| الاخيــرة
تلقيت من الأخ العزيز/ فهد بن سعد العثمان مقترحاً مكتوباً رأى فيه الضالة المنشودة للتعريف الشخصي فقال:
لا يخفى على أحد قيمة التعريف الشخصي للمراجع لدى الدوائر الحكومية بصفة خاصة والجهات الخاصة بصفة عامة - حينما يتطلب الأمر ذلك - ففي ظل ظروف الزيادة السكانية الكبيرة واتساع رقعة المدن وكذلك كثرة مشاغل الناس بحيث لم يعد الجار يعرف جاره وساكن الحي لا يعرف معظم ساكنيه الأمر الذي جعل التعريف بالأشخاص من قِبل معرف رسمي أمراً ضرورياً للتأكد من شخصياتهم وبقية المعلومات التي يتطلبها التعريف. وقد كان عمدة الحي ولا يزال هو المعرف الوحيد لجميع الأفراد الذين لا ينتسبون وظيفياً إلى جهات حكومية وهم يشكلون نسبة كبيرة من المواطنين - حتى موظفو الحكومة يتطلب الأمر أحياناً تعريفهم من قبل العمدة. وقد كان العمدة فيما مضى أنسب من يقوم بهذا العمل يوم أن كانت الأحياء السكنية متواضعة في حجمها مقارنة بما هي عليه الآن ويوم أن كان سكان الحي يعرف بعضهم البعض، بل إن سكان البلدة في جملتهم يعرف بعضهم بعضاً ناهيك عن العمدة نفسه وهو المعني بهذا الشأن. أما في وقتنا الحاضر وقد بعدت الشقة بين الناس واتسعت رقعة الأحياء وتضخمت المدن وكثرت مشاغل الناس بحيث أن بعضاً ممن تجمعهم صلة قربى لا يعرف بعضهم البعض وهم يسكنون في مدينة واحدة. وقد شق على العمد التعريف بالناس في ظل هذه المتغيرات المتسارعة الكبيرة. وأصبح دور العمدة حلقة بل حلقات فارغة تضاف إلى الروتين غير المجدي، بل إنها أصبحت تشكل عبئاً على المراجع حيث يحمل همّ تعريف نفسه على العمدة حينما يواجهه العمدة بقوله لا أعرفك! حتى وإن كانت العرب تعرف من أنكره العمدة والعجم - ويصبح السائل مسئولاً والطالب مطلوباً، وفي بعض الأحيان يضطر بعض العمد إلى تعريف بعض الأشخاص - تحت إلحاحه وإحراجه للعمدة وإصراره على أنه من ساكني الحي - دون التأكد تماماً من شخصيته وبهذا أصبح العمدة عقدة في حبل الروتين الطويل.
وحيث إن أمر التعريف الشخصي ضرورة في ظل المستجدات التي أشرت إليها سابقا فكان لزاماً البحث عن وسيلة للتعريف بالأشخاص تكون أكثر فاعلية ومصداقية مما هو جار الآن. وأرى أن أنسب من يقوم بهذا الدور على وجهه المطلوب هو إمام المسجد بالنسبة لجماعة مسجده ولن يترتب على ذلك أية تكاليف إضافية على الجهات المعنية عدا زيادة بسيطة في راتب الإمام مقابل العمل الإضافي الذي يقوم به عند تعريفه لجماعة مسجده واختيار إمام المسجد لهذا الأمر له ميزات عديدة أوجزها فيما يلي:
1- إن أئمة المساجد يتم اختيارهم وفق معايير معينة وإمام المسجد عند عامة الناس وخاصتهم ممن يرجع إليه في كثير من الأمور التي تخص الدين فما بالك بأمور الدنيا.
2- إن جماعة المسجد الذين سيكون الإمام مكلفاً بتعريفهم وعددهم محصور وهم بحكم أدائهم الصلاة في المسجد سيكونون معروفين بالنسبة للإمام ناهيك عن أن إمام المسجد غالباً ما يكون مندمجاً مع أغلب جماعة المسجد اندماجاً يحقق متطلبات التعريف الشخصي المطلوب.
3- إن توكيل هذا الأمر إلى إمام المسجد سيقوي عزيمة المتهاونين بالصلاة مع الجماعة ويجعلهم يعتادون الصلاة في المسجد ومع الوقت يعرفون قيمتها.
4- لا يخفى على كثير من القراء أن فئة كثيرة من أئمة المساجد هم بالفعل يقومون بأدوار توعوية وخدمية اجتماعية لجماعة المساجد القائمين عليها.
5- يسهل على طالب التعريف من جماعة المسجد مقابلة إمام المسجد في جميع الأوقات حيث إن الإمام غالباً ما يكون ساكنا في السكن الخاص به القريب من المسجد.
6- قد يقول قائل إن هناك من ساكني الحي أشخاص غير مسلمين وبالتالي لا يعتبرون من جماعة أي من المساجد وأقول إن هؤلاء من الندرة بحيث إن من السهل تدبير أمرهم.
من الممكن أن يكلف المؤذن مع الإمام لأداء هذا الأمر ويعمل مكتب في أحد أركان المسجد يزود بوسائل الحفظ والتدوين الحديثة التي أصبحت مألوفة لدى كثير من الناس ويكون لكل فرد من جماعة المسجد ملف يحتوي على كافة المعلومات الخاصة به وبعائلته ومن الممكن للجهة طالبة التعريف الرجوع إلى تلك الملفات عند الرغبة في التحقق من بعض الأمور المدونة في التعريف. وعندما ينتقل أحد ساكني الحي من مسكنه إلى حي آخر فعليه التقدم بطلب خطي إلى إمام مسجده الجديد لنقل ملفه إليه، وبلا شك ان هذا قد لا يخلو من بعض الاشكاليات في بداية تطبيقه،ولكني أعتقد أنها من السهولة بحيث إن حلها سيكون ممكناً وبهذا نكون قد زدنا من فاعلية التعريف وقيمته وزدنا في ارتباط الناس بالمساجد.
آمل أن أكون في هذه العُجالة قد وفيت الموضوع حقه وأن تكون الصورة قد اتضحت لك عزيزي القارىء كما هي واضحة عندي.
وختاماً أسأل الله لي ولكم سلامة القصد واستقامة المقصد.
|
|
|
|
|