| متابعة
* بيروت مركز إعلام الأمم المتحدة
أكد السيد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة ان بناء السلام بصورة جيدة يعتبر رادعا قويا للنزاعات العنيفة.
وأوضح ان الردع ليس بمعنى أن يكون الجنود أقوياء، بل بالأحرى أن القوة تكمن في جملة المبادرات والمشاريع والأنشطة والتعامل بحساسية تجاه بؤر التوتر.
في ظله تستأنف الدول أنشطتها الاقتصادية
وقال عنان في رسالة إلى مجلس الأمن حول بناء السلام أن بناء السلام يعني بالمعنى الواسع مساعدة بلد ما الى اعادة الحياة الطبيعية الى نصابها بعد فترة من النزاع, واضاف ان بناء السلام هو استئناف الأنشطة الاقتصادية واعادة تأهيل المؤسسات واستعادة الخدمات الأساسية، واعادة بناء المؤسسات الصحية والمدارس وتجديد الخدمة المدنية وحل الخلافات عبر الحوار لا العنف, وشدد الأمين العام على أن بناء السلام لا يعني التطبيق القسري لخطة ما، بل هو عملية بناة أعمدة السلام حجراً حجراً, وقال إن آليات بناء السلام تختلف باختلاف منظمة الأمم المتحدة نفسها واشار الى ان كافة اجزاء منظومة الأمم المتحدة بما فيها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، تشارك حاليا في شكل من أشكال بناء السلام, وأشار عنان الى ان نزع السلاح وفض الاشتباك واعادة دمج المتحاربين السابقين وتعليم حقوق الانسان واعادة اللاجئين وتعزيز الحلول للنزاعات وتقنيات المصالحة، تعتبر جزءا من قائمة طويلة للأنشطة, واضاف ان الأمم المتحدة تعمل ايضا على تعزيز التبادل الثقافي بغرض ربط الدول عبر شبكات من الأعمال والفرص، لا شباك من الخصومة والعداء.
وأكد أن المنظمة الأممية تعمل على تحسين الترتيبات الداخلية لديها لضمان تماسك هذه الجهود، حتى تتم عملية بناء السلام بطريقة متكاملة، بالاضافة الى كونها شاملة.
دعوة للتنسيق بين الجهود الدولية
ودعا الأمين العام الى بذل مزيد من الجهود لتنسيق عملية بناء السلام مع تزايد الدوائر والصناديق المعنية ببناء السلام في مختلف وكالات وهيئات الأمم المتحدة، حتى يتم تعزيز جهود بعضها البعض وتفادي التكرار والإرباك, وقال عنان ان المجتمع الدولي ينظر الى عمليات بناء السلام باعتبارها تحدث بصورة رئيسة في الترتيبات التي تلي النزاعات، حيث تكون الأهداف في هذه الحالة هي تقوية السلام وتعزيز الاستقرار الهش الذي تم التوصل اليه بصعوبة، والأهم من ذلك منع الرجوع مجددا الى النزاع, ولكنه أكد ان بناء السلام يعتبر آلية وقائية، بامكانها التعامل مع الأسباب الجذرية للنزاعات، وبالامكان استخدامها قبل اندلاع الحرب, وأكد ان المجتمع يكون على حافة الانهيار بحاجة الى تلك الآلية بقدر المجتمع الذي حدث فيه الكارثة, واضاف ان وضع تلك الآلية في الوقت المناسب كفيل بانقاذ الأرواح وتفادي المآسي, وأوضح ان المبرر السياسي والاقتصادي والانساني لهذا التوجه صحيح تماما, وأشار الى ان المشكلة تكمن في عدم ممارستنا للوقاية عندما يتطلب الأمر ذلك.
عملية السلام ينبغي أن تكون طويلة المدى
ودعا عنان الى أن تكون عملية بناء السلام عملية طويلة المدى سواء بدأت قبل أو بعد أو أثناء اندلاع النزاع, وشدد على عنصر الاستعجال عندما تدعو الحاجة الى تحقيق قدر ملموس من التقدم على عدد من الجبهات خلال فترةزمنية قصيرة, وطالب عنان بأن يكون بناء السلام عمل المجتمع الذي تتهدده النزاعات أو الذي يعاني منها, في حين تدعم الجهود الدولية لتعزيز السلام والتنمية الجهود الوطنية.
وحذر عنان من أن بناء السلام مهمة صعبة للغاية، حيث تبدأ الدول الخارجة من النزاعات المطولة، تبدأ غالبا من الصفر في أجواء من الكراهية والضياع, وتحتاج الى قدر من المثابرة والرؤية الثاقبة، بالاضافة الى الشجاعة لمتابعة المصالحة في مجتمعات تمزقها الشكوك وعدم الثقة, ونوه الأمين العام الى أن بناء السلام يتميز عن أنشطة التنمية الاعتيادية أثناء الأوضاع التي لا تكون فيها أزمات, فعندما ينزلق بلد ما في النزاعات أو يخرج من حالة الحرب تختلف احتياجاته نوعا عن تلك التي تكون فيها المجتمعات مستقرة, ويتطلب ذلك اعادة تنظيم أنشطة التنمية الاعتيادية والأنشطة الانسانية الأخرى، حتى يكون أول أهدافها المساهمة في منع اندلاع أو تجدد النزاع.
عملية السلام تنموية انسانية
وأشار عنان إلى وصف البعض لتلك العملية بأنها النظر الى التنمية والعمل الانساني عبر عدسة منع النزاع بينما تحدث آخرون عن برامج صديقة للسلام تتميز بمرونة للتعاطي مع الاحتياجات الاستثنائية للأقطار الخارجة من أو التي على حافة النزاع, كما ان بناء السلام قد يعني خص مجموعات معينة في مجتمع ما بمعاملة تفضيلية، بغرض اعادة النظر في اللامساواة التي كانت سائدة والتي قد تكون غذت التوترات المتفجرة, وبالتالي قد يتضمن ذلك تخصيص موارد قد لا تكون كافية من وجهة النظر الاقتصادية المحضة.
وأكد عنان أن الجمعية العامة ومجلس الأمن التابعين للأمم المتحدة قد أدركا خلال العقد الأخير أهمية بناء السلام والحاجة الى العمل مع عدد من الشركاء بما فيهم المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص, وأضاف ان مجلس الأمن أدرك ان بناء السلام يمكن أن يصبح مكونا هاما لعمليات حفظ السلام، وان هنالك حاجة لاضافة ادوات وقائية مثل الانذار المبكر والدبلوماسية والانتشار الوقائيين ونزع السلاح, ونوه الى أن بناء السلام ساعد في كثير من الأقطار على تسهيل التطبيق ومنع انهيار اتفاقيات السلام, كما ساهم في أقطار أخرى في تمتين الاستقرار الهش, كما أن هنالك مشاريع تجريبية لبناء السلام، وبالرغم من حداثتها وتضررها من قلة الموارد، إلا انها ساعدت الحكومات على تدمير الأسلحة وبناء المؤسسات وحشد الدعم الدولي لاحتياجات المجتمعات التي تعمل فيها, وكشف عن السعي لوجود عملية لبناء السلام في الصومال.
التأكيد على الدور الرئيسي لمجلس الأمن
وأكد عنان على الدور الرئيس الذي يعود لمجلس الأمن, ومن ضمن التحديات الأساسية في بناء السلام، أشار عنان الى حشد الارادة السياسية المستدامة والموارد من جانب المجتمع الدولي, وأشاد بعدد من الأفكار الجيدة التي قدمت مثل تطبيق اتفاقات سلام وتصميم عمليات حفظ السلام, وأشار عنان الى مساهمة المنظمات الاقليمية, وخلص الأمين العام الى ان بناء السلام يشكل تحديات معقدة ومتنوعة, ووعد في هذا الشأن ببذل أقصى جهوده لتحسين مشاريع بناء السلام القائمة واستكشاف التجارب الموجودة لدى منظومة الأمم المتحدة وشركائها, ودعا عنان أعضاء مجلس الأمن الى وضع بناء السلام في سلم أولوياته, وطالب بأن لا ينظر المجتمع الدولي الى بناء السلام على أنه مجرد اضافة أو شيء يمكن النظر فيه لاحقا عندما تسمح الظروف أو الموارد أو السياسة, وشدد على أن بناء السلام أداة مركزية أثبتت جدواها, وناشد الجميع الالتزام بتنمية وتحسين بناء السلام واستخدامه في الوقت الملائم.
|
|
|
|
|