| الثقافية
اعداد : عبد الحفيظ الشمري
تفتح «الجزيرة الثقافية» نافذة التواصل لتطل منها الاسئلة نحو الفكر ،والاديب والكاتب.. تداخله ،وتجادله ،وتستجلي أبرز مقومات طرحه ،ومعطيات إبداعه في احداث مؤلفاته .لعلنا في هذا التداخل نقدم اضاءة جديدة حول افضل ما يطرح في مشهدنا الثقافي من فكر ،وادب ،وإبداع .
ها نحن نتواصل وعبر «زاوية مساءلات » مع الناقد الدكتور عالي سرحان القرشي في كتابه الجديد «نص المرأة» لنحاول من خلال السؤال والاجابة تقديم المفيد .
حول «نص المرأة» تقف الاسئلة وتتوالد الفرضيات ويصبح الحدس غير المقر هو سيد الموقف ..فالناقد عالي القرشي دائماً يرسم الاشارات الخطيرة حول النص الادبي ويشعل القناديل والشموع حول طاقة النص إلا أن هذه الشعلة سرعان ما تتحول الى لهب قوي يجلب القارئ حتى وان كان بعيداً لقراءة اسرار هذه اللغة التي يفجرها الناقد القرشي .
في الاسئلة التي حملناها اليه في محاولة منا مسامرته اللغة وكشف خبايا هذه الا لفة الشفيفة بينه وبين اللغة التي لايمكن لنا كشف مزيد من أسرارها ..الفينا الناقد الدكتور عالي القرشي لا يزال على وفائه للصمت ،والهدوء ،وعدم التزيد والاطناب..لتأتي اجاباته على «مساءلات»ملحق الخميس مبطنة بالشفافية ،والهدوء وعدم الإفصاح عن كنه هذه العلاقة الودود بينه وبين اللغة .
قال لنا وفي الغلاف الأخير من )نص المرأة(:ما بين الشعر وبين السرد ارتسمت في هذا الشعر صفحات لتلتقي الدهشة فبدأت تلك الرحلة نحو حكايات أنجزها الانسان ،ودونها الراوي،وحضرت معها تأويلات لتجنيس الابداع ما بين الذكر والانثى .
ولنا ان ندخل في محاور هذه التساؤلات ليفيض لنا بما قد نعجز عن فهمه ..وادراك مقاصده :
ماذا دهى الكتابة ان تكون أنثى وكذلك القصيدة والحكاية ..؟
ربما أنثت اللغة هذه الكلمات التماساًَ لشق آخر في هذه الكلمات يتناسل ويتوالد، ويقرب ويبعد، ويتضح ويغمض ،شأنها شأن عالم الانثى، وشأن الحضن الكبير الذي يحتضن العوالم الحية، فتجيء الحياة مؤنثة تنتظرالموت المذكر.. فهذه الكلمات ترحب وتمتد بالتأنيث، الذي لا يلغي الشق الذكوري الذي تبتدئ منه حين نقول :الشعر ،الحكي ،السرد ،الكتاب..
لماذا لم يكن نقداً خالصاً ؟
ربما سيطرت علي مسألة الحكاية وانا ادرس الحكاية ..فجاء وصفي للنص حكاية ،ووجدت ذاتي في عالم المرأة الذي تجترحه الكتابة ،فكان ان وجدت ذاتي في ضفة نهر الابداع ..فآل النص المدروس الى نجوى وبوح ،وآلت الدراسة الى تبادل المشاعر مع ذلك النص فمازج النقد لغة الحب ،وقادت حرارة المشاعر قواعد النقد وآلياته إلى فعل كتابي ..شعرت بتوهجه وقادني الى ذينك النصين في البدء وفي الخاتمة .
ما بالك تصف كل أعمال )مادة الكتاب(بأنها تأويل محتمل ؟
الإنسان بحكم متابعته خطى سابقة يجد نفسه دائماً في حال مقاربة مع حكاية السابق ،ويجد ذاته في حالة رغبة في تعديل حركة الحياة ،فيؤول ذلك الى امل ،ويؤول ذلك الأمل الى بث حضوره في الحكاية السابقة فهو يعيش حالة تأويل دائم ان استسلم وعايش ورضي ،او خاتل وتحايل ،او خالف وتمرد .
ولعل اجابة السؤال السابق تبرر ايضاً الرغبة في دخول عوالم هذه النصوص من بوابة التأويل الذي يفتح النص ولا يغلقه .
وضعت في المقدمة نصا شعريا ..الا ترى انه تحيز للشعرية ام ان الحكاية اثيرة لديك؟
وما الشعر الا حكاية لرحلة الانسان بين الذات والعالم ..وما الحكاية الا ذلك التأويل الشعري لأحلام الانسان وتفسير مشاعره ورغباته ..فأظن ان ذينك النصين حكاية لذاتي وهي ترحل مع هذه العوالم الولادة بالاحتمالات ،والزارعة لوديان الابداع .
تداخلت مع الناقد الدكتور عبدالله الغذامي في مسألة تأنيث أو أنثوية نصوص ألف ليلة وليلة ..هل قبلت ما قاله الناقد الغذامي ام انك ترى ملمحاً ذكورياً في هذا السياق؟
كنت اود من الغذامي ان يكون تأويله قابلاً للاحتمالات خاصة انه يرى ان قابلية النص للتأنيث تعني انه نص منفتح ،ومتجدد ،وقابل للتعدد ..ولذلك كان لي رؤية في نص الف وليلة دخلت منها في الحوار مع من يحرضنا دائما على الحوار ويثير فينا الاسئلة الدكتور الغذامي واعتمدت في ذلك على استبطان مقولات المرأة في نصها الابداعي ،وفي تأويلها لذلك النص .هل هي رؤية للتأنيث ام تعاطف ..ام ماذا ؟
لعل من يقرأ الكتاب يتبين ان المسألة نسيج التحمت فيه رؤية التأنيث ،ومساءلتها لكنها ثقافيا مع ما تستحقه من تعاطف وحماس الى الحد الذي جعل المسألة تخاتل حوار اللغة الى حوار الذات فجاءت مباحث الكتاب مستبطنة الشعر والحكاية والرؤية ،ومقوسة بنصين شعريين ،حاولا ان يستبطنا العلاقة بين الذات والهم الذي تثيره مسألة اقتحام عوالم التأنيث بتجاوز خوانق التذكير.
اين وصل عالي القرشي في صراعه مع مارد اللغة العصي ؟
لعلي حين اقول :
«تنافر من ساعدي الكتاب
وفي بيده تاهت الخيل عني
ولاذت بها موحشات الحروف
ولست اريد عصا مربد يمتطيها سويد
فتابعتها شاهداً للتوحش والارتواء
فأسرجت خيلي
ونفسي آنستها وحشة
وأوحشتها اصطباراً لتأويل هذا اللام ..»
..أضع القارئ امام مارد آخر أحاول ان اكاشفه به عن ماردي .
ايهما الراوي الحاذق هل هو راوي الشعر ام راوي السرد ؟
كلاهما ممعن في الكشف عن تأويل ما يلقى به فيه ،وما يواجهه ..فالاول يقف امام رحلة الذات من العالم الى داخلها الى اللغة وبالعكس ..والثاني يقف امام الخطوات التي استدعت ما بعدها ،وام الخطوات التي بعثت ما قبلها ..فكلاهما رحلة الى ماء لا ستقر.وكشف لعالم متجدد، وحركة متماوجة.
الكاتب :
د.عالي سرحان القرشي ..ناقد وأديب سعودي اسهم في العديد من الدراسات النقدية ،وقدم العديد من الندوات والمحاضرات .
صدرت للقرشي العديد من المؤلفات منها)المبالغة في البلاغة 1405ه(،)انت واللغة 1413ه(،)طاقات الابداع 1412ه(،)الرؤية الانسانية في حركة اللغة 1417ه(،)شخصية الطائف الشعرية 1421ه(،اضافة الى كتاب )نص المرأة 1421ه(.
له العديد من الإصدرات النقدية تحت الطبع ..للدكتور القرشي دراسات في المجال الاكاديمي وهو استاذ اللغة العربية بكلية اعداد المعلمين بالطائف .
حكم العديد من المسابقات الادبية ،واسهم بشكل ملحوظ في دفع مسيرة الادب والابداع لدينا..
***
الكتاب :
«نص المرأة»)من الحكاية الى كتابة التأويل (.
دار المدى - دمشق - سوريا - سوريا )ط 1( سنة 2000م
يقع كتاب القرشي في نحو )124 صفحةمن القطع العادي .
لوحة غلاف كتاب «نص المرأة »للفنان طلال معلا
سبقت مادة الكتاب بنص شعري ،وختم بنص شعري آخر
«نص المرأة »سيلحقه كتب اخرى للناقد القرشي حول هم اللغة .
|
|
|
|
|