| عزيزتـي الجزيرة
ليس هناك من شك في ان غرف الحوار على النت لها فوائد كثيرة ومتعددة فهي وسيلة ممتازة وغير مكلفة للاتصال بين الأهل والأقارب والاصدقاء, كما ان غرف الحوار اصبحت متنفساً مهماً وضرورياً يعبر الفرد فيه عن نفسه بطلاقة ويخرج ما بداخله من أفكار وهموم باستقلالية كبيرة وكيف لا واهم ما تمتاز به هذه الغرف هو تمتع الشخص بحرية فردية وخصوصية كبيرتين لا تتوافران ضمن معطيات الحياة العادية مما جعل هذه الغرف جسرا قويا يربط بين الشباب ويجعلهم يستفيدون من بعضم البعض من خلال تبادل الرأي والأفكار ووجهات النظر، وبالاضافة إلى هذا كله وحيث ان الحياة العادية تفرض على الشخص التعامل مع اشخاص قد لا يحبهم ولا يرتاح لهم، على الانترنت على النقيض تمكنه من الاتصال بالناس الذين يرتاح لهم ويتماشى معهم ويكون بينه وبينهم قاسم مشترك سواء فكري او اجتماعي.
ويجدر بالذكر ان غرف الحوار على النت شأنها شأن أي وسيلة اتصال حديثة مثل الفضائيات والهاتف النقال لها من الايجابيات ما يوازيه من السلبيات او في معظم الاحيان يفوق, وبهذا الخصوص فإن هناك مشكلة اجتماعية خطيرة نتجت عن التواجد في غرف الحوار باستمرار وهي تهدد كل المجتمعات، هذه المشكلة هي اعتزال الحياة العادية واستبدالها بالحياة على هذه الغرف والتي جعلت الحياة العادية في نظر الشخص عبارة عن مجرد غرفة اخرى من غرف الحوار والتي في معظم الاحيان ليست احب الغرف إلى قلبه، بل انه يفضل ان تكون مغلقة تماما حتى لا يرى من خلالها حياته العادية وواقعه.
على ان مشكلة اعتزال الحياة العادية ليست الوحيدة فغرف الحوار بالنسبة للكثيرين من ابناء الجنسين هي من اهم قنوات الاتصال والتي من خلالها يتم بينهم التعارف وتنشأ العلاقات وهو الامر الذي قد يحمل في طياته آثاراً وخيمة على المجتمعات والملاحظ هو ان استخدام هذه الغرف قد طغى على اسلوب استعمال التليفون والذي اتسم بانعدام الخصوصية حتى ان الشاب او الفتاة قد يجد صعوبة في استخدامه لهذه الغرف مع وجود الأهل في المنزل.
ربما ان اهم افرازات غرف الحوار على النت هو نشوء مجتمع جديد مستقل بذاته ومختلف تماما في عاداته وتصرفاته عن المعتاد والمتعارف عليه من قبل الناس كما يخبر الباحثون في مجال الانترنت, ويضيف هؤلاء الباحثون ان من اهم صفات هذا المجتمع هي الابهام واختفاء ملامح الوجه وتعبيراته وانعدام المسؤولية والضغط الاجتماعي على التصرفات الشخصية والسطحية في المعاملة, فعلى سبيل المثال فإن عدم رؤية الاشخاص وجوه بعضهم البعض يؤدي بالشخص لان يكون اقل تحفظا أقل اكتراثا لمشاعر الآخرين وأكثر خروجا عن المتعارف عليه كما انه قد يكون غير محتشم في كلامه وغير مؤدب وعنيفا في تعامله او حتى عدائيا احياناً.
أما الكذب في المعلومات الشخصية في الجنس او العمر او العرق فحدث ولا حرج بل تكاد تكون اهم شيء بارز في غرف الحوار هذه الايام, كذلك فإن حروب السباب والتشهير العلني بين مرتادي هذه الغرف هي مسألة اخرى تحتاج التوقف والدراسة فقلما يخلو حوار بين شخصين في هذه الغرف من الاتهامات وتبادل الشتائم.
وباختصار يبدو ان الناس مع وجود الانترنت اصبحوا يتقمصون شخصيتين الأولى هي الشخصية العادية والاصلية وهذه تكون عندما يكون الشخص off-line الشخصية الثانية والتي تتبخر فور ظهورها الشخصية الاولى يلبسها الشخص عندما يكون on-line هذه الشخصية الثانية يكون الشخص فيها اقل تأدبا أقل اكتراثا لمشاعر الآخرين وأكثر خروجا عن المتعارف والمألوف عليه, ونحن بصدد هذا يتبادر إلى اذهان الكثيرين سؤال محير وهو ما مدى تأثير الشخصية الفرد off-line؟ يبدوا ان البحث الأكاديمي في هذا المجال هو العامل الوحيد الذي قد ينتج عنه حل لهذا السؤال المحير.
يسلم السقاف ـ جدة
|
|
|
|
|