| المجتمـع
حوار رياض العسافي:
يمثل جهاز التوازن داخل جسم الانسان أهمية كبيرة لتوازن الانسان واعتداله في مشيته ووقوفه ويتصل هذا الجهاز العجيب الذي لا يتجاوز حجمه طرف الأنامل بدهليز توجد فيه خلايا اخرى متخصصة لأوضاع مختلفة للجسم في الفضاء كما ان هناك اشارات دقيقة ترسل للمخ للقيام بواجبه في حركة ديناميكية معقدة صنعها الخالق سبحانه وتعالى.. والجزيرة استضافت استشاري الأنف والاذن والحنجرة بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض الدكتور خالد طيبة مقتحمين معه هذا العالم الغريب المجهول عبر الأسطر التالية:
تعريف الدوار
الدوار هو تعريف للخلل الذي يصيب جهاز التوازن عند الانسان، ويشعر فيه المريض بأن ما حوله من الأشياء او الجدار او الأرض وكأنها تتحرك من مكانها وتدور أمام ناظريه او انه يشعر وكأنه في مركب في عرض البحر وينتج ذلك الإحساس بالسقوط وبالفعل يميل المريض الى أحد جوانبه ويسقط على الأرض نتيجة لذلك وقد يصاحب الدوار او الدوخة شعور بالغثيان او انه يصاب بالقيء مع فتور في الجسم وعرق ورهبة مما يحصل له ويدفعه الخوف المتنامي لزيادة في اضطرابات المشاعر الناتجة عن هذه الحالة، وكل ذلك مرجعه خلل وظيفي في جهاز التوازن في الاذن الداخلية وعادة ما يكون مفاجئا.
ثلاثة أنابيب
وعن جهاز التوازن ووظيفته داخل جسم الانسان يقول د.طيبة يتكون جهاز التوازن من ثلاثة أنابيب نصف دائرية متعامدة على بعضها بحيث تعطي تغطية شاملة للأبعاد الثلاثية في هذا الفضاء وهي المستوى الرأسي والأفقي والخلفي وبداخل هذه الأنابيب الهلالية او النصف دائرية يوجد سائل والذي عند تحريكه يتم تنبيه الخلايا الحسية الخاصة بالتوازن والتي بدورها تبعث باشارات كهربية من خلال عصب التوازن الى المراكز العليا في المخ وحجم هذا الجهاز العجيب لا يتجاوز أو أقل من طرف الأنامل.
إشارات إلى المخ
ويضيف د.طيبة ان هذا الجهاز متصل بالدهليز الذي يوجد به خلايا أخرى متخصصة لأوضاع مختلفة للجسم في الفضاء او اتصال الانسان بالجاذبية على سطح الأرض ومع وجود خلايا حسية في باطن القدم والتي ترسل اشارات الى المخ بالتصاق الانسان بسطح الأرض مع الاشارات المنبعثة من العين لتحديد الاتجاهات والرؤية لما يدور حولنا، كل ذلك يقيم في المراكز العليا في المخ ويجعل الجسم منتصبا او قاعداً او نائماً او متحكماً في أوضاع مختلفة كالألعاب الرياضية الشاقة او كما يحدث عند الطيران في الفضاء.
ميزان دقيق
وعن الإشارات ومدى اختلافها من الجهة اليمنى عن اليسرى قال د.طيبة بأنهما متعادلان ككفتي ميزان دقيق تقيمان صلب الانسان فيكون معتدلاً في مشيته وعند وقوفه كما قال تعالى «يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك» فاذا اختلت هذه الكّفة بسبب من الأسباب كالتهاب جهاز التوازن او بسبب حادث او اختلال الضغط في الأنابيب كمرض «فينوز» او بسبب خطأ في احراء العمليات الجراحية في الأذن، كل ذلك قد يؤدي الى ان جهاز التوازن يبعث باشارات غير متعادلة من الجهتين او من جهة واحدة ويسبب ذلك اضطرابا في وظيفة المراكز العليا والتي بدورها تصدر اوامر او أمراً الى جهاز العمود الفقري والأطراف والعضلات ويؤدي ذلك الى اختلال التوازن وسقوط المريض او عدم مقدرته على الحركة.
الدوخة عند ركوب الطائرة
وعما اذا كانت هناك أسباب أخرى لحدوث الخلل غير عضو التوازن قال د.طيبة نعم قد يكون الخلل ليس في عضو التوازن انما يكون في المراكز العليا كالأورام خاصة الورم الليفي الحميد في عصب التوازن او الأمراض العديدة الأخرى والتي تصيب المخ ومراكزه العليا، ونبه د.طيبة بأنه يجب ان نفرق بين الدوار الانفعالى وسببه الحركة وتعرض المريض للدوخة عند ركوبه الطائرة او الباخرة او السيارة وذلك عائد الى حساسية جهاز التوازن المفرطة وعدم المقدرة على إحباط الاشارات المرسلة الى المخ عند تتابع المشاهد المتحركة او الاهتزاز المتواصل كما في البحر والذي ينبه أنابيب جهاز التوازن وبشكل متواصل وبالتالي تحدث الدوخة ولا يعتبر ذلك مرضا ويمكن التحكم فيه بالمران او بأخذ الأدوية الخاصة بالتحكم في الدوار.
تخطيط سمع وأشعة للمخ
وعن تشخيص المرض يقول د.طيبة انه في البداية يؤخذ التاريخ المرضي للمصاب بعناية ودقة وذلك بتوجيه اسئلة معينة تستعرض فيها الأسباب المحتملة السابقة الذكر ثم يتم الكشف على المريض عن طريق أخصائي جراحة وطب أنف وأذن وحنجرة ويطلب المريض عادة ان يصف كيفية حدوث وماهية الدوار وزمنه وما ينبه الدوار ما الذي يثبطه وما يصاحبه من غثيان او طنين في الأذن وضغط او ضعف في السمع وما الى ذلك ثم ينتقل الأخصائي الى طلب تخطيط بجهازي السمع والتوازن وعمل أشعة الرنين المغناطيسي لعظمة الأذن والمخ والتي بدورها توضح فيما اذا كان سبب الاصابة ناتجاً عن وجود ورم ليفي حميد على عصب السمع والتوازن وهو العصب الثامن، وعن طريق الرنين المغناطيسي يتم استبعاد هذا الاحتمال بدقة كبيرة.
إشارات خاطئة من المخ
وعن استئصال الورم جراحيا يقول د.طيبة اذا كان سبب الدوار هو وجود ورم ليفي فان استئصاله يتم عن طريق تعاون جراح المخ والأعصاب مع طبيب الأنف والأذن والحنجرة ونتيجة ومضاعفات مثل هذه العملية يعتمد بالدرجة الأولى على حجم الورم ومدى تأثر السمع وبالتالي طريقة استئصال الورم جراحيا تختار بعناية وقد يطول شرح هذا الأمر في هذه العجالة.
ويضيف د.طيبة عند حدوث الإصابة بالدوار فان المريض ينصح بالراحة التامة وعدم الحركة وأخذ المسكنات الخاصة بايقاف حدوث الدوار وتثبيط المخ من ارسال اشارته الخاطئة الى الجسم وبالتالي يهدأ المريض ويخلد الى الراحة لعدة أسابيع حتى يتم استدراك الأمر في المخ والذي بالتدرج يخفف من ارسال إشارته الى الجسم حتى يستعاد التوازن او كفتي الميزان بين جهازي التوازن في كل جهة من عظمتي الأذن الداخلية، وبعد ذلك يتم النظر في الأسباب والبدء في التشخيص بعد عدة أسابيع، ونادرا ما يحتاج المريض الى الدخول في المستشفى لأخذ المغذي في الوريد وبسبب عدم السيطرة على القيء وبسبب الدوار.
|
|
|
|
|