباركة.
2 سلامة معدن المواطن السعودي الذي اثبت للجميع وفي مواقف متعددة حسن تربيته وقوة انتمائه لحكومته ووطنه خاصة بعد ان كشفت التحقيقات عدم تورط مواطن سعودي واحد في هذه الجرائم. ولعل حالة الفخر والاعتراز التي كان عليها صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز يحفظه الله عندما استعرض على الهواء مباشرة تفاصيل نتائج التحقيقات المتعلقة بهذه التفجيرات واثبت للعالم ان المواطن السعودي بريء من تلك التصرفات المشينة تعتبر وساماً من الدرجة الاولى على صدر كل مواطن سعودي.
3 ان الارهاب ملة واحدة لا يرتبط بجنسية او ديانة محددة كما لايرتبط بمستوى ثقافي او علمي معين. فقد شاهدنا جميعا البريطاني والكندي والبلجيكي الذين يصنفون من العالم المتحضر يعترفون امام العالم بتورطهم في تلك التفجيرات كما شاهدنا الدكتور والفني المدرب يقر بارتكابه للجريمة مما يؤكد للعالم بان الارهاب ليس حكرا على ابناء الامة الاسلامية والعربية وانما هو سلوك اجرامي ليس له جنسية محددة ولا خلفية فكرية معينة.
وهذه الحقيقة ربما تساعدنا جميعا على اعادة التفكير في تعاملاتنا مع الخواجة الذي ظل في السابق محل تقدير مطلق لا نقبل فيه تشكيكاً ولا يساويه في المقام قادم من بلد غير متحضر.
4 ومن الحقائق الهامة التي صاحبت الاعلان عن مرتكبي هذه الجريمة الاستقلال السياسي الذي تتمتع به المملكة العربية السعودية خاصة وان مرتكبي الجريمة ينتمون الى دول ذات نفوذ سياسي قوي ومؤثر على الساحة الدولية. فقد كان البعض يعتقد بان من الصعوبة على المملكة العربية السعودية ان تخضع ابناء تلك الدول القوية لاحكام الشرع المطبقة على غيرهم داخل اطار الحدود الجغرافية للمملكة. ومع ذلك فقد اكد سمو وزير الداخلية يحفظه الله للجميع بان الشرع يعلو ولا يعلى عليه وان الجميع امام احكام الشرع سواسية بغض النظر عن جنسية المجرم. ومما يؤكد الاستقلالية السياسية ايضا ان الحكومة السعودية لم تشعر الحكومة البريطانية حتى بموعد بث اعترافات المجرمين على الهواء مما يعني عدم قابلية المملكة لأي تدخل ايا كان نوعه وايا كان مصدره. يتبع
*أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية.
|
|
|
|
|