| عزيزتـي الجزيرة
لا شك أن لليتيم في سائر المجتمعات الإنسانية مكانة خاصة 07في قلوب الناس من حوله فهو فلذة كبد من مضى منهم، الإحسان إليه خلق نبيل يحرص الجميع على التحلي به إن لم يكن جوهراً متأصلاً فيه غير أننا في هذا المجتمع المسلم نرتقي بتعاملنا مع اليتيم ليكون عبادة نتقرب بها إلى الله ونجتهد بأدائها للحاق بركب المصطفى والفوز بجواره عليه الصلاة والسلام,.
ولا شك ان هذا الشعور النبيل إذا اقترن بالأمانة الوظيفية سيكون أكثر مدعاة للتأمل في كيفية خدمة اليتيم وتذليل كل صعوبة تواجهه, ويتنامى هذا الشعور كلما توسعت دائرة المسؤولية الوظيفية تمشياً مع الأدب النبوي كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته واليتيم هنا يجد بحمد الله عناية رعائية مميزة,,, ولسنا نزعم أننا بلغنا الرضا التام ولكن حسبنا أننا نسعى إلى الافضل,, فما يبذل لليتيم في مرحلة الطفولة المبكرة من عناية في دور الحضانة الاجتماعية والحرص على توفير كل ما يحافظ على براءة الطفولة في عينيه والابتسامة في محياه ويفتح السبل أمام حاضناته لتربيته بشكل سليم جزء مما يجده اليتيم هناك وحين وجد أن كل هذا الاهتمام المؤسسي لا يغني عن الحاجة الفطرية للطفل في ان يعيش في جو أسري ينعم به مثل أترابه ويتعلم من خلاله القيم التي ستبني شخصيته لاحقاً فقد أتيحت الفرصة التعويضية من خلال الأخذ بنظام الأسر البديلة,, ورصدت لتفعيل هذا المنهج التربوي، المبالغ التي تعين على تحقيقه,, ومرة اخرى لما وجد ان البعض من الأطفال لم يسعد بالانضمام لبرنامج الأسر البديلة فتح سبيلاً آخر لإسعاده ولو بشكل جزئي عن طريق الأسر الصديقة حين تأخذه في زيارة مؤقتة يتشرب من خلالها القيم التربوية المنشودة ويعيش السعادة الأسرية ولو بشكل جزئي ثم ينتقل اليتيم في طفولته المتأخرة إلى دار التربية الاجتماعية التي روعي في خدماتها أن لا يفتقد العنصر النسائي دفعة واحدة مراعاة لسنه التي لا يزال معها بحاجة الى حنان المربية فتم تنظيم العمل في دور التربية ليحوي قسماً للأشبال تشرف عليه الزميلات في دور التربية للبنين يتدرج بعدها الطفل في الالتحاق بصفوف من يكبرونه سناً من اخوته تحت اشراف رجالي تام الى ان يبلغ مرحلة المراهقة التي ينتقل حينها الى مؤسسة التربية النموذجية ليتم تأهيله في هذه المرحلة ليكون قادراً على التعايش مع افراد المجتمع عندما يغادر المؤسسة ليعيش حياته معتمداً على نفسه بعد الله,, وفي المؤسسة يتاح للطالب قدر أكبر من الحرية الموجهة يشمل ذلك إتاحة الفرصة له لتأمين مستلزماته بنفسه والاندماج مع المجتمع خارج المؤسسة والمشاركة في البرامج التي تقام في المدارس والمراكز والجامعات,, اضافة الى مايقدم له من برامج داخلية تجمع بين التشويق والتعليم,, وفي هذه المرحلة يمكن الطالب من أداء فريضة الحج مع جمع من زملائه البالغين بصحبة عدد من المشرفين.
وسعياً لإشعار اليتيم بالاطمئنان على مستقبله فقد صدرت التوجيهات الكريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين بمنح ذوي الظروف الخاصة منهم أراضي سكنية بحيث يحصل الواحد منهم على قطعة أرض مساحتها 900 متر مربع كما تم افتتاح حساب توفير لكل واحد منهم ليتم إيداع مايرد اليه من هبات وزكوات او ما يوفره من مصروفه الخاص ليتم استثماره وفق أوجه شرعية مأمونة بإذن الله,, وعندما يبلغ أحدهم سن الزواج ويجد في نفسه الرغبة لتحقيق هذا المطلب الشرعي تقدم له مساعدة نقدية تبلغ 20,000 ريال يتساوى في الحصول عليها الذكور والإناث.
ومع ذلك فإن أوضاع ذوي الظروف الخاصة خصوصاً من غادر منهم المؤسسات الإيوائية بحاجة ماسة الى الدعم والمساندة وبالذات من اختار منهم مواصلة التحصيل العلمي ولهذا قامت وكالة الوزارة للشؤون الاجتماعية بدراسة تنفيذ البرنامج الخيري لمساعدة ذوي الظروف الخاصة والذي سيكون عند تحقيقه على أرض الواقع رحمة مهداة الى هذه الفئة مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية الاعتماد على النفس والاكتفاء بالتحصيل الذاتي تدريجياً.
ويأتي المهرجان الخيري الاول لرعاية الأيتام ليكون سبيلاً للتواصل مع المجتمع المبارك من حولهم للتعريف بأوضاع هذه الفئة والإفادة من خبرات ذوي الاختصاص العلمي والعملي,, وإتاحة الفرصة للخيرين للإسهام في دعم هذه البرامج الإنسانية التعبدية وتأكيداً لما ينعم به افراد المجتمع بكافة فئاته من اهتمام ولاة الأمر والحرص على المشاركة المباشرة في كل ما من شأنه خدمة المجتمع وما رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز إلا شاهداً حياً على هذا وليس ذلك بغريب من سموه الكريم الذي عرف بمواقفه الإنسانية النبيلة ورعايته المتجددة للعديد من المناشط الإسلامية والعربية والمحلية, نسأل الله ان يثيبه على ذلك وأن يعينه لتقديم المزيد فهو اهل لذلك وحري به,, والله الموفق.
* مدير عام الإدارة العامة لرعاية الأيتام
ص,ب 45092 - الرياض 11512
|
|
|
|
|