أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 16th February,2001 العدد:10368الطبعةالاولـي الجمعة 22 ,ذو القعدة 1421

أفاق اسلامية

حديث المرأة
للبيوت أسرار
د. رقية بنت محمد المحارب
كان من يعرفه يرثي لحال ذلك الأصم الأبكم ويغبط أخاه الثري الذي يملك مئات الملايين. كان ذلك الثري لايبقى في بلده يوما كاملاً، كل حياته متابعات لمشروعات في اأقصى الشرق والغرب. وكان الاخوة والاخوات وأولادهم يتحينون ساعة وصوله للسلام عليه.. كان كل همه تلك الارصدة المجنونة في البنوك الخارجية، ومنتهى احلامه ان يكسب كل يوم المزيد من المال! وحال ذلك الاصم الابكم متواضعة في مسكنه وملبسه، في الوقت الذي يتمتع اخوه بكل ما يتخيله الانسان من متاع.. ودارت الايام وأصيب هذا الثري بجلطة أفقدته الذاكرة وخرج من المستشفى لا يعرف اولاده ولا يتصرف في ريال واحد.. واصبح طريح الفراش وبعد مدة فقد بصره.. لم تساهم تلك الملايين في إبقاء نعمة البصر او في إحياء خلية واحدة من خلايا دماغه.. وتحول رثاء الناس من اخيه الاصم اليه وتذكروا فجأة حقارة الدنيا وهوانها وقلة نفعها لأصحابها.. لم يغير في واقع الحال تلك الاواني الفاخرة وقطع الاثاث الراقي التي كانت تزيّن قصره المقدر بعشرة ملايين، وتوقف دمه اثناء سيره في جسده لحظة واحدة ففقد خلال هذه اللحظات المئات من النعم! لقد سهر الليالي لجمع حطام الدنيا ثم راح وتركه لغيره واصبح رهين أعماله.. إن حياتنا في عمر الزمن ثوان معدودة ينخدع فيها من ينخدع، ويوفق فيها من يريد الله به الخير والرفعة.
إنه نعيم زائل ومظاهر خادعة يقول عنها ربنا جل وعلا: «واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدراً». ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً شربة ماء»، كل الدنيا منذ البدء وحتى النهاية بما فيها من كنوز وموارد وجنات وقصور لاتساوي جناح بعوضة، فيا لها من سعادة عظيمة عندما يضع الانسان الدنيا في يده ويطردها من قلبه.. يحلّق المرء عاليا عندما يملك الدنيا ولا تملكه وعندما يسخر جاهه وماله ومواهبه كلها لا من اجل مكاسب دنيوية وانما من أجل تحصيل علم، ونصر حقيقة، ونشر لغة، ونفع أمة، ونشر معروف، وإزهاق باطل، وحماية أعراض.
مساكين أولئك الذين يشغلون انفسهم والناس بهزيل الفعل والقول، ومساكين اخرى لأنهم حرموا أنفسهم اللذة الكبرى والأنس الأعظم ومساكين ثالثة لأنهم طلبوا نعيم الدنيا وارتكبوا في تحصيله الموبقات ونسوا نعيم الجنة الذي يرفع الى العمل الصالح، ومساكين رابعة لأنهم لم يتبعوا سبيل المؤمنين ويسيروا في طريقهم فكانت النتيجة ضياع البداية والنهاية.. وهذه حال الدنيا مع أهلها فهل نعتبر؟

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved