من الصفات الذميمة في الرجل وكذا في المرأة البخل ولا أعتقد ان هناك صفة أقبح ولا أشنع ولا أرذل من البخل وداء البخل من الأمراض التي لا يمكن أن يشفى منها من كان صفة له,
أجلُّ الرجل واحترمه = بدءاً = فإذا عرفت أنه بخيل كرهته وحاولت أن أنهي أي علاقة لي معه مهما كانت أهميتها,
الزوجة البخيلة تجلب لزوجها الهم والتعاسة وربما القنوط,
والموظف البخيل يسبب لرب العمل مشاكل مصدرها خشيته الإفلاس وخوفه الفقر,
ما أجمل المرأة التي تحث زوجها على الانفاق في أوجه البر والإحسان، وما أجملها وهي تنتقي لها وله ولأولادهما الأجمل والأحسن,
وفي المقابل ما أقبح تلك التي لاتعرف إلا كلمة )هذا غال,, هذا لا لزوم له,, هؤلاء لايستحقون,, انتبه للمستقبل,, كم رصيدنا في البنك,,؟( كلمات تنم عن قلب فقير بخيل,,في هذا الزمن اختلط على الكثير من الناس فهم معنى البخل والكرم حتى غدا الجميع كريماً,, والواقع للأسف خلاف هذا تماماً,, فالكريم ليس من ينفق على نفسه وأولاده,, وليس من يذهب صيفاً وشتاءً شرقاً وغرباً وليس من يسكن البيوت الفخمة ويمتطي المركبات الفاخرة بل ربما أن من يعمل كل هذه الاشياء في الواقع بخيل ومن لايعين المحتاج بخيل وان من لايخرج زكاة ماله ابخل البخلاء,
سقى الله أياما خوالي يوم كان الرجل يجود بقوته وقوت عياله إكراماً لضيفه وستراً لعرضه,
يحكى ان عبدالله بن عباس رضي الله عنهما خرج مرّة من المدينة المنورة متوجهاً إلى الشام، فأصابته سماء، فنظر إلى نويرة، عن يمين الطريق، فقال لغلامه: مل بنا إليها, فلما أتياها، إذا بشيخ ذي هيئة رَثّة فقال له: )أنخ على الرّحب والسَّعة,, حياك الله( ثم لاذ إلى امرأته فقال لها" هيئي شاتك، فقد جاءنا ضيفٌ توسمتُ فيه الخير, فقالت له: قد عرفت حال صبيتي، وان معيشتهم منها، وأخاف الموت عليهم إن هم فقدوها، فقال: موتهم أحب إليّ من البخل, ثم قبض على الشاة فذبحها، وكشط جلدها، وقطعها أرباعاً، وقذفها في القدر حتى نضجت، فعشاهم ثم غدّاهم منها,
وأراد ابن عباس الرحيل، فقال لغلامه: )ارم للشيخ مامعنا من نفقة( فقال: ذبح لك شاة، فكافئه بثمن عشرة من أمثالها,
فقال ابن عباس: ويحك إن هذا لم يملك من الدنيا غير هذه الشاة، فجاد لنا بها، وان هو لا يعرفني، فانا أعرف نفسي ارم بها إليه، فرماها إليه وكانت خمسمائة دنيار,
الناس اليوم أراهم على شفا جرف من بخل فلم تعد الزكاة تخرج، ولم تعد الصدقات تصل إلا بمنٍّ وربما أذى، وفي المقابل تهدر الأموال في الرحلات داخلياً وخارجياً وفي وجوه ربما غير مشروعة ,
الناس,, لم تعد تعرف من هو الضيف,, لم تعد تعرف معنى قِرى الضيف,,
الناس,, باتت تشكك في نوايا من فتح بابه تكريماً لهذا واحتفاءً بذاك,
الناس,, انكبت على الدنيا فصار من يفرح بالاضياف قلة,, صارت المكاتب عنوان اللقاء ولم يعد البيت إلاّ مأوى ومسكناً,
الناس: صارت تفتح مكاتبها وتغلق مساكنها, بل ان القضايا الأسرية ينعقد اللقاء من أجل النظر فيها في المكاتب حتى ان بعض الأقرباء لم يعد يعرف سكن قريبه بينما هو يعرف مكتبه ومتجره,
وآخر مستجدات الحضارة المقيتة ذهاب الخاطب إلى من يريد خطبة ابنته أو أخته إلى مكتبه مستغنياً عن منزله وهذا وربي نقص في المعرفة وخلل في الأصول فمن الأساسيات ان يعرف الطرفان طباع بعضهما البعض من خلال جلسة مطولة يتخللها الدعابة والجد وكشف ما يمكن كشفه من عادات وتقاليد,
*إضاءة:
أن تلبس الأجمل,, وتركب الأفخم,, وتأكل الأطيب,, لا يعني أنك كريم,, إنما الكريم من واسى المكلوم وأعان المحتاج وأكرم الضيف,
* الرياض 11421ص,ب 858
|