أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 15th February,2001 العدد:10367الطبعةالاولـي الخميس 21 ,ذو القعدة 1421

الثقافية

علامة
أم صبيح
نورة الغامدي
المرأة الصغيرة الشابة تفر اجمل ايامها على مرأى من الجارة العجوز التي خبرت الحياة والناس فتقترب من المرأة الشابة)ام صبيح( في ليلة ماطرة وهي تفترض جاعداً بالياً قرب ابنها )صبيح( في غرفة المؤنة تناديها.. يا بنتي.. فتنتفض.. ام صبيح وتهرول الى حظيرة الاغنام تدفعها الى المراح المسقوف.. ثم تصعد الى سطح الدار تفتح مجاري المياه بيديها .. والجارة العجوز تنتظر حتى اذا هدأت في فراشها قرب ابنها التفتت الى الجارة العجوز معتذرة وهي تلملم شعرها المبعثر تحت طرحة بالية.. تسألها الجارة العجوز يا بنتي منظرك منفر وشكلك مهمل.. وقد سمعت ان )ابا صبيح( هجركم مغرب هذا اليوم.. اهكذا استقلته تتذمر أم )صبيح( وترد باقتضاب انا و )أبو صبيح( متفاهمان ومتعاهدان على الحب والوفاء.
* لكن الرجل تاجر دؤوب ومتى قرت له الدنيا هجرك ثم انظري الى كفيك المتشققتين والى الكلف الذي اكل خديك من حرارة الشمس والى السواد الذي يجتاح عنقك واعلى صدرك ) يا ام صبيح( اهتمي بنفسك مثل اهتمامك ببيتك وحلال ومال )ابو صبيح( ومزارعه.
* لا دخل لك فمثل هذا الطلب لم اسمعه من ابي صبيح..يوماً وهذا دلالة على محبته واعترافه.. بجميل ما اقدمه له ثم اني واثقة من حبه وتقديره لي..
* يحبك لانك حارس امين على بيته وشئونه وابنه واهله وتجارته وما يدريك ما يفعله بعيداً عنك في اسفاره وثقي انه اذا بلغ ما يريد.. سيهجرك وانظري الى قذارة ثيابك وزهادة المكان الذي تنامين به.. سيأتي يوم ويكون ماله وحاله لامرأة اخرى.. )ام صبيح( تسمع ولا تعي..نهارها دق وطحن وحفر وطمر وليلها شخير في اي بقعة ادركت تعبها.. والجارة العجوز على حالها من الحب والخوف على ام صبيح التي بدأ حالها يسوء بعد يوم وخاصة بعد حملة القهوة التي كلفتها ابو صبيح بتنقيتها وفصلها من قشرها.. ومع الايام بدأ شعرها يتساقط مما اضطر الجارة العجوز الى نجدتها بين فترة واخرى والتلميح لها الى ان عواقب ما تفعله خسارة نفسها فالرجال لا يستحقون منا كل هذا..
* اذاً ماذا افعل؟
- تمارضي.. تمارضي يا بنيتي ) يا ام صبيح( انصاعت ام صبيح لتحذيرات جارتها العجوز وبدأ ابو صبيح قلقاً من مرضها وانهارت مصالحه.. فهرعت الجارة العجوز تعرض على ابي صبيح عرضها على )مداوية( معتزلة في جبل يبعد عن البلدة مسيرة يومين وكانت الجارة العجوز قد عزمت امراً مع المداوية ومع ام صبيح..وعند باب المداوية التي توقفت لتبلغ ابا صبيح بخطورة مرض زوجته وقف ابو صبيح مذهولاً وخاصة بعد ان ابلغته ان علاجها يتطلب شهرين كاملين وعليه وافق ابو صبيح وعاد تاركاً امر ام صبيح لله.
بعد انتهاء المدة عاد ابو صبيح ليتفاجأ بنبأ موت )ام صبيح( فانهار باكياً على يد المداوية التي واسته قائلة:
* ابشر يا ابا صبيح يعوضك فوالله لاعوضنك بامرأة تشبه ام صبيح في كل امورها حتى في عوارة عينها.. وكانت ام صبيح عوراء. قبل ابو صبيح بالعروس التي بهره جمالها ودلالها ورقة ملمسها وحسن هندامها وبريق بشرتها ولمعة شعرها وطوله..
حك لحيته الطويلة وهو يتأبط ذراع العروس وهمهم الا لا ردك الله يا ام صبيح..
تعثرت العروس التي لم تكن الا ام صبيح نفسها والتي دللتها الجارة العجوز مع المداوية بطيب الطعام والشراب. والحمية من الشمس والهواء وزينها بالطيب والهندام الانيق..
في الطريق وحين اقتربت من الراحلة.. رفضت العروس ان تصعد الا على ظهر )صبيح(.
صاح ابو صبيح بابنه.. صبيح الذي انحنى لتضع العروس قدمها وتصعد مستوية على ظهر الراحلة تزغرد خلفها النساء..
* في المنزل وهي تلج مكان نومها.. رفضت الصعود الى سريرها الا على ظهر صبيح.
زعق ابو صبيح بصبيح اقترب. عليك وعلى امك في قبرها اللعنة..
مع الايام لمحت الجاعد الذي كانت ترقد عليه لتحمي مال ابي صبيح وتنميه ولاحظت تعلق صبيح به فأمرت بحرقه فاعترض صبيح باكياً.
* رائحة امي.. فلا تفعل ابي
رمى ابو صبيح )بصبيح( ارضاً وهو يردد
طلبك امر وليت ما مضى من عمري مع الغبراء ام صبيح كان معك.
فاض بأم صبيح الكيل وقالت في نفسها.
* الا لعنة الله على جنس الرجال اينما ثقفوا..
وتقطع قلبها على ابنه الذي سخره.. ابو صبيح عبداً لخدمتها فقالت في نفسها..
الا عجباً الى اي مدى سيصل هذا الرجل في تصرفاته..؟
وقررت ان تمضي فيما هي فيه.. وذات ليلة خضبت قدميها بالحناء، وعند منتصف الليل انتبهت من نومها باكية بدلال ومنادية..
* اريد نزع الحناء من قدمي .. ارجوك دع ابنك )صبيح(يحضر الكراونه وجردل الماء ويغسل قدمي..
انه نائم..
ايقظه
زعق ابو صبيح بالصبي الذي تنبه مذعورا وتعثر وهو يحمل الكراونة ودورق الماء
ويركع تحت قدميها
* لم تحتمل ام صبيح
فاندفعت الى حيث يقف ابو صبيح.. وبصقت في وجهه وهي تضم ابنها الى صدرها وتنشد:
حلفت برأس امي
ان الرجال حزام قش
فان لابد الحزام ثقلت بحمله
وان يبس الحزام تكسر

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved