أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 19th February,2001 العدد:10371الطبعةالاولـي الأثنين 25 ,ذو القعدة 1421

محليــات

حديث الأوفياء
3
علي بن محمد النجعي
كانت مائدة الغداء الطيبة والكريمة التي قدمت من قبل بعض أهالي بلدة -تمير- الكرماء الطيبين والذين كنا في ضيافتهم خلال هذه الرحلة قد قطعت حبل كل الأفكار والمساجلات الأدبية: حيث هب الجميع لتناول الطعام على البساط الربيعي الأخضر وسط اشادة كبيرة بكل ما قدم من أنواع الطعام والفاكهة على هذه المائدة.
وبعد الغداء مباشرة، والشمس ما زالت حية لامعة. لمحت عن بعد -اللاندكروزر- وعليه أربعة من المدعوين الرئيسين في هذه الرحلة.. رأيتهم وهم يستعدون للمغادرة.. ومع احساسي بشيء من الغرابة لعزمهم مغادرة هذا الموقع الجميل في مثل هذا الوقت المبكر.. ذهبت اليهم لتوديعهم.. فإذا بهم يقولون: إننا ذاهبون ناحية الشرق والطريق غير مسفلت. وقد لا نعود إلى الرياض إلا بالليل.. فإن أردت مخاواتنا.. الله يحييك.. وخل احد الزملاء يعود بسيارتك -الصغيرة- الى الرياض ولعلمي بوجود الهاتف الجوال المربرط بالأقمار الصناعية مع أحدهم وافقت على مرافقتهم وترك سيارتي في الموقع مع أحد الزملاء وفي الطريق شرقا مر بنا -الجيب- على العديد من مناظر الربيع و -الصهود- المخضرة الجميلة. وكنا على طول الخط نشير.. مع عبارات التعجب والاستحسان الى العديد من المناظر الخلابة الرائعة التي تزهو بها هذه المواقع الربيعية والى الأعداد الكبيرة من ماشية الإبل والأغنام التي توجد بهذه المنطقة.
ومع هذا الاحساس الرائع الذي كنا نشعر به ونتفاعل معه على طول ممشانا عبر هذا الطريق وقد بدأت شمس الأصيل تتكسر على أعالي كثبان النفود الحمراء مما زادها لمعانا واحمرارا الى حمرتها ورونقا رائعا على جمالها الفاتن الأخاذ.. مر بنا هذا الطريق غير المعبد على ما يشبه مجمعا كبيرا للنفايات وأكياس -القمام- الملقاة في البر دون تحديد أو ترتيب أو أي عناية مما كان بمنزلة القذى في العين والنقطة السوداء في الجبين الابيض.. وهنا ترتفع أصواتنا لتقول: ان هذا ظلم للطبيعة وخطأ فادح يرتكبه الإنسان ضد براءة هذه الأماكن السياحية الجميلة.. متمنيا لو كان هناك نوع من الترتيب أو الإشراف على تنظيم المخيمات واستخدام هذه الأماكن لقضاء الإجازات وأيام العطل الأسبوعية.. ورغم تأثرنا الواضح بما رأته عيوننا من منظر النفايات وأكياس القمامة الملقاة على الأرض وقد دفنت الريح اجزاء منها تحت الرمال الا ان ذلك لم يشغلنا عن متابعة الاستمتاع بمشاهدة الاخضرار على الارض وخيوط اشعة الشمس الذهبية وهي تنعكس هنا وهناك على كثبان النفود الرملية التي اخذت ترتسم امامنا بكل جلاء ووضوح.
وبعد ان قطعنا حوالي ثلاثين كيلو مترا من السير شرقا في طريق رملية غير معبدة ظهرت لنا من بعيد - روضة التنهات- بساطاً اخضر وعلى تعبير -البحتري- -وشيا منمنما- وقد تجمع حولها وفيها اعداد كبيرة من العوائل السعودية لقضاء اجازة نهاية الاسبوع.
ولأن الشمس كانت تنحدر بسرعة نحو المغيب فقد واصلنا السير حيث التقينا مع الخط المسفلت الذي يصل هذه الروضة بمدينة الرياض.. وقدقامت حوله وعلى جوانبه بعض -الأسواق- الصغيرة والمحدودة لبيع -الفقع والاقط والسمن- وبعض أشياء البادية الأخرى.
ومع سعادتي الشخصية باشتراكي في هذه الرحلة الممتعة التي بدأت بدعوة كريمة من أحد زملائنا الإعلاميين من بلدة -تمير- ومع ما سجلته من المشاعر والانطباعات الطيبة عن المنطقة وأهلها وما لها وفيها من امكانات أكيدة وواعدة لجلب -السياح- حتى من الخارج كان لي هذه الملاحظات.
أولا: ان معظمنا، على الطرق السريعة، ينسى خطورة السرعة وما قد تسببه من الحوادث الشنيعة لا سمح الله لقد شاهدت معظم السيارات على الخط السريع: الرياض القصيم تتعداني حتى ولو كانت سرعتي تتجاوز المائة والأربعين كيلو مترا في الساعة مما يعني عدم قدرتنا في كثير من الأحيان على ضبط أنفسنا ومراقبة سرعتنا على هذه الخطوط الطويلة عندما نكون في احسن حالات السفر لدينا وخاصة عندما لا تكون هناك علامات أو -لوحات- لتحديد السرعة وانذارات كشفها بالرادار.. وفي الاثر: ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزعه بالقرآن.
ثانيا: ان الهاتف الجوال اصبح مهما في حياتنا، وانه من الصعوبة الاستغناء عنه لارتباطنا الذهني والنفسي بهذه الآلة الصغيرة.. حتى مع وجود الاتصالات الثابتة الأخرى. تجدنا دائما ننظر الى الهاتف الجوال على انه وسيلة اتصال سريعة وضرورية لكل الظروف والمناسبات.. وكم كانت سعادتنا غامرة وكبيرة جدا عندما بدأنا نتحدر مع جبال -الطوقي- في طريقنا الى مدينة الرياض حيث بدأت أجهزة الجوال لدينا تلتقط الاشارة شيئا فشيئا.. وحيث انطلق كل واحد منا يتصل ويسأل وكأنما كنا قادمين من كوكب آخر.
ثالثا: إن المملكة العربية السعودية تحتضن في ربوعها العديد من الأماكن الجميلة التي من الممكن اعدادها اعدادا سياحيا على مستوى المملكة وخارجها. كما انه من الممكن تهيئة هذه الأماكن واعدادها لاقامة المخيمات وقضاء النزهات أيام العطل والاجازات الاسبوعية خاصة في فصل الربيع وعند نزول الامطار، كما انه لا يجوز ترك هذه الأماكن والمتنزهات الجميلة لعبث الناس وتشويهها برمي المخلفات والنفايات هنا وهناك بدون تحديد أماكن لوضع هذه المخلفات على النحو الذي كنا قد رأيناه حين المرور به في هذه الجولة.
رابعا: اننا كمواطنين مقصرين للغاية في التعرف علي بلادنا والبحث عن مواطن الجمال وهي كثيرة فيها، .. لقد كانت هذه الجولة لمنطقة شمال الرياض هي الأولى بالنسبة لي.. وقد كان العديدمن الزملاء الذين قابلتهم أثناء هذه الرحلة يقولون نفس الشيء.. الكل مقصر ومعظمنا يعرف الكثير عن العديد من البلدان الأجنبية في أوروبا وأمريكا مع انه لا يعرف الا القليل أو قد لا يعرف شيئا عن مناطق بلاده. وهو أمر يجب ان يعالج عن طريق تهيئة هذه الأماكن لاستقبال السياح والزائرين خاصة في مواسم الربيع وحسب طبيعة وأجواء كل منطقة من مناطق المملكة، مع العمل على صيانة هذه الأماكن وتنظيم الرحلات والزيارات اليها.
ومرة أخرى أشكر لمن أتاح لي هذه الفرصة لزيارة هذه المنطقة زميلنا الإعلامي من بلدة -تمير- الاستاذ عبدالله بن إبراهيم العثمان.. ولنا لقاء آخر قادم إن شاء الله. مع تحياتي

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved