| مقـالات
كانت الأستاذة الكريمة هتون الفاسي طالبة دراسات عليا في قسم التاريخ بجامعة الملك سعود، الذي سعد كاتب هذه السطور بالانتماء اليه طالبا ثم عضو هيئة تدريس.
وكان الذين درّسوها، سواء من هم في هذا القسم او في قسم الآثار والمتاحف، يكادون يجمعون على انها ممن يرجى لهن مستقبل مثمر في مجال البحث العلمي، وذلك لما كانت تمتاز به من شخصية محبة للمناقشة غير آخذة ما تسمعه، أو تقرأه بالقبول والتسليم الا بعد تمحيص وتدقيق.
وكتاب الاستاذة هتون، الذي تتناوله هذه القراءة، كان في الاصل رسالة ماجستير نوقشت واجيزت عام 1412ه .
ثم صدر كتابا بعد ذلك بعامين. ويتكون من 384 صفحة، مشتملة على اهداء، فشكر وعرفان، فتقديم بقلم المشرف على تلك الرسالة، الاستاذ الدكتور عبدالرحمن الطيب الانصاري، فمقدمة للباحثة، فقائمتين بالاختصارات المستعملة في الدراسة، فتوطئة جغرافية، ثم فصول ستة، فخاتمة، فجداول باسماء ملوك وملكات في المناطق التي درستها، فخرائط، فصور واشكال لبعض ما تناولته الدراسة، ثم قائمة بالمصادر والمراجع.
ولقد جاء إهداء الاستاذة هتون من الطف ما قرأت واحسنه ايجازا، فنصه:
«إلى من لايوفي حقهما شكر ولاثناء.. إلى أمي وأبي.» وما جاء شكرها وعرفانها لمن ساعدوها من افراد ومؤسسات علمية باقل من اهدائها لطفاً وحسنا.
وكما كان متوقعاً أتى في طليعة من شكرتهم واعترفت بجميلهم افراد اسرتها والمشرف على رسالتها، الذي عبّرت عن شكرها وتقديرها له بقولها:
«لطول صبره ومتابعته المتأنية لتقويم عملي وتصحيحه دون ان يبخل علي بعلمه او نصيحته سواء في حسن الاشراف والتوجيه او في تدريسه إياي نصوص المسند الجنوبية والشمالية.»
وكان ممن اشادت بتعاونهم معها الشيخ حمد الجاسر رحمه الله الذي اسبغ عليها نصحه وتوجيهه وجاد عليها باطلاعها على مكتبته الغنية.
وبالاضافة الى شكرها من تعاون معها من الاساتذة كالدكتور سليمان الذييب والدكتور خليل المعيقل، لم تنس شكر زميلاتها حينذاك على تعاونهن معها، «خصوصاً من كان لهن السبق في مجال التاريخ القديم مثل نورة النعيم، وعواطف سلامة، ونايفة سلطان»، وميساء الخواجا من قسم اللغة العربية التي قرأت الرسالة وراجعت لغتها.
واختتمت شكرها وعرفانها للأساتذة الدكاترة الذين ناقشوا رسالتها، وهم هشام الصفدي، ومصطفى كمال عبدالعليم، وعاصم برغوتي، وعبدالله آدم نصيف.
واذا كانت الدراسات العليا شاقة بالنسبة للطلبة فما بالك بمشقتها بالنسبة للطالبات؟
أما أن تخصص الطالبة بدراسة التاريخ القديم بما يحتمه هذا المجال من متطلبات فأمر لا تقوم به إلا ذوات العزم القوي والطموح الفائق.
ولقد تحدثت الاستاذة هتون في التوطئة عن الخصائص الجغرافية لشمال غرب الجزيرة بما في ذلك وادي عربة، والصحراء الشرقية وحوران، وسيناء، والنقب.
وتناولت في الفصل الاول الحالة السياسية في المنطقة قبيل الغزو الفارسي لها، متحدثة عن بابل، وسوريا، وشمال بلاد العرب وجنوب بلاد العرب .
كما تناولت الحالة السياسية خلال الفترة الفارسية وما بعدها في كل من ددان، ولحيان، ومعين، والممالك الهلنستية، والانباط. اما الفصل الثاني فتكلمت فيه عن المجتمع من حيث مفهوم النظام الاجتماعي ومن حيث النظام الاجتماعي نفسه بما فيه من عناصر وطبقات.
واما الفصل الثالث فتناولت فيه التشريعات والقوانين الخاصة بالامور الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بكل ابعادها.
وكتبت في الفصل الرابع عن الوضع السياسي والاقتصادي والصناعي.
واما الفصل الخامس فتحدثت فيه عن الديانة بكل تفصيلات الامور المتصلة بها.
وجاء الفصل السادس متناولا مظاهر حضارية معينة في طليعتها الفنون والادب، والموسيقى، والاعياد، وعادات الحرب، والازياء، ورموز المدن.
وكانت الخاتمة كما هو متوقع رصدا لما توصلت اليه الدراسة من نتائج. وتلا الخاتمة كما ذكر سابقاً جداول، وخرائط، وصور، واشكال، ثم قائمة بالمصادر والمراجع.
والجهد المبذول في الكتاب «الرسالة»، بحثا، وتدوينا، وعرضا، وأسلوباً، جهد واضح المعالم. وليس هذا بغريب على باحثة جادة حظيت بمشرف جليل يشهد الكثيرون بعلمه الغزير.
وقد اعتمدت مادة الكتاب بالدرجة الاولى على نقوش المنطقة المدروسة، ثم على آراء من تحدثوا عنها مع مناقشة هذه الآراء أحياناً. ومن هو مثلي لا يعرف شيئاً من الكتابات او اللغات القديمة، بل ولم يقرأ كثيرا عن تاريخ الفترة التي تناولتها الدراسة، ولا يستطيع حتما ان يبدي رأيا حول دراسة اعتمدت كثيرا على تلك الكتابات او اللغات، لكن ادراكي للمقدرة البحثية لدى الاستاذة هتون، وتفوق المشرف على رسالتها، اضافة الى مكانة من اشتركوا في مناقشتها، يوفر الثقة بجودة تناول الموضوع الاساسي للكتاب.
على ان هناك مسائل فرعية، او ثانوية، وردت في مواضع من هذا الكتاب يمكن للقارىء غير المتخصص ان يدلي بدلوه حولها، وان يشير الى انها لو زيد الاعتناء بها لازداد ما كتب جمالا وحسنا. وهذا ما سأبدأ بإيراده في الحلقة
عبدالله الصالح العثيمين
|
|
|
|
|