أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 12th February,2001 العدد:10364الطبعةالاولـي الأثنين 18 ,ذو القعدة 1421

الطبية

روماتيزم الركبة الاحتكاكي
مفصل الركبة من أكبر مفاصل الهيكل العظمي البشري
يعتبر مفصل الركبة من أكبر مفاصل الهيكل العظمي البشري، ويتركب من مفصلين، ينشأ الأول من تمفصل أسفل عظمة الفخذ مع أعلى عظمة الساق فيما ينشأ الثاني من تمفصل السطح الداخلي لعظمة الصابونة مع السطح الأمامي لأسفل عظمة الفخذ.
تغطى أسطح التمفصل الثلاثة بطبقة سميكة نسبيا من الغضروف الذي يسهل حركة العظام وانزلاقها فوق بعضها أثناء الحركة، كما تشكل هذه الطبقة الغضروفية حماية لسطح العظم من التآكل نتيجة احتكاك العظام ببعضها أثناء الحركة.
* ما هو روماتيزم الركبة الاحتكاكي؟
ببساطة وكما هو واضح من الاسم التشخيصي، فإن روماتيزم الركبة ا لاحتكاكي هو التهاب مفصل الركبة نتيجة لاحتكام سطح المفصل وتآكله, قد يبدو هذا التفسير مخيفاً بعض الشيء ولكن أرجو أن لا يتصور القارئ ان تآكل المفصل نتيجة الاحتكاك يعني تهشمه أو تسوسه البالغ كما يتصور أغلب المرضى, المقصود هنا هو تآكل الطبقة الغضروفية التي تحمي سطح المفصل من الاحتكاك مما ينتج عنه تعرية سطح المفصل العظمي فيبقى دون حماية مما يؤدي الى احتكاك صريح للعظام المتمفصلة أثناء الحركة,, وهنا يجب ان نعرف ان سطح العظم غني جدا بمستقبلات الألم الحسية والتي تنقل بدورها الإحساس بالألم الى الدماغ, لذلك يحس من يفقد الطبقة الغضروفية بآلام المفصل أثناء الحركة, ولك عزيزي القارئ أن تتخيل ذلك فبدون وجود هذا الغلاف الغضروفي تظل العظام بحالة احتكاك دائم يسبب ألما وكذلك صوت أقرب ما يكون الى الفرقعة أو الخشخشة وغالبا ما يكون هذا الصوت ناتج عن تفتت الغلاف الغضروفي وانطلاق أجزاء صغيرة منه تبقى سابحة في داخل المفصل.
* ما هي مسببات الروماتيزم الاحتكاكي؟
قد يكون الاحتكاك ناتجا طبيعيا لاستهلاك المفصل لفترات طويلة كما يحدث في كبار السن مثلا.
فالتغيرات الاحتكاكية نتيجة طبيعية لدى كبار السن ومن الصعب تفاديها, إلا أن هناك عوامل تساعد على سرعة ظهور هذه التغيرات الاحتكاكية في سن مبكرة نسبيا.
هناك أسباب يصعب التحكم فيها مباشرة مثل الحوادث التي تصيب الركبة بإصابات مباشرة، أو الالتهابات الباثولوجية التي تزحف الى المفصل مثل ( T B السل أو النشاط الزائد للغدة الدرقية, من ناحية أخرى هناك أسباب يمكن التحكم فيها والسيطرة عليها ومنها:
1- كيفية استخدام (استهلاك ) المفصل.
2- الوزن الزائد.
3- اللياقة البدنية.
* والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن للعوامل السابقة ان تؤثر على المفصل وكيف يمكن الوقاية منها؟
إن طريقة استخدام أو استعمال المفصل على المدى الطويل يؤثر تأثيرا مباشرا على سرعة تآكل السطح الغضروفي أو إبقائه بحاله جيدة، كيف؟
من النشاطات التي اعتدناها في حياتنا اليومية، وتقديرياً فإن معظمنا يحرص على الجلوس مع ثني الركبتين إلى أقصى حد ممكن كما يحدث في حالة التربع وهي الجلسة المعتادة لدى معظمنا حتى يمكن اعتبارها أحد الموروثات الاجتماعية لدينا، إن الجلوس بهذه الطريقة يسرع من إنهاء العمر الافتراضي للمفصل ويفضي الى سرعة تآكل الطبقة الغضروفية نتيجة للاحتكاك والضغط الناتج عن هذا الوضع كما ينطبق هذا على وضع جلوس القرفصاء (Squating) فبصورة عامة الأوضاع التي تتطلب ثني كامل للركبة لفترات طويلة تشكل إرهاقاً وضغطاً كبيرين على سطح المفصل مما يؤدي الى سرعة تآكله.
أما الوزن الزائد (السمنة) فهي العدو الأكبر لمفصل الركبة، فالركبة بحكم موقعها في منتصف الطرف السفلي للجسم تتعرض لأحمال وضغوط وأهمها وزن الجسم، فوزن الجسم بأكمله يقع بنسبة عالية على مفصل الركبة ويتضاعف هذا الضغط إذاً ما حمل الشخص أحمالا أخرى إضافية.
إذا كلما زاد الوزن زاد الضغط على مفصل الركبة مما يؤدي الى إرهاق الطبقة الغضروفية المغلفة لسطح المفصل، كما يعمل هذا الضغط على انقاص المسافة الفاصلة بين أسطح التمفصل مما ينتج عنه ضيق في المساحة الداخلية للمفصل يؤدي الى صعوبة في الحركة.
أما اللياقة البدنية فهي مهمة للغاية كعامل وقائي وأيضا علاجي فالأصحاء والمرضى مطالبين بالاهتمام بلياقتهم البدينة على حد سواء , ونقصد باللياقة البدنية المحافظة على القوة الطبيعية للعضلة وكذلك الطول الطبيعي للنسيج العضلي، كيف ولماذا؟
إن مفصل الركبة بحد ذاته غير ثابت حيث إن أسطح التمفصل مسطحة نسبيا ولا توفر التلاحم المطلوب للثبات، لذلك أبدع الخالق في تصميم الأنسجة الليفية والعضلات المحيطة بالمفصل بحيث توفر الحماية والثبات الضروريين لهذا المفصل الحيوي، حيث يلتف رباط ليفي ضام حول المفصل ليبقيه ثابتا، ويدعم هذا الرباط الكبير بأربطة إضافية على جانبي المفصل، ثم تأتي أوتار العضلات الأمامية والخلفية للفخذ لتزيد من دعم الأربطة والمفصل.
كما أن العضلات إذا كانت قوية ولائقة فإنها تسهم إسهاماً كبيراً جدا في حمل وزن الجسم أثناء الوقوف وبذلك تخفف من الوزن الواقع على المفصل ، يعني بعبارة عامية بسيطة إذا ما كانت العضلات قوية فإنها تساعد وتشارك العظم في تحمل ثقل الجسم الواقع على المفصل، أما إذا كانت ضعيفة فإنها تلفى بالحمل كاملا على المفصل مما يؤدي الى إرهاقه والتعجيل في تلفه.
قد يتبادر سؤال الى ذهن القارئ، هل هناك عقاقير (أدوية) تساعد على استعادة الطبقة الغضروفية التالفة؟!
الجواب للأسف لا، فالطبقة الغضروفية غير قابلة للتجديد وهي بذلك عكس الأنسجة الأخرى، فالجلد مثلا قابل للتجدد إذا ما احترق أو جرح وكذلك العظم، إلا أن الغضروف ليس من طبيعته التجدد فإذا ما خسر يبقى خط الخسارة دون رجعة!
فهي في مجملها عقاقير مؤقتة تعالج العرض وليس المرض، فهذه العقاقير تعمل على تسكين الآلام لفترة محدودة وتخفف حدة الالتهابات أيضا لفترة محدودة فضلا عن آثارها الجانبية التي تؤدي الى آلام في المعدة إذا ما استخدمت لفترات طويلة.
* إذاً ما هو الحل؟!
إذاً كنت عزيزي القارئ لا تعاني من آلام مفصل الركبة/ فسارع للوقاية منها,, فهي بالطريق إليك لا محالة إذا كنت شخصاً غير لائق بدنيا!
لذلك فإننا نوصي الجميع على:
1- المحافظة على الوزن المثالي أو لتكون أكثر واقعية ونقول الوزن المعقول، وذلك بمعادلة ما تأكل مع مقدار ما تصرف من طاقة، فنحن للأسف تعودنا الأكل بكل الأحوال ولا نحرص أبدا على صرف ما نكسبه من هذه الأكل مما ينتج عنه تراكم رصيد من الدهون يرهق القلب والجسم والمفاصل!
2- الحرص على أداء التمارين بصورة منتظمه, وهنا نركز على تمرين عضلة الفخذ الأمامية والعضلة الخلفية اللازمة للمحافظة على طول العضلة الطبيعي ومرونتها وقوتها (هنا أنصح القراء باستشارة أخصائيي العلاج الطبيعي لوصف هذه التمارين بدقة).
3- تجنب ارهاق مفصل الركبة، وذلك بتجنب الأوضاع التي تتطلب ثني الركبة ثنيا تاما مثل وضع التربع والقرفصاء لفترات طويلة واستبدال ذلك بالجلوس مع مد الرجلين للأمام أو الحرص على عدم إطالة فترة الجلوس بالوضع الخاطئ أو الجلوس على كرسي.
4- الحرص على اللياقة البدنية بصورة عامة وذلك بإدخال برنامج رياضي يومي كالمشي أو السباحة لفترات محددة بصفة يومية، أو الانخراط في برنامج رياضي متقدم في الصالات المتخصصة إذا أمكن ذلك.
أما إذا كنت مصابا بهذا الداء، فسارع باستشارة أخصائي العلاج الطبيعي ليحدد مصدر مشكلتك، هل هي في سوء استخدام المفصل أو لضعف العضلات أو لقصر بعض العضلات وعدم توازن القوى حول المفصل أو لارتخاء الأربطة حيث يقوم الأخصائي بعد تحديد مشكلتك بوضع أهداف وخطة علاجية ثم ارشادك للبرنامج اللازم.
وفي كل الأحوال تبقى العناصر الوقائية التي أسلفناها (في أربع نقاط) ضرورية أيضا في هذه الحالة.
ماذا لو كانت الحالة متأخرة جدا
هنا قد يحتاج الأمر لتدخل جراحي يتم خلاله إما قطع جزء من عظمة الساق وذلك لتوسعة مساحة المفصل الداخلية أو باستبدال جزئي أو كلي للمفصل بآخر صناعي!
ويجب أن يعلم المريض أن العملية الجراحية لها شروط ومتطلبات ولا يمكن إجراؤها على أي مريض دون قيد أو شرط ونحن نشير الى ذلك لنذكر ونركز على أهمية اللياقة البدنية وضرورة التمارين، حيث إن بعض المرضى وللأسف يعترف ويسلم بكسله وعدم قدرته على الالتزام ببرنامج العلاج الطبيعي، حتى إن بعضهم يفضل الخيار الجراحي على التحفظي ولهؤلاء نقول إن الإجراء الجراحي يتطلب وزنا مناسبا للمريض ويتطلب لياقة معقولة للعضلات قبل الشروع بالجراحة.
كما ان المرضى الذين يخضعون لمثل هذه الجراحة يتوجب عليهم الالتزام ببرنامج علاجي طبيعي مكثف بعد الجراحة والنتائج غير مضمونة فهي تحتمل النجاح والخسارة أيضا!
فنصيحتي للجميع ألا ينتظروا حتى تبدأ المشكلة وألا يستصغروا حجم المشكلة في بداياتها وعلى الجميع الانتباه الى وزنهم ولياقتهم وعاداتهم في الجلوس والحركة فالوقاية خيروأسهل من العلاج.
هدى العويس
*أخصائية علاج طبيعي - مستشفى الملك فهد للحرس الوطني

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved