|
| مقـالات
سئل الشاعر اللبناني سعيد عقل مماذا يتكون افطاره الصباحي؟ وهو الذي كان قد احتفل بعيد ميلاده الثمانين، فقال انه يفطر بلتر من الماء ورغيف من الخبز، وكان رجل الأزياء الفرنسي بير كاردان يخصص مساحة من قصره، لزراعة ما يحتاجه من الخضراوات، وهي مزروعات خالية من الأسمدة الكيميائية والمبيدات، انه كما قال يؤمن حاجته من الغذاء الكامل من مزرعته الصغيرة، ولذلك فإنه يبدو دائماً بعيداً عن السمنة والترهل، إنه فلاح عصري، ورجل اقتصاد من جماعة الطب البديل، يصر على هكذا طريقة في تأمين غذائه، رغم امتلاكه لامبراطورية تجارية قادرة على تأمين غذائه وبالطائرة، من أي مكان في العالم، ما زالت أرضه بكراً، لم تتلوث بالأسمدة المصنعة، ولم تقربها المبيدات!
أما الأديب اللبناني الكبير ميخائيل نعيمه، فقد كان يعيش بعد عودته من المهجر في قرية بسكنتا الجبلية اللبنانية، وهو أيضاً لم يكن يقرب اللحوم، بكافة أشكالها، وكان غذاؤه يتكون كما يقول من الأعشاب التي يجمعها من حديقة منزله الريفي، ومن الأحراش والجبال القريبة,, وأعرف العديد من الناس الذين لم يقربوا اللحوم بتاتاً، بدون أن يكون لديهم أية فكرة عن مضارها، وهم يندهشون من اقبال غيرهم عليها!!
وعندما كنت صغيراً في المدينة كان فطورنا وعشاؤنا غالباً ما يتكون من لبن الماعز والفطيرة التي تجهزها أمي, كما في غاية الرشاقة، نصحوا قبل أن تبسط الشمس اشعتها على الحارة,, وكانت العديد من البيوت في المدينة وغيرها من المدن يجهز غذاؤها من اللبن من خلال عدد من الماعز وصاج كبير، لتجهيز فطير الصباح والمساء، ونادراً ما يقبل الناس على الخبز المجهز في الأفران,, اكتشفنا ومن سنوات قليلة، ان هذه الطريقة في الغذاء من سعيد عقل وحتى ميخائيل نعيمه وبينهما كاردان، هي الطريقة الصحيحة، بعد أن غرقنا ولسنوات طويلة في الخضروات والفواكه، التي باتت تنتج على مدار العام، دون الالتزام بالرزنامة الزراعية، كنتيجة طبيعية للبيوت المحمية والمياه المعالجة والأسمدة الكيميائية، وغيرها من المنشطات، التي تحقن بها الدواجن والمواشي.
اكتشفنا كل ذلك حين دقت الخالة الدكتورة مريم نور ناقوس الخطر من خلال حلقتين تلفزيونيتين بثتهما قناة الجزيرة، مع ان هذه الخالة لم تقدم لنا أي جديد سوى النواقيس، لكنها مثل الطبيب الذي يقول لمريضه بعنف: عندك ضغط لا تقرب الملح، ولا اللحم! ولا ولا,, أما ما هو الشيء الذي يقر به دون مخاطر فإنه لا يقوله له,, وهذا ما فعلته الخالة مريم نور,, انها مثل أمي وجدتي تتبع الطريقة الصحيحة في طبخها واختيارها للأغذية، دون أن تعرف لماذا طبخت ما طبخت,, ولماذا اختارت القدر النحاسي بدلاً من الألمنيوم، ولماذا تشرب من الزير الفخاري والشربة أو القله التي تضعها على الروشان ولا تشرب من الثلاجة، انها الفطرة التي تحرك أمهاتنا وجداتنا ولذلك نغفر لهن أي تقصير اما د, مريم نور فقد وصلتنا لحد البئر وقطعت الحبل بيننا كما تقول الأغنية اللبنانية!
|
|
|
|
|
