| الاخيــرة
* البروفيسور، موريس أدلمان، اقتصادي نفطي شهير، كان يدرِّس اقتصاديات النفط، والطاقة، في معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا، خلال السبعينيات وربما الثمانينيات أيضاً.
* لا أعرف إذا كان لايزال على قيد الحياة، ولكنني، أذكر ان كتابه )سوق البترول العالمي( ، كان كتاباً مهما، ومفيدا لنا، ونحن نحضّر، للدراسات العليا في الولايات المتحدة الأمريكية، في فترة، كانت أزمة النفط في أوجها. والنقاش محتدّاً، حول القوة الهائلة التي كانت تمتلكها أوبك وتمارسها على السوق والاسعار، والاقتصاد العالمي.
* كان أدلمان يهوديا، ولا أعلم، إن كان صهيونياً، ولكن الأجواء كانت ملتهبة، والنفوس مشحونة ضد العرب، واللعنات، تمطر من كل جانب، ولم يكن من المهم جداً، في تلك الظروف، معرفة الهوية السياسية، او الخلفية العنصرية، للمشاركين في السِّباب، لأن الجميع كانوا، يَبْدُون على نفس الدرجة من السُّوء.
* وفي الوقت الذي كانت الدعوة، إلى التخلص من الشركات البترولية العالمية، في مناطق الامتياز النفطي، تلقى، معارضة، واستهجاناً لدى الدوائر الغربية، سياسية واقتصادية، كان مُوريس أدْلمان هو، الصوت النَّشاز، والغريب.
* كان، من المؤيدين لخروج الشركات النفطية من مناطق انتاج النفط، ورغم ان أكبر تلك الشركات كانت شركات اميركية، إلا أنه كان يعتقد، بأن السيطرة الكاملة لدول الأوبك، على انتاج النفط، وتسويقه، سيعود بمنافع كبيرة على المستهلكين، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية، تخصيصاً.
* لم يكن، البروفيسور بالطبع وطنيا نفطيا من العالم الثالث. ولم يكن من المتعاطفين مع رئيس الوزراء الايراني مصدَّق، أو مع وزير النفط السعودي الأسبق، عبدالله الطريقي، ولم يكن حتى يشعر بأية ألفة مع النظرة المعتدلة، والمتأنية للاستاذ أحمد زكي يماني، كان أحمد زكي يماني، في تلك الفترة، عدوَّه اللَّدود.ولكن أدلمان، كان عنده تفسير خبيث، وراء موقفه المؤيد، للملكية الوطنية الكاملة، لانتاج النفط وامتيازاته.
بعض شركات النفط العالمية في ذلك الوقت، كانت متواجدة على نحْو أوآخر، في أكثر من منطقة امتياز، وكانت نفس الشركة ممثلة في أكثر من مجلس ادارة للامتياز النفطي في أكثر من دولة نفطيَّة. ولذلك كان من الأسهل الالتزام بكميات الانتاج المتفق عليها. ذلك الحضور المزدوج، كان يكفل رقابة فعّالة على تطبيق نظام الحصص الانتاجية، المقررة لمناطق الانتاج النفطي في العالم، وإذا أضفنا إلى ذلك سيطرة هذه الشركات على نقل النفط وتكريره، ظهر لنا نظام احتكاري، نفطّي، فعَّال.
* لهذه الأسباب، كان أدلمان يعتقد بأن اخراج هذه الشركات، من مناطق الامتيازات النفطية لدول الاوبك، سيحدث شرخاً كبيرا في جدار الاحتكار النفطي، لمجموعة الاوبك، وسيقضي على نظام الرقابة المزدوجة، وسيترك كل دولة نفطية بمفردها، معزولة عما تدبر الدولة الأخرى، ولن يكون في مقدور هذه الدول، منفردة ومعزولة عن المعلومة الحقيقية للانتاج، في الدول الاخرى، مقاومة الإغراء، في اختراق نظام الحصص، والغش، في كميات الانتاج.
* كانت نظرية أدلمان تقوم على نزعة الغش والمخالفة التي تحكم السلوك في نظام احتكار القلة، عند غياب رقابة فعَّالة.
* وكانت تستند الى عدم قدرة اوبك على تطبيق نظام انتاجي يكفي مصلحتها، مجتمعة لأن جشع دولها منفردة، سينسف هذا النظام.
* عندما قررت اوبك في العام الماضي تخفيض الانتاج، بعد وصول سعر البرميل إلى أقل من عشرة دولارات، كان السوق يراهن على نظرية أدلمان.
* وبعد صمود، أوبك والتزامها، بحصص الانتاج، ومراوحة السعر حول الثلاثين دولاراً، للبرميل، لايزال السوق يراهن على نظرية البروفسور أدلمان.
* والكرة حقيقة لاتزال في ملعب الأوبك، وكذلك كسب الرهان.
|
|
|
|
|