| مقـالات
منذ اللحظة الأولى التي درجنا فيها على هذه الأرض عرفنا كلمة «شهادة».. شهادة «وثيقة».
كلمة أصبحت سمة لإنسان المدينة المتحضر وهي ترافقه من المهد إلى اللحد.
هي الاعتراف الأول بوجوده واحداً من افراد هذا المجتمع من خلال شهادة الميلاد.. ثم تأتي بعد ذلك شهادات التطعيم على اختلافها والتي تبدأ معه رضيعاً في أشهره الأولى.. ثم تجمع هذه الشهادات لتقديمها إلى المرحلة الدراسية الاولى لتكون عتبة لدخوله السنة الأولى الابتدائية.. ومن دونها لن تقبله مدرسة ابداً..
وهذه هي اللوائح النظامية المتعارف عليها في كافة أنحاء العالم .. بعد ذلك تأتي شهادة حسن السيرة والسلوك.. وشهادة خلو من الأمراض.. وهلم جرا.. ثم تتسلسل هذه الشهادات في كافة المراحل الدراسية الى شهادة الدكتوراه وما بعدها.. وتصبح مطلباً حضارياً ومدخلاً للموظف كي يقبل في الوظيفة .. وتصبح المؤهلات والدورات التدريبية التي يتلقاها الشخص من أهم معايير المفاضلة بينه وبين الآخرين ، وهي التي تصادق على كلامه ولو تحدث عن نفسه وعن انجازاته من الآن حتى الغد ولم يرفق ذلك بشهادات ثبوتية توثيقية. فإن كلماته ستتحول اسطوانة مشروخة لن يلقي احد اليها بالاً!
تلك حقيقة أكيدة ماثلة للعيان..
فماذا إذاً لو سمعت من يتحدث عن فلان من ا لناس قائلاً:
بالله .. ليس أكثر من شهاداته ولكن القضية ليست قضية شهادات؟!
الأمر هنا لا يحتاج إلى ذكاء كي تستشف من قوله تلقائياً ان هناك ملاحظات على هذا الشخص وأن هذه الشهادات مجرد مجموعة أوراق تحوي كلاماً هامشياً لا أثر له على أرض الواقع.. بل إنك تأسى وتتساءل لماذا منحت له هذه الشهادات؟!
وهذا في الوقت ذاته يؤكد أكثر من دلالة.. إما أن هذه الشهادات مزورة قد قام صاحبها بتزويرها.. أو أن من منحوها له قد اتفقوا جميعاً على هذا التزوير لأن لهم مصلحة من وراء ذلك..!!
الأمر الآخر أن هذا القول يعني طعناً في سلوك هذا الشخص في وعيه وإدراكه لما حوله.. وحين لا يوجد في هذا الإنسان عيب واضح فتتهمه بكثرة شهاداته فأنت قد ظلمته أيما ظلم.
كأنما تطبق ذلك المثل ا لدارج بحذافيره والقائل «لم يجدوا عيباً في الورد، قالوا له: يا أحمر الخدين!!».
بريد الكتروني
fowzj@hotmail.com
|
|
|
|
|