| منوعـات
شركة المراعي لمنتجات الألبان بالخرج، واحدة من كبريات الشركات، التي يعود عملها على الوطن والمواطن بالنفع والفائدة.. وهي من المساهمات الوطنية التي يجب أن يشاد بها.. من باب للمحسن أحسنت ويدعا له بالتوفيق.
وإذا كان الملك عبدالعزيز رحمه الله قد حرص منذ بدأ مسيرته في توحيد البلاد، بالاهتمام غذائياً للمواطن، في بلاد متباعدة الأطراف، شحيحة الموارد المائية.. فإنه ببعد نظره، قد جعل الخرج الغنيّة بمواردها المائية، والقريبة من العاصمة الرياض، مركزاً لأول مشروع يوفر الغذاء.. لتوسطها ولجودة تربتها.
كما اجتهد في مواقف عديدة، بتوزيع متطلبات المواطنين بما يحتاجون اليه: طعاماً وشراباً، كما ذكر الزركلي في تاريخه: أن الملك عبدالعزيز، منذ دخل مكة والمدينة، وهو يمدّ المواطنين بالغذاء، وجعل فيهما أفراناً لتوزيع الخبز عليهم مجاناً.. وبذل جهداً كبيراً أيام الحرب العالمية الثانية، في توفير الغذاء للمواطنين، وقاية لهم من أضرار الحرب.
وبأعماله الكثيرة، بذر في المواطن، حبّ السّعي والتّعاون في هذا المجال، حتى لا يكون اتكالياً، آخذاً من مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما رأى رجلاً جلداً وفي عنفوان نشاطه وقوته البدنية، متفرّغاً للعبادة والتبتل ولا يعمل، فسأله من ينفق عليك، قال: أخي الذي يسعى على رزقنا جميعاً.. قال عمر: أخوك أعبد منك. فالملك عبدالعزيز رحمه الله ببعد نظره، وضع الأسس، وبنى القواعد، بما رسم من منهج، وما أوجد من تجربة، وجاء أبناؤه من بعده ليشجّعوا، ويسهلوا سبل العمل، بما وضعوا من تسهيلات مادية، وفنية ومعنوية. فانبثق عن ذلك مشروعات كبيرة، جيّدة في عطائها، حديثة في تكوينها، ومع نفعها الضروريّ، فهي مأمونة، بما استحدث فيها من سبل السلامة، عن ضرر يعود على المواطن في نفسه، أو بيئته.
ولما كان المثل يقول: ليس راء كمن سمع.. فإن شركة المراعي للألبان ومشتقاتها، التي توفر للمواطن في المملكة وخارجها غذاء من أهم متطلبات الجسم البشري، قد حظيت بشهادة الجودة العالمية )ISO9002( كأول مزرعة أبقار في العالم، تفي بشروط الجودة العالمية، حيث نالت هذه الشهادة بجدارة، مما أعطاها ثقلاً لدى المنظمات العالمية في الغذاء، وبين المصانع المماثلة.
ويعتزّ المهتم بهذه البلاد، ومشروعاتها التنمويّة، عندما يشاهد مثل هذا العمل، خاصة بعد أن زكِّي عالمياً..
تقع مزارع ومصانع الشركة على طريق الرياض حرض، بعد مدينة الخرج شرقاً بما يقرب من ثلاثين كيلاً، على مساحة كبيرة من الأرض زراعية جيدة العطاء.. وافرة المياه.. نقيّة الهواء والتربة.
وقد تهيأت منطقة المصانع لتكون مدينة صناعية، حيث يعمل بالمشروع ما يقترب من ألف موظف، أغلبهم فنيّون مدرّبون علمياً، على أحدث أساليب التكنولوجيا.. وللسعوديين نصيب لا بأس به في النسبة، قد هيء للجميع وسائل الاستقرار والراحة: في المساكن الجيدة للعوائل والعزّاب.. وبوسائل السلامة التي تطمئن العامل على نفسه ومن حوله، علاوة على الرعاية للأبقار، والمحافظة عليها في أي عارض، حيث يبلغ عددها أربعين ألف رأس )000.40( منها خمسة وعشرون ألف بقرة حلوب، تعطي مليوناً وأربعمائة ألف لتر من الحليب يومياً.. )000.400.1( لتر.
ولم يكن هذا التوفير خاصاً بالعاملين بالمشروع، حيث إن كل أعمالهم آليّ، مما يجعل أذهانهم قادرة على العطاء العقليّ، المقرون بالنتيجة المطمئنة.. وإنما وجد اهتمام كبير بالأبقار: صحياً وغذائياً، ونوع السلالة، وتكييفاً للجو.. مما يتوق لمثله كثير من شعوب العالم، وخاصة في العالم الثالث.. ولا يتهيأ لهم..
يبرز مثل هذا على سبيل المثال لا الحصر:
توزيع الأبقار الى مجموعات، كل مجموعة تعتبر مزرعة مستقلة، بجميع متطلباتها، وهذا من الاهتمام بالأمن والسلامة لهن، وتحسباً لأي أمر طارىء: فيروس، مرض ميكروب وغير ذلك، حتى لا تسرى العدوى فتضرّ بالمشروع، وليسهل العلاج والعزل في حدوث أي أمر طارىء، وحصر العدوى في أضيق نطاق أخذاً من المقولة: الوقاية خير من العلاج.
بل في كل مجموعة: توزيع أبقارها الى كتل منفردة في مأكلها ومشربها، وفي مواطن تعرّضها للهواء الطلق والشمس، وفي اتجاهها للمحلب، وفي الكشف الصحي الدوريّ بواسطة البيطريين المقيمين في المشروع باستمرار.
تعوّدت هذه الأبقار على النّظام، بما يشبه التنظيم العسكرى، فعندما تتحرك سيارة الغذاء، تتجه للمعالف في الوقت المحدد ولا تتزاحم، بل كل رأس يعرف مكانه لينال غذاءه.. ثم ينصرف بعدما يأخذ كفايته.
وعندما يحين وقت الحلب، تتجه مجموعات، بقدر ما يستوعب المحلب من جانبيه، حيث تتجه كل بقرة الى محلبها لتقف فيه وبعد الحلب الذي يتم آلياً، ينفصل المحلب عن الثدي، لكن البقرة لا تذهب، حتى يتم تعقيم الثدي، وانسداد فتحته بما يطهّر به من مواد صحيّة، تحافظ على الوقاية، بعد توفيق الله، وما ذلك إلا أنها درّبت على هذا العمل منذ ولادتها.
بعد انتهاء المجموعة الأولى من المحلب تنصرف، وتكون المجموعة التالية منتظرة الإذن، حيث يغسل المكان بالماء ويعقّم كاجراء وقائي، وهكذا تتوالى المجموعات في انتظامها وعطائها الغذائي.
جهّزت الحظائر بالتكييف الحراريّ صيفاً وشتاءً، والستائر التي تحافظ على درجة ثابتة آلياً ما بين 20 الى 25 درجة مئوية.. فالحرّ الشديد والبرد القارس يؤثر على سلامة البقرة، ونسبة الحليب الذي تعطيه كما يقوله المختصون بهذا الشأن.
رغم أن شركة المراعي لديها مزارع للألبان، إلا أنها تستورد نوعيات أخرى من الغذاء، مثل: رقائق الذرة، وعصير قصب السكر، وقصب السكر الخام، وبعض الأعلاف الجافة، فيتمّ خلطها جميعاً مع الأعلاف المزروعة بنسب معينة لكل نوع، في سيارات مجهزة لهذا الغرض.. وتخضع هذه الأعلاف للكشف الصحيّ أيضاً.
أما تلقيح الأبقار فيتم صناعياً، ولكل بقرة رقم ينبىء عن كل شيء عنها من الولادة حتى الإحالة للتقاعد بعد سنّ معيّنة من العطاء لتباع مع العجول الذكور للسوق المحلية.. كما تباع الأسمدة، بعد تقليب التربة، وتعويضها بتربة جديدة نقيّة.
أما الحليب ومشتقاته مما يصنع ويحافظ عليه، مما يهم المواطن، فإنه من ضرع البقرة، حتى يصل السوق التجارية، لا تمسّه اليد، ولا يتعرض للهواء.. حيث يسير آلياً، وتنفصل المواد عن بعضها حسب النوعيّة المرادة لكل نوع، في داخل المصنع.. وللوقاية فإن هذه المصانع الكبيرة العجيبة، يستخدم فيها آلية تعرف باسم C.I.P يتم بموجبها تنظيف الأنابيب، بعد كل عملية حلب، حيث تغلق المحابس آلياً، ثم يمرّ بها ماء مغلي أي بدرجة الغليان ومادة تعقيم للتأكد من تعقيم الأنابيب، لكيلا يبقى رواسب بعد عملية الحلب السابقة.
أما في عملية التصنيع، فإن المصنع بكامله، يخضع لرقابة دقيقة من الفنيين والمهنيين، وتنظيف دوريّ لإزالة كل ما يتوقّع من رواسب نتيجة دوران العمل.. ناهيك بالمعامل والمختبرات العاملة باستمرار لتسجيل النتائج عن الأعمال اليومية، ورصد ذلك في نتائج منظّمة، ترصد الوقائع المستمرة.
ولم تكن الوقاية خاصة بالأبقار ورقابتها والعناية بها، بل لا يسمح لمن يدخل للحظائر والمراعي، ولا المصانع، إلا بالوقاية التامة: تعقيماً ولباساً، ونظافة، سواء كانت سيارة عمل أو غيرها عند المدخل الرئيسي لكل نوع، أو عاملاً أو وزائراً.. بل إن العاملين يزاد في التحفظ بشأنهم، بوقاية للأذن، وغطاء للرأس، ولباس فوق الحذاء.. وكل أمورهم تخضع يومياً للتبديل والتغيير، بل مع كل وردية من ورديات العمل المستمر.
أما المياه فخوفاً من الاستنزاف للمخزون، فقد اتّخذت احتياطات مساعدة، تعين في تخفيف كثرة ما يستهلك، وذلك باعادة الاستعمال فيما يتعلق بالزراعة والنظافة، بعد إعادة التنقية والتطهير على أحدث المبتكرات.. أما ما يتعلق بغسيل وتنظيف الأنابيب في المحالب والمصنع، فإن الماء المكرر يضاف له محاليل مطهّرة، تمتزج مع الماء المغلي للتغلّب على أنواع من البكتريا قد يفترض وجودها.. ونعني بها البكتريا الضارّة، أما النافعة فهي لازمة لصناعة الحليب.
إن أنواع الغذاء الذي يبلغ 55 نوعاً تنتجها المراعي تتم في عملية آلية منتظمة، حيث تتم عملية البسترة، وذلك بتسخين الحليب ثم تبريده، في عملية الانتاج الرئيسية، حيث يتحكم في ذلك جهاز الحاسب الآلي بغرفة التحكم، وتنقسم خطوط الانتاج لأجزاءأساسية هي:
الحليب واللبن الزبادي والقشطة واللّبنة الحليب طويل الصلاحية العصائر الطازجة.
ومن هذه تتوزع الأنواع ال55، حيث تتم التعبئة لكل نوع آلياً بأحجامها التي يراها المستهلك في الأسواق بواسطة 25 آلة تعبئة.. وهي آلات ينبهر منها من يراها وهي تعمل، لما فيها من تعقيد، ودقّة في العمل، هي من النعم التي هيأها الله للعقل البشريّ، يجب أن يعرفها المسلم فيشكر الله عليها، ويسعى لملاحقة الآخرين في تصنيعها، حتى يدخل معهم ولصالح أمته في العمل بدل الاستهلاك.. منافسة ومشاركة في عمق العمل وأسراره.
إن الحديث عن مشروع المراعي، وما يقدمه القائمون عليه، من مساهمة في الأمن الغذائيّ، ليعجز عنه من رأى ذلك على الطبيعة.. فهو مفخرة من المشاركات النافعة، ذات الأثر في سلامة المجتمع، وصحّة الفرد، وكل قادر من الأفراد والجماعات مدعوّ، لأن يدخل الميادين الواسعة التي تشجّعها الدولة، وتعين عليها.. لما لها من مردود بارزة آثاره على جميع المستويات، خاصة عندما يحالف العمل إخلاص وصدق ونصح.. فإن الله يهيىء الأسباب، ألم يقل صلى الله عليه وسلم:)نعم المال الصالح عند الرجل الصالح(.
|
|
|
|
|