| الاقتصادية
* اليوم تنفتح مع ثورة المعلومات إمكانات هائلة أمام الإنسان تتجسد في قدرات خارقة على الفعل والتأثير. عالم جديد يتشكل مع ظاهرة العولمة، وظهور فاعل بشري جديد انه الانسان التواصلي الذي تتيح له الأدمغة الآلية والتقنيات الرقمية التفكير والعمل على نحو كواكبي وبصورة عابرة للقارات والمجتمعات والثقافة. لذا فان الامكانات التي تطلقها العولمة الشاملة بفتوحاتها الخارقة وتحولاتها الجارفة، تفتح حقا آفاقاً جديدة للوجود والحياة، ولكنها تشكل في الوقت نفسه تحديات ضخمة، فكرية وتقنية، اقتصادية ومجتمعية، سياسية وأمنية.
ما دور الأفكار في ظل الانفجار التقني لوسائط الإعلام؟ وما مستقبل الهويات الثقافية في عصر المعلومة الكونية؟.
من هنا فان ثنائية الهوية والعولمة قد غدت بؤرة السؤال ومدار السجال، سواء في الأوساط الفكرية او في الدوائر السياسية، في العالم الغربي، أو كما هو حاصل في العالم العربي.
يشهد على ذلك سيل المؤلفات التي تتناول العولمة من زاوية تأثيرها على الهوية والثقافة، بهذا المعنى فان ثنائية الهوية والعولمة تتجاوز، بقدر ما تستبطن المتعارضات التي كانت متداولة حتى الآن، كثنائية التراث /الحداثة او الأصالة/ المعاصرة او الخصوصية /العالمية/.
من المفارقات ان اصحاب المشاريع الثقافية انما يتعاملون مع حداثة العولمة بفتوحاتها ومتغيراتها بوصفها غزواً للثقافات، او فخاً للهويات وتسلطاً على الشعوب والمجتمعات، في حين ان الأمر بحسب لغة الحدث انما يتعلق بوقائع وأحداث، انه انقلاب وجودي يتجسد في انتاج سلع من نوع جديد بات يتوقف عليها الانتاح المعرفي والمادي على السواء. وهكذا نحن إزاء فتح كوني يتغير معه ما كان يجري سواء في المصنع او الحقل حيث كان يتم التعامل مع الواقع عبر مصنوعات مادية من سلع وأدوات، أو عبر الانتاجات الذهنية من أساطير ومثل ونظريات، والآن مع الدخول في عصر الحاسوب يجري التعاطي مع العالم من خلال نسق معلومات وأنظمة رقمية تجوب الفضاء البراني، وذلك نتاج ثورة المعلومات، التي احدثت انقلاباً كونياً خطيراً، مما جعل نظام المعلومات وسيلة يدار بها العالم والواقع لأنها متاحة أمام الجميع لكي يساهموا في انتاجها واستثمارها، او في نقلها وتداولها.
وبكونها كذلك فهي تجعل لأول مرة امكانية ان يتعامل الناس كوسطاء بعضهم لبعض بدلا من كونهم أوصياء او وكلاء بعضهم على بعض. ولعل هذا ما يثير فزع أو قلق المثقفين والدعاة الذين طالما تعاملوا مع أدوارهم بوصفهم النخبة او الصفوة التي تمارس الوصاية على الهوية والثقافة او على المعرفة والحقيقة.
وفي كتاب طرحه المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء عن حديث النهايات وفتوحات العولمة جاء في سياق البحث المطول ما يعني ان الانسان الحالي يقف أمام ثلاثة خيارات لكل منها هويته أولها العالم القديم بتصوراته الماورائية، والثاني هو العالم الحديث بفلسفاته العلمانية وهوياته الانسانية، آما الثالث فهو العالم الآخذ في التشكل الآن، أي عالم الفضاء والعولمة بانسانه التعددي ومواطنه الكوكبي «العالم قرية صغيرة» هذه العوالم الثلاثة تتجاذب الوعي حول الهوية والثقافة، تجاذب القديم مع الحديث. العالم اليوم يتشكل مع عصر العولمة تتغير فيه المشروعات والمهمات، وتتجدد القوى والوسائل والمؤسسات. وهذا يعني ان هناك فاعلاً بشرياً جديداً يجسد خطاً مغايراً للترابط والتعايش من خلال ابتكار الخارق والفائق او انتاج الملائم والفعال واثراء ثقافته عبر المساهمة الفعالة في عملية انتاج القيمة والسلطة والثروة او القوى.
|
|
|
|
|