| عزيزتـي الجزيرة
عندما نظر الاسلام إلى الانسان كوحدة حياتية لها حاجاتها ونظام حياتها المناسب لتكوينها اعترف له ايضا بحاجاته الطبيعية المرتبطة ارتباطا فعليا بكيانه وأباح له طرق الاشباع اللازمة لسد تلك الحاجات, وانطلاقا من هذا المفهوم اعتبر التشريع الاسلامي كل اشباع خارج عن هذه الحاجات الطبيعية للانسان حالة من حالات الشذوذ النفسي والغريزي التي يجنح لها المنحرفون تحت تأثير ظروف حياتية شاذة واعتبر هنا الشذوذ تعبيراً منحرفا واشباعا خارجا على نظام الحياة لا يعبر عن حاجة اساسية ترتبط بتكوين الانسان ونظام حياته، ولكن تنفيس ملتوٍ يعبر عن عقدة الشذوذ والانحراف التي يعاني منها هذا الصنف من الناس.
ولم يكن الاسلام ليسمح للشاذين والمنحرفين ان يعملوا على تنمية هذه الاتجاهات الشاذة لتنمو وتعيش في المجتمع الانساني، كظاهرة قانونية مشروعة فهو ان فعل ذلك عمل على هدم نظام الحياة وانتقل من القانون الطبيعي والقاعدة الاساسية إلى قبول الشذوذ والانحراف كبديل للوضع الطبيعي، فيحل الشذوذ عندئذ محل القاعدة والفوضى محل النظام, ولم يكن الاسلام إلا رسالة الضبط والتنظيم, لذلك عمد إلى تحريم الانتاج والتداول والاستهلاك والانتفاع بكل سلعة تشيع شذوذا أو تستجيب لحالات الانحراف المرضي كالخمر والزنا واللواط والقمار والرقص والاحتكار والربا,,, الخ، فمنع انتاج الآلات والأدوات والخدمات أو بذل الجهود وانشاء المؤسسات التي توفر الظروف المشجعة على ايجاد وبقاء هذه الظواهر الشاذة لأن الانسان بتكوينه الطبيعي السليم لا يحتاج إلى الخمر ولا إلى الرقص ولا يصح له ان يتحول من العلاقة الزوجية المشروعة إلى الزنا واللواط, والإنسان في حالته الطبيعية يجب ان يعمل ويكسب لا ان يتخذ القمار والاحتكار وسيلة لاقتناص جهود الآخرين ليعيش في خمول وترهل على الكسب الشاذ المدمر لحياة المعاش,,, الخ.
وبهذا التقويم الموضوعي للحاجة والانتاج والإشباع الطبيعي للحاجات عمل الاسلام على تنظيم الحياة الاقتصادية وصيانتها من العبث والاسراف والتبذير فحفظ الجهد البشري والثروة البشرية ليوظفها في دائرة نشاطهما المقرر لهما حسب منطق النظام العام.
جعفر عبدالكريم الخابوري
صحفي بحريني
|
|
|
|
|