| الثقافية
في الطريق لغرض او لآخر، اتجه الى مكتبة جرير. يحدث هذا كثيراً. اوقف السيارة. ادخل. ثم اتجه يساراً. وبعد عدة خطوات احدق في تلك الكتب المعروضة الى اليساد من اكثر الكتب مبيعاً في العالم، منها على سبيل المثال ) لا تهتم بصغائر الامور فكل الامور صغائر( وكنت قبل مدة طويلة ربما اكثر من سنة - تصفحت الكتاب بسرعة ثم اعدته الى مكانه، وبقيت احدق في عنوانه بين وقف وآخر، واحيانا ارمقه ثم احدق في داخلي.
* هذا الصباح، السبت 9/11/1421، لفت كعادتي وفي ذهني البحث ع ن ملحق دوافد جريدة البلاد كعادتي وبعد عدة خطوات التفت يساراً كعادتي ايضاً ثم حدقت ملياً فوجدت مكتوباً على الغلاف: لا تهتم بصغائر الامور فكل الامور صغائر.وعلى غير عادتي فتحت الكتاب مرة اخرى وقرأت هذه العبارة للاستاذ عبدالكريم العقيل:)المفكرون والادباء ليسوا، وحدهم الذين يؤلفون كتباً تقرأ. ان اصحاب التجارب التجارية الناجحة يحولون الكتابة الى مناهج عمل مثيرة وممتعة(. انهيت العبارة واطبقت الكتاب وتأبطته شاكراً لزميلنا الشاعر احمد العرفج اشارته الى هذا الكتاب )جريدة الجزيرة ملحق الخميس 7/11/1421ه( وشاكراً ايضاً اشارات جارحات من صديق لعين شديد العقوبة يتبرأ باستمرار من الوسط الادبي وامراضه الشاخصة كالثآليل التي تتضخم في دواخل الكتاب فيقعون في المحضور الذي يحاربونه ويلحقون الضرر بالقيم النبيلة التي يقاتلون من اجلها وكلما دافعت عنهم - اي عني- وعن ضعفهم وقلة حيلتهم تكسرت اسلحتي الهزيلة فوقعت في المحضور فاعود الى صديق القديم جداً وقصيدته الماثلة:)مازلت اغتسل حتى كادت ان تتقطع فنيلتي( وهو شاعر قصيدة نثر عتيق جداً يذهب في الزمان مئة سنة الى الودراء ومئة سنة الى الامام في لحظة واحدة مشتغلا باليومي البسيط والمعيش من الاشياء.
* قلت وانا احدق في المجهول متسائلاً: تكتشف بعد دهر انك لم تقرأ الخط كما ينبغي!؟!
اما شيخي واستاذي بول ايلور وهو صديق قديم لجدي الضخم امرئ القيس ولصيق به في الملكوت فلازال يتمتم: انما وجدت لكي احسن نفسي(.
ولا اعرف الى اين ستذهب بي هذه التداعيات التي تتأثر من رآسي فتشخصي عيناي محدقتين في المجهول )...( في هذه اللحظة، انتفض الرجل الذي يقلب الجريدة امامي - مكتبة جرير - ظاناً انني احدق في نظارته وانا انما احدق في المجهول.
قلت في نفسي: من يدري فقد يكون المجهول ذلك الذي افنيت السنين باحثاً ومحدقاً من اجله، قد يكون متكئاً بكل هدوء وبكل اناقة على انف هذاالرجل الطيب الذي غمرك بعفوة ملقياً جانباً كل صغائر الامور دونما حاج الى قراءة الكتب ولا يبدو انه سيمانع في ان يهبك هذه النظارة الجميلة فتحدف فيها كما تشاء فتستريح وتريح.
* صورة الغلاف على مجلة)المجلة( اغرتني فحدقت بها ث قلت في نفسي الاتوجد مجلة عربية تلتقط صوراً غير عادية لفتيان المقاليع؟ او اقترحت عليهم - اهل المجلات- ايفاد صالح العزاز الى فلسطين حيث لم يبق من رموز هذه الامة سوى هذا الفني صاحب المقلاع وتناثرت صور وتداعيات كثيرة امامي قبل ان افتح الغلاف.
لماذا لا يصنعون صوراً ضخمة لهذا الفتى على الجسور والمباني العالية وسيارات العراوي والقاعات الجامعية فتكون صوراً للامان بدل الخوف وتذكرت صوراً ضخمة في مكان ما من هذا العالم فقلت: يا امان الخائفين. لماذا يضعون هذه الصور في الاماكن العامة؟
لانه يجب على الكائن البشري ان يحس بالصغار انهم يقلصونه فيصبح ضئيلاً ومنكساً وقبل ان افتح المجلة لكي ارى مابها حدقت في المجهول فرأيت على الجسور الساحات والقاعات صوراً ضخمة للممدوح عدوان ومحمود درويش ومحمد حسن عواد والبردوني وسيف الرحبي وامل دنقل وابي القاسم الشتاتي )...( او كما قال الشاعر النبيل:
ويحترفون الحشود
لكي اتقلص وحدي |
|
|
|
|
|