| مقـالات
سيعتب الشباب كثيراً اذا أصروا على البحث عن نموذج متكامل يستطيعون من خلاله أن يصلوا لقناعة كاملة بأسلوبه في الحياة ونهجه وطريقته التي كفلت له التفوق والتكامل..
ولا يعني هذا الفقر التام والعوز الى نموذج، لكن الفكرة السائدة عن النموذج هي التي يعتورها بعض الخلط..
فمقاييس النجاح نسبية.. ومقاييس المثالية نسبية، ومقاييس التكامل هي الاخرى نسبية
إذ لانجاح مطلق..
ولا مثالية مطلقة..
ولا تكامل مطلق..
ويحتاج الشباب الجديد فتياناً وفتيات الى فهم واستيعاب مرحلتهم وضجيجها، وتداخلها، وهم فعلاً يعايشون في الخمس سنوات الاخيرة انفتاحاً عظيماً وتغيرات اقتصادية عظيمة مما ادى الى تعرض مراهقتهم الى اختبارات قاسية يجب ان نعترف بأننا لم نتعرض لمثلها.. لذا فهم في حالة فقدان توازن، لأن النموذج في حياتهم وفي منظورهم، اما هو بمثابة رقيب متهم رافض ومتأزم دائماً حتى من مجرد المناقشة يمثله الأسوياء فكرياً مثل الأب والأستاذ وإمام المسجد ورجل الشرطة ورجل الهيئة..
وإما هو منفتح بلا حدود يسخر من كل هذه القيم التي ينادي بها الفريق الاول، ويطلب من الفتيان والفتيات الانطلاق في عالم الحياة المتقولب بالمتعة قيمياً واستهلاكياً وتقليداً ومحاكاة للأعياد والسلوكيات والتصرفات والتمرد على سياق الحواجز الذي يكبح رغبات الانسان ويحيله الى سجين، وقد خلق حراً طليقاً كطائر عليه ان يجرب أجنحته ويمرنها في الطيران في كل اتجاه وإلى اي بغية هو يريدها دون ان يكون هنا اطر عقلانية او خطوط حمراء تفرق بين الحرام والحلال، ويمثل هذا الاتجاه تجار الفضائيات العرب واغاني الحفلات والمهرجانات وثقافة الغرب المنفلتة والأقران من المراهقين والمراهقات وثلة من البالغين مايزالون يعانون من الانبهار بالآخر من فقدان التوازن الناتجة عن مراهقة فكرية لا تنضج مهما مرت بها السنون.
وقد وضع المراهقون من الفتيان والفتيات انفسهم وثقافتهم وتفكيرهم بين مطرقة هؤلاء وسندان اولئك.
ولم يستطعيوا أن يمنحوا كل فريق فرصته في عرض أفكاره واقناعهم بما لديه بحيث يعمل الشاب اوالشابة تفكيره اوتفكيرها ويختار السوي من الأفكار المعروضة.
وفضل المراهقون ان يبقوا حائرين بين هولاء وهؤلاء فاتخذوا في كثير من مواقعهم التربوية والدينية سمة الاقتناع، وفي مواقع اخرى يعودون الى سياق رغباتهم التي يفرضها عليهم الضغط على اوتار انطلاق الحياة وجمالها ومتعها المتنوعة المعنوية والمادية..
وسقط كثير من المراهقين في هوة التناقض التي مازالت تضغط على اعصابهم وتفقدهم الرغبة في الإنصات لصوت العقل في دواخلهم ذلك الذي يمكنهم من بلوغ مرحلة الامان النفسي فبإمكان الشاب ان يستمتع بحياته ويعايش حرية رغباته في الملبس والحديث ومختلف السلوكيات، وهي حرية شاسعة لمن اراد ان يراها، كذلك ولمن وفقه الله سبحانه لحسن الاستمتاع فيها وهي حرية مقترنة بكونه انساناً ينتمي الى قيم وأخلاقيات بشرية راقية، وهو حين يخرج عن فكاكها أوربقتها فهو سيخرج الى حيث سياق الحيوانية بكل غبائها وانسياقها وتقليدها وشهوانيتها..
ويبقى على المعنيين بخطط الإعلام العربي من مفكرين وعلماء دين وتربية أن ينظروا فيما يبلور تجربة النموذج او حتى الاسلوب والنهج الذي نستطيع ان نقنع به الشاب بان لا ثمة تناقض، وانه من الضروري ان يعتاد مجاورة الخير والشر وأن عليه دائماً ان يكون مستقلاً غير منساق، فخوراً بقيمه ومبادئه دون أن يكون ببغاء مهرولة إلى أحضان الغرب بكل معتقداتهم الدينية.. فهل رأيتم شباناً مسيحيين يذبحون الخروف صبيحة عاشر أيام ذي الحجة تقليداً لنا ومحاكاة.. لكننا رأينا ثمة من يتهادى الوردات الحمراء في يوم فالنتاين..
ورأينا فضائيات العرب كيف تقلب برامجها احتفاء بأعيادهم حتى في الدول التي لا مسيحيون عرب فيها
وسمعنا في إذاعاتنا من يحاول ان يمرر بخفية رسائل لا تحسب عليه فيقدم اغنية لمحمد عبده تتضمن «ونتها دى ورود الحب» صبيحة يوم الاربعاء 14 فبراير.
إننا نستحيل امام مراهقينا الى نموذج ببغاوي مضحك، فكيف بنا نطمح الى صياغة جيل عربي مختلف.. ونحن بأيدينا نحمله الى حيث يسقط في هوة التناقض..
إننا جميعاً معنيون بالبحث عن منهج واسلوب خطاب مؤثر قادر على اقناع الجيل وتشكيل نموذج ذهني قيمي في عقلية كل مراهق يستطيع ان يتخفى بها! اشكالية البحث عن النموذج الواقعي الذي لايتكامل بالشكل الذي يقنع المراهق ويصل الى مفاهيمه.
ص.ب 26659 الرياض 11496
Fatmaalotibi@hotmail.com
|
|
|
|
|