| الثقافية
* كتب المحرر:
في سياق ملتقى السرد والقصة الاسبوعي في خيمة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، اقيمت مساء الثلاثاء الماضي امسية نقدية حول السرد القصصي النسائي وهي ورقة بعنوان لالقصة القصيرة وتطورها في كتابة المرأة السعودية قدمتها الدكتورة سعاد المانع وقام بقراءتها الشاعر عبدالله السميح المحرر الادبي وعضو تحرير لالمجلة العربية والذي اجاد تقديم هذه الورقة التي اتسمت بالطول والاسهاب,, وجاءت البداية على هذا النحو:
يمكن القول ان كتابة القصة القصيرة في بلادنا احتلت مكانا بارزا في كتابة المرأة في السنوات القريبة الماضية, وقد بدأت كتابة المرأة للقصة القصيرة تظهر بوضوح منذ الستينات الميلادية ويبدو انتاج القصية القصيرة اليوم مزدهرا عند عدد من الكاتبات السعوديات, وقد يكون من الصعب الحديث عن تطور للقصة القصيرة خاص بكتابة المرأة وحدها, فمن المحتمل جدا ان لا يكون في تقنيات القصة في كتابة المرأة عموما ما يختلف عن نظيره في كتابة الرجل, وان لا يكون في الموضوعات التي تتناولها كاتبات القصة ما هو مختلف كثيرا عن نظيره في كتابة الرجل, ولكن ان شيئا مثل هذا لا يمكن النظر اليه بوضوح، والحكم باثبات وجوده او عدم وجوده، دون دراسة مستقلة لكتابة المرأة تهدف الى تبين التقنيات المتبعة في قصص المرأة، وتهدف الى ملاحظة زوايا الرؤية في القصص التي كتبتها الكاتبات، ومدى وجود تطور فيها مع مرور الزمن.
ويمكن القول ان القصة القصيرة عند المرأة في السعودية وتطورها، مازالت بحاجة لدراسة خاصة, فهناك عدد من الدارسين تناولوا القصة القصيرة عموما في السعودية, ولكن في سياق هذا الاطار العام قد تأتي بعض شواهد قليلة من كتابات المرأة القصصية مثلما جاء في القصة في الادب السعودي لمنصور الحازمي (1981م)، وهو كتاب رائد في هذا المجال، وقد لا تأتي كما هو الحال في مقالته اضواء على تطور القصة السعودية , وهناك من افرد كتابة المرأة القصصية بالدراسة، ولكن يأتي هذا بمعنى يشمل الرواية والقصة القصيرة معا مثل دراسة نسيم الصمادي لدراسة في ادب المرأة السعودية القصصي (1981), ولعلنا لا نجد غير دراسة وحيدة اقتصرت على القصة القصيرة عند المرأة في الادب السعودي ، هي دراسة فوزية بريون لعن القصة النسائية القصيرة في الادب السعودي (1420ه/ 1999م) , وقد تناولت البدايات التاريخية لكتابة القصة القصيرة في السعودية عموما، وتناولت بدايات ظهور كتابات المرأة في الصحف وموقف المجتمع منها، ثم وقفت عند انتشار القصة القصيرة عند الكاتبات، وقد اختارت بعض قصص مريم الغامدي وبدرية البشر لتناولها بالتحليل, ولم تتعرض المقالة لمدى النمو او التطور في الكتابة القصصية عند المرأة, والدراسة الحالية تعرض لنماذج منتخبة من القصص التي كتبتها نساء خلال الفترة الماضية وهي تزيد على ربع قرن، ومن الطبيعي ان تستفيد بوجه او آخر من الكتابات السابقة التي اتيح لها ان تطلع عليها, وتعتمد الدراسة هنا ملاحظة ما يوجد في القصص من تطور في التقنية، او محاولة تجريب في البناء، وكذلك ملاحظة زوايا الرؤية عند نماذج من كاتبات القصة ومدى وجود تطور او تغير فيها بين مرحلة ومرحلة، دون القطع ان هذا التطور في تقنية كتابة القصة هو خاص بكتابة المرأة وحدها, ان مثل هذا النوع من الدراسة يقدم خطوة اولى لمقارنة كتابة المرأة القصصية بكتابة الرجل في المجال نفسه، ومن خلال المقارنة يمكن ان تكون الخطوة التالية تبين مدى خصوصية كتابة المرأة في فترة تاريخية معينة والسمات الغالبة عليها, وتبعا لهدف الدراسة سيأتي المنهج هنا متسما بالتتبع التاريخي الى جانب التحليل الوصفي الفني، والى جانب هذا سيكون موضع عنايته ملاحظة وجود سمات خاصة في كتابة المرأة مستفيدا من منهج النقد الادبي النسوي, والدراسة الحالية تقتصر على عدد من النماذج، دون استقصاء لجميع الكاتبات او جميع انواع القصص، فهي تقدم سبرا لما هو موجود عند كاتبات القصة، وليس دراسة موسعة تشمل كل ما وجد من نماذج التقنيات او زوايا الرؤية عند القاصات.
كما هناك امر مهم ينبغي عدم اغفاله وهو ان بداية كتابة القصة القصيرة عند المرأة في السعودية لا يمكن ان تعزل عن الاطار المحيط بها, فغني عن البيان انه دون وجود التعليم للمرأة وانتشاره السريع في مختلف انحاء السعودية ، وما كان يمكن للمرأة ذات الموهبة القصصية ان تسهم في هذا المجال بالصورة الواسعة التي نجدها عليها اليوم, ويمكننا ملاحظة كيفية اسهام الكاتبات في هذا المجال الفني، كيفية البدايات عند الكاتبات وكيفية التطور, وذلك من خلال ملاحظة نماذج للكتابة القصصية في فترات مختلفة, وهنا تعرض الدراسة الحالية بايجاز نماذج من كتابة القصة القصيرة عند الكاتبات ومدى ما يظهر فيها من تطور في زوايا الرؤية عبر الامتداد الزمني، ومدى ما يظهر فيها من تطور عبر محاولة استعمال تقنيات جديدة للكتابة القصصية، وافساح المجال للتجريب الفني.
اما مرحلة البدايات فانها في حدود (1386-1399ه/1966-1979م) عن النظر في بعض القصص التي نشرت في هذه المرحلة نجد مثالا لذلك في المجموعات القصصية التالية: نجاة خياط، مخاض الصمت 1966م، وسميرة بنت الجزيرة، وتمضي الايام 1969م، وفاطمة داود حناوي، اعماق بلا بحار (السبعينات), وهنا يجدر التوقف عند ملاحظتين مهمتين تتصلان بالدراسة، الاولى هي ان الحدود الزمنية للمراحل اعتمدت للتقريب ، وليس للقطع بانها تمثل حدا فاصلا في السمات الفنية في القصص بين مرحلة زمنية واخرى, فطبيعة التطور لا يمكن ان تحدث الا تدريجيا, الثانية هي ان الاعتماد في معظم هذه الدراسة كان على القصص المنشورة في مجموعات وليس على القصص المنشورة في الصحف فهذا يسهل اجرائيا عملية الدراسة للتطور في حدود موجزة, وتختتم الدكتورة سعاد المانع بحثها المطول قائلة: فيما سبق كان الوقوف عند نماذج من كتابة المرأة للقصة القصيرة توالت في حدود ثلاثين عاما تقريبا, وتمكن الملاحظة ان تطورا ليس بالقليل حدث للقصة القصيرة التي تكتبها المرأة, فقد يكون الاطار المهيمن على كتابات المرأة في كل هذه الفترة هو تبني مشكلات المرأة والدفاع عنها, ولكن زوايا الرؤية اخذت تتعدد وتختلف, والتقنيات البسيطة التي لم تتجاوز السرد المباشر في القصص الاولى، اخذت تتعدد وتتنوع في المراحل التالية, ويمكن القول انه ظهر في القصص السابقة رؤية للعالم وللنفس البشرية تعتمد زاوية رؤية المرأة, ان رؤية ما تحدثه تجربة الموت في قصة الشملان تأتي من زاوية رؤية امرأة، ورؤية العالم الداخلي المضطرب لشاب يحلم باعجاب الفتاة الشقراء به في قصة الطاسان هو زاوية رؤية امرأة, ان الحيز الضيق المتاح للكتابة هنا حال دون ادراج عدد من التفاصيل وربما عدد من النصوص التي تستحق التوقف عندها, وهنا تجدر ملاحظة مهمة انه ليس المقصود بتطور كتابة المرأة للقصة ان كل ما كتبته المرأة من قصص في السنوات الاخيرة يحمل تطورا, فهناك بعض كاتبات ظهرن على الساحة في الفترة القريبة الماضية ولكن لم تحمل كتابتهن اية معالم مميزة تستحق التوقف عندها, ولكن الهدف هنا هو الوقوف عند نماذج من الكتابات التي ظهرت فيها محاولات للتطور في الكتابة والتجريب في فن كتابة القصة.
وبعد ان فرغ السميح من قراءة ورقة الدكتورة سعاد المانع علق مدير الملتقى القاص خالد اليوسف على الورقة شاكراً الدكتورة سعاد على هذا التواصل مشيراً الى ان هذه الورقة التي ساهمت بها هي دراسة تطبيقية على العديد من النصوص القصصية للكاتبة السعودية والتي استهلتها بنجاة خياط، وسميرة بنت الجزيرة، وفاطمة حناوي وهن من جيل السبعينات الهجرية, ثم جاء اول المعلقين على هذه الورقة وهو الناقد الدكتور سلطان القحطاني الذي علق على هذه الدراسة مشيراً الى اهمية الرصد التاريخي للانجاز السردي ولاسيما الفن القصصي والروائي الذي يرى انه ووجه بالعديد من المصاعب والتداخلات التي تكون غالباً من قبيل الخواطر والتأوهات والبوح والعاطفي الذي لا يمكن معه ان نحدد معه هوية الادب النسائي في مراحل النشأة, ويرى الدكتور القحطاني ان ورقة د, المانع هي من قبيل الرصد التاريخي والكشف الحقيقي عن جوهر هذه التجارب التي يراها - شخصياً- تحسنت هذا اليوم في النواحي الشكلية الا ان المضمون لم يتغير, ثم علق الدكتور محمد المنور شاكراً للدكتورة المانع اسهامها القيمي مستهلاً مداخلته بسؤال لماذا يظل الطرح النسائي طابعه قصصي, ,؟ لماذا لم نر رواية مثلاً؟ كما اكد على اهمية التأمل في مثل هذه الدراسات التي تفتش في خبايا المرحلة ان يكون الطرح شاملاً ودقيقاً لابعاد هذه المرحلة التي خضعت لها هذه الدراسة ليكون الوقوف على الانجاز القصصي النسائي منصفاً وحقيقياً,, مؤكداً في نهاية مداخلته ان المنهج النقدي النسوي هو الذي يمكن ان يحاور عالم المرأة واهتمامها الادبي.
وجاءت مداخلة القاص حسين علي حسين مؤكدة طول الورقة ومشيراً الى ان الرجل قد حظي بالنقد والهجوم, وضم صوته الى صوت المداخل الاول على الورقة د, سلطان القحطاني مؤكداً على اننا لا يمكن ان نأخذ البدايات على انها رجولية صارمة وانما كان هناك توازن في مثل هذا الطرح بين الرجل والانثى,, وربط بين تجربتين في هذا المجال بين غالب حمزة ابو الفرج وسميرة خاشقجي (بنت الجزيرة) وهما نوعان حقيقيان للبدايات الفضفاضية والشطحات المتباعدة, تلك التي يرى (حسين علي حسين) انها لا تصلح على الاطلاق ان تكون البدايات للسرد السعودي.
وتحدث الروائي والقاص ابراهيم الناصر الحميدان مشيراً الى ان امل شطا، ورجاء عالم هما تجربتين حقيقيتين للغموض في الرواية السعودية ويرى انها تجارب لا تختلف كثيراً عما يطرحه الاديب الرجل مؤكداً على اهمية ورقة الدكتورة سعاد المانع ومنهجها النقدي المتميز في اثبات حالة الابداع النسائي فيما يسمى بالبداية التي كونت الهيكل النقدي لقضايا المجتمع اذ يرى (الحميدان) في مداخلته ان قضايا المجتمع هي العنصر المهم في مثل هذه الطروحات الروائية والقصصية, وعلق القاص طلق المرزوقي معلقاً على ان منهج الدراسات النقدية للاعمال السردية غالباً ما يكون تاريخياً فيما يراه خطأ لا يعلم اسبابه, وتداخل الناقد الدكتور عبدالعزيز السبيل مع ورقة الدكتور سعاد المانع مؤكداً على ان الدكتورة المانع قد دخلت عالم السرد من خلال نقدها للشعر,, واشار الى ان الورقة كانت مطولة ولم يتمكن (الاستاذ السميح) من قراءتها كاملة مؤكداً على اهمية ان تكون خلاصة باربع ورقات مثلاً تقدم للمستمع من أجل ان يتمكن الجميع من التداخل معها بشكل واضح, وألمح الناقذ السبيل وفي سياق مداخلته الى ان الخطأ في الطرح السردي وعلى مستوى الجزيرة العربية يتمثل في الانطلاقة من حيث بدأ الاخرون اذ نجد ان البدايات السردية في الامارات في اوائل السبعينات تمثل البدايات في اول الخمسينات في المملكة, مؤكداً على اهمية ان تكون الانطلاقة للابداع السردي من حيث وقف الاخرون لا من حيث مبتدأهم.
وكان لصالح الحسن مداخلة حول شكوى المرأة من الظلم، والحاح في مطالباتها في حقوقها وهي رؤية يرى انها لا تزال قائمة حتى في الغرب, واشار الى ان ورقة الدكتورة سعاد المانع كانت خالية من المقاطع والفواصل التي يمكن ان نتوقف عندها من اجل التأمل والمداخلات, وجاء تداخل من سعيد الزهراني الذي تساءل عن اهمية هذه الكتابات التي تكتب خارج البيئة المحلية من امثال سميرة بنت الجزيرة، وغازي القصيبي وروائيين اخرين,,؟ كما تساءل عن وجود الحداثة القصصية,,؟ وما المراد بها في مجال السرد القصصي والروائي في الداخل؟ وتصدى لهذا السؤال كل من الدكتور سلطان القحطاني والقاص حسين علي حسين واحمد الدويحي، ومحمد المنصور الشقحاء ود, احمد قطرية، واحمد الزبن، عبدالحفيظ الشمري,وختمت الورقة بشكر من مدير المنتدى الاستاذ خالد اليوسف والمح الى ان ضيف الامسية في الاسابيع القادمة سيكون القاص خليل القريع وقراءات نصوصية لكل من ندى الطاسان ، فاطمة الرومي، فردوس ابو القاسم، وعائشة منسي,, مشيراً الى ان الاسبوع القادم سيكون نشاطاً ثقافياً يمثل الاسبوع الثقافي الليبي بالمملكة.
|
|
|
|
|