| الثقافية
لا يذكر الأستاذ الدكتور إبراهيم السعافين - أطال الله في عمره - إلا تذكرت مشواري العلمي معه الذي يبدأ منذ اجتيازي الحدود الشمالية لبلادنا الغالية متجهاً الى الأردن. البلد الجميل إنسانا وأرضا، حاملا معي حلم اتمام مسيرتي العلمية وعطشي لملاقاة النخبة التي يضمها قسم اللغة العربية في الجامعة الأردنية أمثال: إبراهيم السعافين وإبراهيم السامرائي وإحسان عباس وناصر الدين الأسد وهاشم ياغي ووليد سيف.. وآخرون من أساطين الفكر والأدب.
كان إبراهيم السعافين أول من رأيت من أساتذة القسم إذ كان رئيسه إذاك وقد خرجت من لقائه بانطباع لم يتبدد طيلة علاقتي به، فهو يجمع الى جانب العلم والفكر والأدب، التواضع والوفاء وطيب الجوهر والمظهر، وقد رسّخ ما لمسته فيه من صفات نبيلة قربي منه عندما أسعدني الحظ في إشرافه على رسالة الماجستير التي كتبتها في شعر الدكتور غازي القصيبي، فقد كان نعم العون حقا أنار لي بتوجيهاته منعطفات الرسالة حتى خرجت بالصورة التي أطلبها. ولعلي أورد في هذا الصدد قصة صغيرة تضع الرجل في إطار ما ذكرت.. فقد درست معه مساق مناهج النقد الأدبي الحديث في الفصل الأول من العام الجامعي 1999م وكان عدد طلاب المساق قليلا جدا فآثر الأستاذ استضافتنا في مكتبه برئاسة القسم بعيداً عن رتابة القاعات، مشيعا الألفة والمودة بينه وبين طلابه، وقد كانت المحاضرة تمتد من الثالثة حتى السادسة مساء، وكانت مليئة بكل جديد ومفيد الى حد أننا كنا نخرج من كل محاضرة ونعترف لبعضنا بما صححناه وأضفناه من معلومات، ومع هذا كان الدكتور إبراهيم السعافين يجد في نفسه أنه لم يوفنا حقنا في العلم إذ كان كثيرا ما يردد: )إذا أردتم الفائدة فلا تسجلوا مساقات عند رئيس القسم فمشاغله كثيرة(!!! نعم ان مشاغله كثيرة، منها ما يفرضه واجب العمل، ومنها ما يفرضه وازع الوفاء والضمير الحي: فقد كانت محاضرتنا تتزامن مع محاضرة شيخنا )إحسان عباس( الذي أخذ منه الكبر.. إلا علمه وأدبه وقد كان الدكتور إبراهيم السعافين يقطع محاضرته بين حين وآخر ويغادر مكتبه ليطمئن على الشيخ إحسان عباس!!!
هكذا هم الكبار، كبار في كل شيء ولما كانت جائزة الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمهما الله كبيرة في معناها ومغزاها فإنها لا تذهب إلا لمن هم أهل لها في مختلف الفروع التي تمنح فيها الجائزة، فهنيئا للأستاذين إبراهيم السعافين ومنصور الحازمي ولكل من حازها هذا العام هذا الوسام الرفيع والى المزيد إن شاء الله.
|
|
|
|
|