| الاقتصادية
ليس من السهولة أن يجاب على تساؤل مثل كم معدل دخل موظف الحكومة بدول مجلس التعاون؟ وهذا السؤال وجّه لي قبل بضع سنوات وحاولت البحث عن مصدر موحد ولم أتمكن من الإجابة عن ذلك رغم اهتمامي بجانب سياسة الرواتب والأجور التي اكتب عنها بين الحين والآخر.
وقد يتساءل القارئ الكريم وما هي أهم المعوقات حيال ذلك؟ وأقول يكفي ان تعلم أن المصطلحات اللفظية المتداولة لأنواع دخل الموظف الحكومي غير موحدة، بل ومن الصعوبة ان يُعرف مدلولاتها لغير المتعاملين بها بكل دولة على حدة,, ومثال على ذلك بعض الدول تستعمل الراتب او المعاش وبدل المسافات أو بدل النائي وبدل المواصلات أو بدل النقل والعلاوة الاجتماعية أو علاوة الغلاء والدرجة أو الحلقة والسلم أو الجدول وهلم جرا ناهيك عما يسن من ضوابط وشروط تنظيمية للتعامل مع اقرارها من عدمه.
ولو تم توحيد هذه المصطلحات الادارية لخطونا خطوة أولية لاعداد دراسة حول سياسة الرواتب والاجور لهؤلاء العاملين وسيلي هذه الخطوة خطوات أكثر تتطلب جهودا فنية وربما سياسية ودبلوماسية اكثر، كأن يوحد معيار تقييم المؤهلات العلمية والعملية سنوات الخبرة والقدرات ثم المهارات فلو تم ذلك لربما نصل إلى توحيد الحد الأدنى للدخل ومعدلات الدخل لكل فئة من هؤلاء العاملين وهذه خطوة متقدمة في سبيل الوصول إلى توحيد الدخل لمنسوبي الحكومات بهذه الدول وفق سياسة الرواتب والاجور، لتساهم في الوصول إلى تقارب اكثر للاهداف التي تسعى إليها هذه الحكومات وفقهم الله وسوف يكون لهذا التوحيد النسبي او التقريبي الحتمي اهمية لوضع وسيلة تساند الوسائل التي تسعى هذه الدول الى تحقيقها من وسائل التقارب السياسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي.
ووضع سياسة للرواتب والأجور لكل شرائح وفئات القوى العاملة بدول مجلس التعاون ضرورة لابد منها مستقبلا لأن أغلب الانظمة الاقتصادية والانظمة الاجتماعية تُبنى على تلك السياسة خصوصاً ان الاقتصاد اثبت انه أهم العوامل للربط بين فئات المجتمع والدول التي تجمعها اتحادات، وهذا ما أخذت به دول الاتحاد الاوروبي التي وصلت إلى مرحلة توحيد العملة وتعتبر هذه خطوة غاية في التقدم لتأكيد الاتحاد وهناك دول استثمرت عنصر الاقتصاد كسلاح للتعامل مع الخصم وقد يكون له مفعول ابعد من بعض الاسلحة العسكرية فما بالك بأهميته لتوثيق الروابط الايجابية التي تسعى لها حكومات المجلس.
ولعل دول مجلس التعاون تضع خطة زمنية وموضوعية لبرمجة مراحل توحيد سياسة الرواتب والاجور للقوى العاملة بدول مجلس التعاون بدءا من موظفي الحكومات.
وقد يكون من المفيد التوصل إلى قواعد ومبادئ وضوابط تسن للاسترشاد بها مرحليا حتى نصل بمشيئة الله ثم بالارادة وتطوير الانظمة إلى توحيد هذه السياسة التي يعول عليها اجتماعيا واقتصاديا لتحقيق الخير والرفاة والأمن لكل فرد من دول مجلس التعاون الخليجي وهذا ما تم بالفعل وصدر من الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي تحت عنوان النظام النموذجي الاسترشادي للخدمة المدنية الذي اقره الوزراء في الاجتماع الوزاري الثالث لرؤساء الاجهزة المركزية للخدمة المدنية في 15 مارس عام 1989م واشتمل هذا القرار على 44 مادة تعرضت للكثير من أنظمة الخدمة المدنية كالتعيين وواجبات الموظفين والرواتب والعلاوات والبدلات والاجازات والترقيات والنقل والندب والإعارة والتأديب وإنتهاء الخدمة.
وقد أشارت المواد (19 20 21 22) إلى ما يخص جانب الرواتب والعلاوات الدورية والبدلات والمكافآت والتعويضات والحوافز فهل حان الأوان ان ينتقل المجلس في دراساته وطرحه من مرحلة الاسترشاد الى مرحلة التعيين بوضع قواعد لسياسة الرواتب والأجور للعاملين,
وأعتقد ان مضي قرابة اثنتي عشرة سنة يوجب الانتقال لمراحل التطبيق خاصة ان الوزراء المعنيين عندما عرض عليهم وأقروا المواد المشار إليها أشاروا إلى أن على الأمانة العامة ان تدعو لجنة فنية من الدول الأعضاء بعد مرور ثلاث سنوات على التطبيق الاسترشادي للنظام وذلك لتقويمه وتطويره حسب تطور خبرات الدول الأعضاء.
وهنا نجد الفرد المواطن بدول المجلس يتطلع الى الاستعجال في تحقيق أهداف سامية كتوحيد أو تقريب معدلات الدخل بدول المجلس وخاصة مَن تجمعهم قواسم مشتركة كالعاملين بحكومات هذه الدول، بل وتتجاوز ذلك إلى كل شؤون العاملين بالخدمة المدنية كتوحيد الاجازات ونظم الترقيات والتدريب والابتعاث لكي نصل إلى خدمة مدنية أفضل في دول المجلس والتي تسعى إلى توحيد كل سبل الخير لمواطنيها,,
والله الموفق.
* مساعد نائب وزير الخدمة المدنية
|
|
|
|
|