| العالم اليوم
أول الغيث قطرة.. ليس هذا فقط في الأحوال الجوية.. ولا تعبيراً.. عن ظاهرة مناخية بل ايضا يمكن اعتباره مؤشراً لمتغير يتشكل سواء في الاحوال العامة، أو في العلاقات الدولية.
والغيث الذي نأمل ان يتحقق بحصول توازن امريكي في علاقة الولايات المتحدة الامريكية بإسرائيل.. وعلاقتها بالدول العربية والدول الاسلامية.
وقبل ان نتحدث عن )القطرة( التي لمسها المراقبون في واشنطن وتنبه لها الإسرائيليون، لابد من الاشارة الى أن الموقف الامريكي وبالذات الادارة الامريكية السابقة.. ادارة كلينتون لم تكن منحازة لاسرائيل فحسب، بل كان من الصعب التفريق ما بين المصلحة الاسرائيلية والمصلحة الامريكية ان لم تكن المصلحة الاسرائيلية مقدمة في مواضيع عديدة لا مجال لسردها هنا بالاضافة الى ان الذاكرة العربية لايمكن ان تنساها لان الوقت لايزال قريبا..!!
المهم الميل الامريكي والانحياز المطلق لإسرائيل الذي طالما اشتكى منه الفلسطينيون والعرب عموماً.. ونبه له العديد من المسئولين في الدول الاسلامية.. هذا الميل الذي وان كنت احب ان اسميه باسمه الحقيقي الانحياز لاسرائيل.. قد اصبح عبئا على السياسة الامريكية، فبالاضافة الى تآكل مصداقية السياسة الامريكية في المنطقة العربية والاسلامية، وزيادة النفور في الاوساط العربية والاسلامية الى حد الدعوة الى مقاطعة البضائع الامريكية.
بالاضافة الى كل هذا أصبحت اسرائيل هي الأخرى عبئاً على الولايات المتحدة الامريكية، فنتيجة اعمالها القمعية واستعمالها للاسلحة الامريكية جعلت من واشنطن شريكة في اعمالها حتى وإن لم ترسل جنديا من جنودها في اعمالها القمعية، ولكن السماح باستعمال اسلحة وطائرات ضد مدنيين يحمّل امريكا مسؤولية ادبية وأخلاقية وسبق لدول اخرى منع ارسال اسلحة لدول استعملتها ضد المدنيين والمتظاهرين هكذا فعلت ألمانيا مع تركيا.
كل هذا وبعد كل ما تلقته الادارة الامريكية الجديدة من تقارير من سفاراتها في المنطقة وما سمعته من العديد من القادة العرب والمسلمين، وما تتابعه مما يجري على الأرض الفلسطينية من احداث وافعال جعلت اركان الادارة الجديدة يكشفون عن )القطرة( التي بدأت بها المقال، فالرئيس الامريكي جورج بوش وفي شجبه لاعمال العنف التي تحصل ساوى بين مسؤولية الاسرائيليين والفلسطينيين حيث قال بالنص: «كما ابلغت رئيس الوزراء باراك بأن دائرة اعمال العنف المأسوية والردود عليها بين اسرائيل والفلسطينيين، خصوصا التصعيد الذي حدث هذا الاسبوع، ينبغي ان تتوقف، انني احث جميع الاطراف على فعل اقصى ما يمكنها لوقف العنف».
وربما يلاحظ القارىء ان الرئيس جورج بوش لم يحذ حذو الرئيس السابق كلينتون الذي كان يضع المسؤولية دائماً على الفلسطينيين في اثارة العنف ويطلب من عرفات وحده وقف هذا العنف.
الموقف الامريكي الجديد هذا لم يقتصر على تصريحات الرئيس فقط، بل شملت مواقف احاديث لاركان الادارة الجديدة وتسربت معلومات يتداولها الصحفيون في العاصمة الامريكية ان الوفد الاسرائيلي الذي ارسله آرييل شارون للولايات المتحدة لمقابلة المسؤولين الكبار، سمعوا من وزيرالخارجية كولن باول ومن مستشارة الأمن القومي كوندوليزا انتقادات حادة لتصرفات القوات الاسرائيلية سواء في تنفيذها لعمليات اغتيال لعدد من نشطاء الانتفاضة الفلسطينية أو عناصر الامن الفلسطينية باستعمال طائرات مروحية امريكية، او ماتقوم به الحكومة الاسرائيلية من تضييق وحصار اقتصادي وصل الى حد تجويع الشعب الفلسطيني.
المهم الموقف الامريكي في بداياته مرشح لتطور اكثر لان حالة التأزم التي تعيشها المؤسسان العسكرية والسياسية في الكيان الاسرائيلي ستدفعهما الى ارتكاب مزيد من الاخطاء من خلال تصعيد اعمال القمع والارهاب التي تقوم بها سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
لمراسلة الكاتب
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|