| محليــات
مما لاشك فيه أن آفة المخدرات من الآفات المدمرة والخطرة التي لم يقتصر خطرها مع الأسف الشديد على الفرد المتعاطي فحسب بل تعداه إلى مجتمعه الصغير (أسرته وأقاربه ومعارفه) وكذلك مجتمعه بشكل عام،، وبالتأكيد أن أعداء الاسلام والمحسوبين عليه من أبنائه لهم دور كبير في نشر هذه الآفة الخطرة في مجتمعاتنا الاسلامية وفي أوساط الشباب خاصة الذين هم عماد الأمة وأمل المستقبل للقضاء على هذا الدين وأهله حتى أصبحنا نسمع قصصاً مفزعة من قتل ونهب وسلب وخطف وفواحش والعياذ بالله,, كل ذلك بسبب هذه الآفة المدمرة والقاتلة كفانا الله واياكم شرها وخطرها.
أمامي الآن أيها القارىء الكريم قصة واقعية ومؤثرة للغاية وقبل ان أخوض في تفاصيلها أود أن أقول لكم انني لن أحدثكم عن خيال يحكى في قصص (الف ليلة وليلة) وانما سوف أحدثكم عن قصة واقعية,, نعم واقعية من بين قصص كثيرة بعضها سمعتها مثل غيري والبعض الآخر كتب لي أحداثها ووقائعها المؤسفة من جرت عليه القصة ومن بينها هذه القصة التي نحن بصدد التطرق إليها الآن والتي كتبتها لي صاحبتها بنفسها وكأني بها وهي تكتبها بمداد من الدموع وبأنات وآهات تمزق القلوب والضلوع.
وأود أن أقول في بادىء الأمر ان لهذه القصة وقعا خاصا في نفسي؛ لأنها أولاً وقعت في اسرة محافظة، وثانياً أنها كانت اسرة سعيدة وهانئة في حياتها حسبما كتبت لي صاحبة القصة وثالثاً ان بداياتها ككل البدايات، ثم تطورت حتى آل بها الأمر إلى الشتات والضياع ومن ثم غربت عنها شمس السعادة وودعتها،، ولا أخفي على القارىء الكريم أنني ترددت كثيراً في نشر هذه القصة لولا ان صاحبتها اصرت بل وألحت علي كثيراً في رسائلها بضرورة نشرها، ولأن السعيد من وعظ بغيره والشقي من وعظ بنفسه.
كتبت صاحبة القصة تقول: أنا فتاة من أسرة ميسورة الحال رفرفت على منزلنا سعادة لا حدود لها وجمعها ألفة ومودة ومحبة تحسد عليها،، وعندما بلغت من العمر الثالثة والعشرين تقريباً تزوجت من شاب قريب لي كان مثالاً في خلقه واستقامته وطيبته وأنجبت منه طفلين ذكرين، وبعد مرور خمس سنوات عشت خلالها معه حياة طيبة هنيئة مطمئنة لم أشعر خلالها انه كان ينقصني معه شيء تبدل حال زوجي رأسا على عقب بعد ان تعرف على مجموعة من رفاق السوء كانوا سبباً في إدمانه للمخدرات بعد ان ظلوا وراءه حتى قادوه إلى ذلك المصير المظلم؛ فانقلبت حياتي معه إلى تعاسة ورأيت منه اشد أنواع العذاب من ضرب وشتم وذل وهوان، وليت شره وقف عند هذا الحد بل امتد إلى أهله وأقاربي،، وهكذا دائما هم رفقاء السوء؛ لا يروق لهم أن يروا إنسانا ناجحاً في حياته وسعيدا في أسرته وعضواً نافعا في مجتمعه.
حاولت كثيرا وكثيرا طلب الطلاق منه بعد ان باءت كل محاولاتي ومحاولات أهل الخير في إصلاحه وعلاجه وعودته إلى رشده بالفشل الذريع ووصلت إلى طريق مسدود.
واستمرت معه حياتي في عذاب دائم لا ينقطع وجحيم يزداد سوءاً يوما بعد يوم حتى وصل بي الحال إلى ما لا طاقة لي بالصبر عليه ولم أستطع البقاء معه أكثر من ذلك بعد ان صبرت وتحملت واحتسبت الأجر عند الله, فهربت بطفليَّ إلى بيت أسرتي فغضب مني غضبا شديداً وحاول معي ومع أهلي بالتهديد والوعيد في إرجاعي إلى بيته فرفضت وأصررت على طلب الطلاق والانفصال عنه حماية لنفسي ولفلذتي كبدي من شره ولأمضي ما بقي لي من حياتي في تربية ابنيَّ وتعليمهما وتوفير أسباب الحياة الكريمة لهما.
ومضت الأيام إلى ان جاء ذلك اليوم الذي لم يكن في الحسبان؛ فقد جاء زوجي مدمن المخدرات إلى بيت أهلي وهو يحمل سلاحه الرشاش وطرق الباب ففتح له أحد ابنيه، فطلب منه أن يأتي بأخيه وأن يركبا معه في السيارة، ومن خوفي على ابنيَّ لحقت بهما إلى منزل زوجي وعندما رآني وجه طلقات متتالية إلى ابنيه فلذتي كبدي فسقطا أمام عينيَّ وهما جثتان هامدتان ثم خرج من المنزل بكل برود وركب سيارته ومن ثم علمت انه اطلق النار على نفسه فمات منتحرا ولا حول ولا قوة الا بالله.
هذه قصتي بين يديك أبسطها,, كتبتها ذات يوم للزمن ولمن يقرأ في هذا الزمن، فما زلت ارفع صوتي كل صباح ومساء وابكي بحرقة وألم أين أنا؟ وأين زوجي وابناي؟ أرى ألوان العذاب وأصيح في داخلي صيحات لو أخرجتها لأحرقت وهدمت الجدران التي أمامي،، أسأل نفسي ما بين لحظة وأخرى كيف وصل بي الحال إلى هذا الواقع المرير؟
وإلى متى أظل أسيرة في قفص الأحزان؟
هذا مختصر للقصة التي بعثتها لي احدى الأخوات الكريمات والتي أرجو منكم ان تدعوا الله في ليلكم ونهاركم أن يفرج عنها وان يعوضها خيرا،، وهي قصة بحد ذاتها مأساة وفاجعة بمعنى الكلمة وكل ذلك بسبب المخدرات ونزوات الشيطان والتي كم افسدت من بيوت، وكم شردت من بشر، وكم فرقت من أسر، ووالله لو لا الحياء لحدثتكم عن قصص كثيرة مشابهة لتعلموا ان في الدنيا مصائب ومآسي لا تخطر على بال بشر ولا يتخيلها إنسان فاحمدوا الله على الستر والعافية واعتبروا يا أولي الأبصار.
|
|
|
|
|