| مقـالات
ذكرت في المقالة السابقة بدهية مفادها أن التفاعل الفكري والحضاري «منظار ذاتي» يكشف للذات كوامن علل الذات فيدفع بالأمم إلى مراكز الصدارة ويمدها بالقدرة على «تصدير» الفائض سواء أكان فكراً أم بضاعة، وذكرت كذلك أن الأمم التي تصاب برهاب التفاعل الحضاري تنتهج الحذر حتى ينهكها الحذر فتركب صهوة التراجع غير مدركة أن في الانزواء عزلة، وفي العزلة ضوىً، مما يعني الاستيراد دون وعي بأن في الاستهلاك المادي استهلاكا ثقافيا حيث إن مفهوم الاستهلاك «المستورد» يتعدى حدود الاقتصاد ليتسلل قفزاً وراء أسوار ما هو مادي إلى ما هو ثقافي وما ذلك إلا لأن في كل سلعة مستوردة قيماً فكرية وأنماطاً سلوكية مستوردة هي الأخرى.
إن اللغة هي مقياس صحة تفاعل الشعوب حضاريا حيث إنها تحيا بالتفاعل وتذوي بالعزلة خصوصا انها وأعني اللغة ذات تأثير مركّب، مداً وجزراً وإيجاباًَ وسلباً، وذلك في أنها تلعب أدوار المتغير المؤثر والمتأثر: من ناقل حضارة ورُقي الى ناقل لفيروسات التخلف اعتمادا ًعلى نوعية وكمية التفاعل الحضاري من عدمه، مما يمنحنا دليلا آخر على أن المواكبة ومسايرة معطيات وحتميات الزمان والمكان في الثقافة وفي اللغة ذخائر صيانة وأسلحة دفاع عن الداخل ووسائل هجوم كاسحة. ماذا يحدث عندما يحدث العكس...؟ إنه في حال حدث العكس انكماشا وتقهقراً فإن النتيجة الطبيعية تسلل مفردات ومفردات لغوية فسلوكية لتحتل رغم أجنبيتها أفكار الناس وألسنتها لا لشيء سوى ان الطبيعة البشرية مفطورة على البحث عن البديل طالما لم يستطع الواقع الإيفاء بمتطلبات الإشباع فكرا وسلوكا.
إن وقوع العرب على طرفي نقيض يتمثل أحدهما في احتفائية البعض منهم بالدخيل ثقافة ولغة ويتجسد الطرف الآخر في العزوف التام من قبل بعضهم الآخر لأبلغ دليل على أن ثمة مشكلة تتعلق بالهوية الثقافية في أبسط صورها المجردة الأمر الذي يفرض التعامل مع الأسباب وليس النتائج، بل يحتم التدخل الجراحي الفوري في جوهر الثقافة العربية .. فالمسألة «علة باطنية!» لا صراع حضارات وكما يصمها البعض أحياناً وذلك لأن من شروط الصراع ليصبح صراعا حدوثه بين قطبين متكافئين في القوى والقدرات فكرا وحضارة.
تواصل:
الأخ «أبو عبد العزيز/؟!».. أعتقد أنني أجبت «خطّافيا!» على التساؤل المتعلق بظاهرة «تمدد المدن من ناحية الشمال» وذلك في مقالة شدو الخميس 7 من ذي القعدة، العدد 10353، تحياتي.
الأخ أحمد المبارك/ المدينة المنورة.. أحمد لك وطنيتك وأطمئنك في الوقت نفسه بأن بلدنا العزيز يحوي وللّه الحمد «أقل» المعدلات العالمية بالنسبة للظاهرة التي أشرت اليها، ولديّ الاحصاءات التي تثبت ذلك. شكرا مرة أخرى.
الأخ محمد الصيعري/ عنيزة .. شكرا على هديتك القيمة وجزاك اللّه كل خير.
للتواصل: ص ب 454رمز 11351 الرياض
|
|
|
|
|