|
| شرفات
طقوس النوم تختلف من شخص إلى آخر,, ومن مجتمع إلى مجتمع، فإذا كانت الغالبية العظمى تضع الوسادة تحت الرأس أثناء النوم، فهناك من يضع الوسادة تحت القدمين، لأنهما تتحملان الكد والعناء طوال النهار,, ومن الناس من ينام ساعات قليلة بسبب الأرق، ومن ينام نصف عمره تقريباً، وآخر ينام نهاراً ويستيقظ ليلاً، بحكم العمل، أو بحكم العادة.
والسؤال هل الحيوانات أيضاً تنام وهل لها أثناء النوم طقوس وأحوال مثلما لسائر البشر طقوس وأحوال؟!
إذا كان الذئب ينام بعين مفتوحة وعين مغمضة، فان الدلافين صديقة الانسان تنام بنصف مخ، وتبقي النصف الآخر مستيقظاً، وبعد ساعة تقريباً يتبادل نصفا المخ دوريهما، وبالمثل يفتح الحمام عينه خلال ساعات نومه العشر أكثر من مره، ولا ينام مطمئناً بعض الشيء الا في مجموعة لان المجموعة بأسرها تتبادل رصد الخطر كنوع من الخفارة الجماعية .
وهناك حيوانات بدلا من ان تحرس نفسها بنفسها، تكتفي باختيار المكان الآمن، ومنها القردة التي تبحث كل ليلة عن مكان جديد فوق الاشجار كي تنام مطمئنة، وكذلك هناك انواع من السمك تفرز غطاء واقياً من المخاط، تختبئ بداخله اثناء النوم، اما عجل البحر فيلجأ الى حيلة بسيطة، يتخير احد الكهوف المواجهة للبحر، التي لا يدخلها كائن سوى من ناحية البحر فحسب، وبذلك ينام امناً دون ان يزعجه شيء.
والغالب ان الحيوانات تنام متكورة على نفسها فالقطة مثلاً تنام متكورة على جنبها او ممددة احياناً، أما الارانب فتنام متكورة على بطونها، وينام الضبع أيضاً متكوراً لكن وجهه يكون لأسفل، وعكس اغلب هذه الحيوانات نجد ان ملك الغابة يعلن عن نفسه ويفضل ان ينام على ظهره، ويعتبر الثعلب من اشهر الحيوانات ذات الطقوس الخاصة قبل ان يتكور وينام، فالثعلب قبل ان يأوي الى النوم نراه يحفر الارض، ثم يبدأ الدوران حول هذه الحفرة ثم يعكس اتجاه الدوران، وقد جعل بوزه يلمس طرف ذيله, وبعد عدة لفات يجلس ويلف ذيله في اتجاه رأسه واخيراً يستلقي راقدا، وفجأة يرفع رأسه برهة قصيرة ثم يخفضها ثانية ويدفعها تحت ذيله، ويبدأ حلماً رائعاً عن عشة دجاج مفتوحة على مصراعيها.
وقبل غروب الشمس تستقر الحرباء على احد الاغصان، وقد تكور ذيلها على شكل لولب الساعة، ثم تظل ساكنة رغم ان عينيها تقومان بحركات مسح مستمرة في زوايا واسعة المدى وشيئاً فشيئاً تتغلق جفونها شبه الدائرية، وتنسحب المقلتان الى الداخل تقريباً ومالم تتعرض للإزعاج تبقى هكذا طول الليل البطن والرأس على الغصن بينما تتدلى ارجلها لاسفل، وبنفس الطريقة ينام الفهد معلقاً على فرع إحدى الأشجار، وسيقانه تتدلى لأسفل.
بالنسبة لعدد ساعات النوم، نجد ان الفيلة والابقار والخيل من اقل الحيوانات نوماً، اذ تكتفي جميعها بأربع أو خمس ساعات وان كانت لاتمانع في غفوة أو تعسيلة من وقت لآخر وعلى النقيض نجد ان الخفاش والقنفذ لايستيقظان من سباتهما العميق سوى اربع او خمس ساعات فحسب,, وهناك حيوانات تفضل النوم نهاراً والسعي على الرزق ليلاً، اهم تلك الكائنات الليلية الفأر، الذي يحصل على معظم نومه خلال النهار، بعكس الحلزون البحري الكسول الذي يضبط ساعة نومه على ايقاع الشمس، فينام مع الغروب ويستيقظ عند الشروق، وهكذا يستمتع بنوم طويل وعميق لاتقطعه سوى حركات متفرقة من رأسه.
لكن الاصل ان معظم الحيوانات تعتمد في ساعات نومها على طول فترة اليقظة السابقة، فالنوم الذي ضاع لابد ان يعوض في اول فرصة تالية,, ويكون فصل الشتاء بمثابة العصر الذهبي للنوم، فمعظم الحشرات تختبئ في جحورها، والطيور في وكناتها، وبعض الثديات التي تتعرض لقسوة المناخ البارد تقوم بتغييرات في التمثيل الغذائي، وتدخل في حالة شبيهة بالنوم، حيث تعيش على الاحتياطي من مخزون الشحوم، وتقل دقات القلب وتنخفض درجة حرارة الجسم، كما تبدأ الزواحف والبرمائيات ساكنة في اماكنها لفترات طويلة، ولا يعرف احد ان كانت نائمة أو مستيقظة، ورغم حالة البيات الشتوي فإن الطيور تهاجر عبر المحيطات المكشوفة، وتستمر في الطيران لعدة ايام متتالية، وايضاً لا احد يعرف ان كانت تنام اثناء الطيران ام لا؟!
لكنها على كل حال ترحل بحثا عن حياة اخرى، تنعم فيها بالدفء والنوم والامن وقليل من الحبوب والثمار.
|
|
|
|
|
