| عزيزتـي الجزيرة
خلق الله الإنسان وجعل الإنسان مثلا (وكان الإنسان اكثر شيء جدلا) كما قال الله تعالى في محكم تنزيله: وعند الدعوة الى التأمل في هذا المثل أول ما يتبادر إلى الذهن هو كيف خلق الله العينين ونعمة البصر أو اليدين والرجلين وهذا التناسق في الحركات أو القلب او الأعضاء أو فيما لا يحصى من أمثلة على قدرات الخالق جل جلاله وبديع صنعه مما لا تتسع له مجلدات اكبر مكتبة في العالم, ولا ادعي هنا علما ليس مثلي كفئا له حين أناقش موضوعاً كهذا ولكني أحببت ان اشارككم في نظرة تأملية في شيء آخر لابد ان يكون قد تبادر الى أذهان الكثير منكم ألا وهو الإنسان ككتلة غريبة عجيبة من الأمزجة النفسية والتراكمات الأخلاقية السلبية منها والايجابية بالاضافة الى (ما تخفي الصدور) التي لا يعلمها إلا الله الخالق مهما تسابق العلماء في سبر أغوارها والغوص في تجارب وتحقيقات لتفسيرها بل والخروج بنماذج محصورة من الشخصيات تصنف بني البشر من ناحية التعامل او المشاعر كأن يقال هذا شخص مزاجي أو عصبي او لين العريكة او غير ذلك مما يحلو لعلماء النفس أو الاجتماع أو اي شيء من العلوم الانسانية ولكن هذا لم ولن يمنعني من (التلقف) في هذا المجال لا لشيء الا لكثرة تأملي في شخصيات من حولي ولاعتقادي أن الوضع يطلب منا أحيانا البعد عن الصورة ربما لنراها بشكل أوضح وإن كان لا يزال وضوحها غير كاف لتفسيرها, واتجرأ هنا على ان اربط بين المشاعر والأحاسيس وبين هذا الشيء العجيب الذي قال الله تعالى إنها من (أمر ربي) ألا وهي الروح.
هنا نقف عاجزين وبكل رضا عن تفسيرها إعجابا وحمدا لله القهار خالق كل شيء ومالكه سبحانه, هنا تذهب الدهشة والتعجب من هذا التنوع الهائل بين الناس في النفسيات كل حسب طبيعته, والعجيب في الأمر أن هذه الإرهاصات النفسية ليست دليلاً كافيا على ما يشعر به الإنسان حقيقة, بمعنى أننا جبلنا على تفسير تصرفات الأفراد بزاوية فردية بحتة تعاني من قصور لأنها نابعة من شخص واحد ولأنها تحكم على التصرفات الظاهرية والسلوك الذي تترجم به الأحاسيس والذي يكون تابعا مطيعا لقدرة الشخص الذاتية في كبح وإخفاء أو ربما تحوير وتغير ما يشعر به حقيقة وهنا تظهر لنا فلسفة اتبعها الأقدمون وترجموها لنا على شكل أمثال مثل كل يرى الناس بعين طبعه واللي على رأسه بطحاء وغيرها وهذا يظهر لنا قدم بحث الإنسان المستميت لكشف وحصر وتصنيف البشر, وعند محاولاتنا لتفسير تصرف ما من شخص ما نخرج بالكثير منها مما يثبت صعوبة الخوض في هذا المجال, وهنا يحلو لي ضرب مثال لذلك تصرف فلانة من الصديقات في جلبها هدية لصديقة اخرى من الفلانات بمناسبة زواجها وفي جلسة غابت عنها الفلانة صاحبة الهدية وحضرها الأخريات تنوعت التفسيرات من اعتقاد باستهتارها وتقليل قدر صديقتها الى تخمين آخر بأنها تعتبرها أختا فلم تتكلف في شراء الهدية الى اتهام بالبخل وعدم معرفة الواجب ليظهر لي في النهاية على لسان جالبة الهدية انها كانت خجلة جداً من هذه الهدية ولكن ما العمل فالعين بصيرة واليد قصيرة, وهنا يظهر لنا العيب الذي نرتكبه في الحكم والذي فرضت عليه منذ القدم احتياطات تدبريه من وجوب حسن الظن بالناس وعدم التسرع في الحكم على الأشخاص وأتذكر هنا مقولة متداولة تقول (الذي لايعرفك يجهلك) والتي يحلو لي تغيرها (مع اعتذاري الأدبي النابع من صميم قلبي) الى لا يوجد من يعرفك إذاً الكل يجهلك, سبحان الله عما يصفون وسلام على المرسلين.
نورة الغامدي
|
|
|
|
|