| الثقافية
قال د, حسن القرعاوي في تعريف مجازي,.
العمر ,, ليس بأعوام نعيش بها
لكنه عمر من ضحّى ومن بذلا |
وددت بهذا مدخلا أثني به على الأستاذ الاديب عبدالله بن ادريس في مقاله الوارد في صفحة الثقافة عدد 10348 ثم أثني على من تناوله المقال أبي سهيل/ عبدالكريم الجهيمان .
وقد تناول الكاتب رعاه الله موضع تكريم الدولة لهذا العلم ممثلة بالحرس الوطني ثم انحنى بمجمل مقاله عن طرف الجهيمان الخفي الشعر الذي لم اعرف له باعا في ذلك,, من قبل!!
وقبل الدخول لحيّز مقالي هذا اود ان شكر ولاة الأمر على بدعة هي ان شاء الله سنة حسنة تحسب لهم قد ابتدرت مملكتنا بخطها قبل نيف من السنوات وما ذاك الا ايفاء الحسن للمحسن وفعل ذلك من امر المولى سبحانه وتعالى: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان .
ثم أردف بما قاله الأستاذ محمد الأسمري بنفس الصفحة .
ومجيء التكريم بعد هذا العمر من أعلى سلطة في الدولة له طعم، ولكن بمذاق ولذة ليست كما لو كانت في جهمة من العمر .
وانا على اطلاعي القليل لا أعرفه شخصيا الا من خلال عطائه في الشعبيات من الامثال والأبيات,, والأساطير الشعبية ، وقد دلل الكاتب ابن ادريس عليه ب: عرف عنه هذا التوجه الصارم للأدب الشعبي، الذي انجز فيه ما يستحق الشكر والتقدير .
وهذا ربما ما أوهن اهتمامي بذلك لقلة اتجاهي نحو الشعبيات عموما فما الحب الجاذب للمرء,, الا بدافع الاعجاب بالطرح الفكري الموازي لميل المرء قل لي ماذا تقرأ,, أقل لك من أنت ,, لكني مع ذلك اعتب على الهوى الذي حال عني تصفح ولو النزر الذي اكتشفت من خلاله نماذج مطرحة في كتاب ذكريات باريس عرضها وعرض لها أديبنا في مقاله فكان لذلك بعض أثر لدي أنثر ما يحضرني الآن منه هنا .
مقطع الشعر العربي الفصيح: هو شخصية الأمة الوجدانية وهو عطاؤها الباقي، والأثر الذي خلد المآثر وأبان عن الآثار، ورنا الأماكن الخ,.
قال شوقي ضيف معللا كتابه العصر العباسي ص 303 .
كان هناك اصرار قوي ان تظل للشعر العربي شخصيته وموضوعاته وان يظل حيا على الألسنة,, مع حياة الأمة، فلا يضعف ولا يذوى عوده، بل يقوى ويزدهر، غير متحول عن اصوله,, مهما غذته الثقافات الفلسفية وغير الفلسفية ومهما عبر عن الحضارة العربية الحديثة، فهو موصول دائما بقديمه,, شأنه في ذلك شأن الآداب الحية التي لا تنقطع صلتها بماضيها، مهما وقع عليها وعلى أهلها من تأثيرات .
لو كان يفنى الشعر,, أفناه ما قرت
حياضك فيه من العصور الذواهب
ولكنه فيض العقول اذا انجلت
سحائب منه,, أعقبت سحائب |
نقول بذلك، ونقف ضد ذلك، ونصرخ بوجه غير ذلك!
لأن ذلك جزء من المسؤولية على الأمة التي نزل بلغتها أكبر معجزة المعجزة الخالدة القرآن الكريم كما قال تعالى فيه: بلسان عربي مبين .
ولهذا فكل داع لغيرها وان استأثر بمقاصد أخرى، أو اختفى خلف مرام ينشدها سرا او بدافع,, حماس الذات لتلك المأثورات : فهو خواء، وان نال من النصيب في عهده ما ينال، فما ذاك الا سراب,, سوف يكتشف من يسري اثره قيعته حين يصل اليه,, وقد كل من العمر ما اكل وطوى من بيد حياته ما لم يبق منه الا النزر,, ولا ساعة مندم.
لكن للاستدراك لا نقول بمقتضى ما سلف رفض غير ذلك مطلقا! انما نقبله الشعبي,, وغيره في فترة محددة، أو مكان محدد,, لا غير، انما نفرض ذلك على الأمة، او نضعه موازيا للفصيح المناط به ثقافة الأمة,, فلا يمكن بل ولا يصح ذلك.
ثم أعطف على المراد:
1 يقول عبدالكريم الجهيمان من الحكم المستخلصة من واقع الحياة,.
يا نفس الشريف البر,, مرحى
لك الأنوار في ظلما صواها
ويا نفس المسفِّ,, هوى وجهلا
ستلقين المرارة في لهاها
ويلقى الصالحون علا وأجرا
واما الظالمون ففي لظاها |
في الأبيات هذه عصارة ادراك وتقييم بين الصالح في نفسه,, ولها والظالم,, لها وعليها وهذه نقلة تتنفس حين يصل المرء الى مرحلة يرى فيها الوجهين: السعيد والشقي، من حدس الذات المقيِّمة,, حين تقيم كحال شاعرنا في مرعى ذاك، كردة فعل في مكان نظم القصيدة بروكسل .
بالمناسبة:
,, اقرأ كيف يصف التضاد في باريس:
فيها مسفّ وفيها سامق ورع
وكل شخص له منحى من الفكر
ترى بها الضد تلو الضد قد جُمعا
فيها وتلقى اندماج الصفو بالكدر |
ويقول أيضا:
ان دهراً قد سرني فيك قد عاد
فأروى الزناد في أركاني
هو أعطاني السعادة قُدما
ولقد عاد في الذي أعطاني
طالما سرَّني وأضحك سنّي
وأراه مؤخرا أبكاني |
وتحت عنوان الحياة الجوفاء قال: في مطلع الجزء الأول من كتابه,, الأمثال الشعبية ط1383ه:
سعيت عمري حثيثا
أريد جاها ومالا
أريد مجدا تليدا
ورفعة وكمالا
أريد عزا وفخرا
كيلا أكون مذالا
فهل بلغت مرادي؟
أم كان سعيي ضلالا!
* * *
فهل ترى يا صديقي
ان الزمان زماني
أم ان مسعاي هذا
من كاذبات الأماني
لا يا أخي لا تقل لي
فقد عرفت مكاني
حياتنا كلمات
ليست بذات معاني
2 الذات ,, يعبر صاحبنا عن نفسه بأكثر من حال:
أ من أنه غريب يعرف عن ذاته السامية.
زهدت نفسي الطموح ازدلافا
لفلان، ومن لقاء فلان
سلوتي دفتري، وخدني كتابي
فيه من كل فكرة زوجان
ويدلك صدر البيت الثاني الى قول أبي الطيب:
وخير جليس في الزمان,, كتاب .
وأجلي عن تعليق عبدالله بن ادريس بان القصائد اذا قدمت بمقدمات نثرية,, الخ أقول سبقه لذا النهج شاعر نجد الكبير محمد بن عثيمين رحمه الله وانظر مثالا قصيدته الديوان ص 38 الى ص 106 .
عج بي على الربع حيث الرند والبان
وان نأى عنه أحباب وجيران
وهكذا فعل من قبل احمد شوقي رحمه الله في بعض قصائده,.
مما يجلو به للمتلقي عن بعض غموض يصاحبها او مناسبة دفعته لذلك,, قد يتحير المتلقي في سببها او يخالجه لبس في قصدها او لما يشد به من آراء يحتمل وقعها الذهاب في ظن القارىء لأكثر من وجه فكان، ولكل داع سبب فاتبع سببا ما كان يرمي به من ذكره ما يجمل المراد وما يجلي للمقتفي تتبع أثره وهذا من جهد,, واجتهاد شخصي يحفل بايفائه بعض اهل الصنعة,, لكن ما يشذ عن هذا المنحى ربما وقت إلقاء القصيدة فاني معه ان ذاك معاب,, في الغالب.
ب ويتكلم عن شكل مظهره الذي لا يمثل,, ولا يدل على مخبره:
ليت ما كان مستورا بدا علنا
وليت ما كان يبدو عاد مستترا
فزينة المرء لا في جسمه طبعت
لكنها في سمات عنده أخرا |
ويعني البيت الثاني قوله تعالى: ولباس التقوى ذلك خير وقوله صلى الله عليه وسلم:
ان الله لا ينظر الى صوركم ولا لأجسادكم ولكن الى قلوبكم الحديث
أما البيت الأول فهو مرادف لقول حمد الحجي رحمه الله :
أظهر الانشراح للناس حتى
يتمنوا انهم في ثيابي
ج مخاطبا ولديه:
أيا ولدي,, ما بكما كما بي
ولا تدرون ما طعم الأوام
ووالدكم يقلب مقلتيه
ويسعى مدنفا بين الأنام |
3 الشباب أو نزواته:
يا بلادي عرفت ما كنت انكرت
زمانا,, من فضلك المتداني
كنت مستهترا بقدرك جهلا
ثم ان الاله بعد هداني
وتجاريت في الهوى,, والتصابي
فوجدت الهوى وليد الهوان |
ينبه الأستاذ عبدالله بن ادريس الى جناس بين الهوى والهوان فذكرت لخدنهما عبدالله بن خميس قوله في عهد صبابة ولت في جبل طريق :
حيث أهلي وجيراني وناشئته
نازعتهم فيه أوطاري وأطواري |
وهاهو يستدرك شيئا منه ,, ولو في الحلم:
أرى في النوم أحلام الشباب
واسبح في فسيحات الرحاب |
ثم يقول عن النفس وسرها المكتوم:
وكم في النفس من سر خفي
يجول على الدوام بلا جواب |
هل من تعليق؟ أورد بعلمي القاصر: قال الحق سبحانه وتعالى: ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها وقوله سبحانه ايضاح الآية الثانية فهديناه النجدين ,, وقوله جل في علاه إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ,.
وكما قال أهل العلم: ان القرآن يفسر بعضه بعضا,.
4 الغزل,, وما أدراك ما الغزل,, الذي يختصره القباني ب:
قصائدي قبلك,, يا حلوتي
كانت كلاما,, مثل كل الكلام
وحين أحببتك,, صار الذي
أكتبه للناس,, أحلى الكلام |
ثم يصف,, ويشف:
فتنته بدلها ,, ورواها
وسبت لبه,, فهام,, وتاها
ملأ الحب قلبه ورؤاه
فتدلى - وما درى - في هواها |
5 أخيرا:
وما تلك الحياة ,, سوى صراع
يفوز به على الهزلي,, فتاها |
ان كثيرا من شعره كما يبين ابن ادريس ينم عن فكر اسلامي صاف وعقل مفكر في اصلاح المجتمع على ضوء العقيدة الاسلامية,, دون افراط ولا تفريط فمن النصح قوله:
الجسم يفنى وروح المرء خالدة
تلقى النعيم بما أسدته أو سقرا
فازرع جميلا، اذا ما كنت مقتدرا
فالمرء يحصد في أخراه ما بذرا |
قال أمير الشعراء في معنى البيت الأول : فالذكر للإنسان عمر ثاني ,, او كما قال غيره في مراد البيت الثاني:
اذا أنت لم تزرع وألفيت حاصدا
ندمت على التفريط في زمن البذر |
وبعد:
قال طيب الشعر أبو الطيب المتنبي :
واذا كانت النفوس كبارا
تعبت بمرادها الأجسام |
شهادات: ولا نعجب بعد اذ,, ان نستشهد بما قيل سلفا :
قال عبدالله الحميد مختزلا,, ومختصرا :
هو مسيرة من العطاء المتواصل المتعددة الوجوه فهو كما نعرف بدأ حياته بالتدريس بعد ان انهى تعليمه في المعهد العلمي بدأ في مكة المكرمة في مدرسة المعلا ثم حين جاء الى نجد ذهب الى الخرج ليؤسس مدرسة في الخرج ثم انتقل للرياض ليدرس في مدرسة ولي العهد آنذاك الأمير سعود بن عبدالعزيز، بعدها صار مدرسا في مدرسة أنجال الأمير عبدالله بن عبدالرحمن لمدة خمس سنوات، بالاضافة الى ذلك عمل مفتشا في التربية والتعليم,, هذه مسيرته في التربية والتعليم أما عبدالكريم الصحفي فهو رائد كبير في الوطن.
الجزيرة عدد 10355
1 علق علامة الجزيرة حمد الجاسر رحمه الله على كتابه الأمثال الشعبية ب: وجهد الاستاذ عبدالكريم في جمع الأمثال وترتيبها وشرحها جدير بالتقدير وهو جهد قل ان يدرك مبلغه من المشقة والتعب الا من عانى التغلغل في الدراسة والبحث في مجتمعنا .
مجلة اليمامة
ذو القعدة وذو الحجة 1402ه
2 انه عبدالكريم الجهيمان احفظوا اسمه جيدا أحفروه في أذهانكم فهو عملاق في فنه,, وكل أساطيره الشعبية,.
محمد الوعيل
الجزيرة في 14/2/1400ه
3 وتحت عنوان متى نكرم الأحياء؟! قال يوسف الكويليت عام 1398ه إن موسوعته الشهيرة تكفي شاهد اثبات لم تستطع كل الفصول الدراسية في كليات الآداب في جامعاتنا وأساتذتها المتخصصون اخراج مثل هذا العمل .
هذا عن عبدالكريم الجهيمان المولود في غسلة احدى قرى الوشم نحو 1332ه,, انظر للاضافة أو الافاضة في كتاب شعراء نجد المعاصرون ط الاولى عام 1380ه لعبد الله بن ادريس.
صاحب مذكرات وذكريات والأساطير الشعبية والأمثال الشعبية 10 أجزاء .
لا تثريب على من خط له هذه الشهادة أو هذه المقالة : ان لديه من القصائد ما يقارب 200 الى 250 صفحة فيما لو جمعت.
وقد سبق بنفسه الى حديث ينم عن تواضع الكبار بقوله:
ان هذا قدر لم أرضه لنفسي حتى الآن .
والقائل قد تفسر هذا أيها القارىء الكريم يقصد تعبير اهدائه نثرا بأنه عجز مني في الجانب الشعري، لا ضير في ذلك فسر هذا بما تشاء,, واحكم بما تشاء ,, الخ.
ص7/ أساطير شعبية ط3 عام 1400ه
***
أبعد كل هذا,, يا أستاذ تقول هذا,, فما نقول لمن يبز بنفسه، ويتطاول بعنقه ويشمخ بذاته، كلما ذكر الشعر,, أو أهله ، أو حين يسأل عن انتاجه ولو كان معظم هذره ليس بشعر,, ولا شعير.
وما يذكرك تواضعه الا بسلفه علامة الجزيرة حمد الجاسر رحمه الله حين قال:
ان أشعاري هذيان أخجل من ذكره .
ثم أتم على لسان محمد بن ناصر الياسر :
بانني اليوم ومعي أجيال سابقة ولاحقة نقف احتراما لهذا الرجل الذي قاد ومعه كوكبة من المثقفين في أرجاء هذا الوطن الرأي المستنير في بدايات التأسيس والانطلاقة لوطننا المملكة العربية السعودية وهو وأمثاله منارات اقتداء وهم مؤهلون ومستحقون للتكريم وشكرا لقادتنا على حمل راية التكريم باسم الوطن .
أخيرا : وقد حرك هذا التكريم أشياء في ذاتي:
أعود لأشكر ولاة الأمر على حسن صنيعهم وأطمع منهم كما يُطمع بمن حسن صنيعه وأقول:
لأشكرنك في معروف هممت به
ان اهتمامك بالمعروف ,, معروف |
أو أقول : نأمل بعد ذلك أو قابلا ايفاء لمن اهل لذلك الوفاء ,, نصيبهم كالأساتذة وعلى سبيل المثال لا الحصر أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري د, محمد بن سعد بن حسين، د, الشويعر,, د, حسن الهويمل، الأستاذة جهير المساعد، وعبدالفتاح أبو مدين، د, رقية المحارب عبدالله بن ادريس، ومحمد بن سعد المشعان,, وغيرهم هذه الكوكبة النيرة التي استطاعت وما زالت تفت عن ساعدها وتبلي بلاء حسنا.
|
|
|
|
|