| شرفات
* المعرفة قوة في عالم اصبح فيه العلم هو ثقافة المستقبل في حين اقتربت الثقافة من ان تصبح هي علم المستقبل الشامل الذي يطوي في عباءته فروعاً معرفية متعددة فقد اصبحت المعلومة هي اثمن الكنوز في عالم اليوم الامر الذي يفرض العديد من التساؤلات حول مايجري حولنا وماذا جرى من تحولات في مصادر المعرفة والمعلومات.
حول هذه التساؤلات يدور كتاب الثقافة العربية وعصر المعلومات الذي صدر مؤخراً للباحث الدكتور نبيل علي.
يؤكد الكتاب على ان ثقافة عصر المعلومات تحتاج الى خلفية معرفية وتكنولوجية مغايرة تماماً لما كانت الحال عليه في الماضي حيث يرى المؤلف ضرورة اكتساب خلفية تكنولوجية تتواكب مع المشهد المعلوماتي الذي يعيشه العالم من حولنا الآن من اجل ان نضع خطابنا الثقافي العربي على نقطة بداية متقدمة حتى يركز هذا الخطاب على القضايا الاجتماعية المعقدة والساخنة التي افرزها المتغير المعلوماتي وهو يطرح ثقافة عصر المعلومات من منظور عربي يخرج عن كونه مبادرة ضمن مبادرات اخرى عدة يسعى الكاتب الى دراستها والكاتب وهو يحاول الاجابة على سؤال ماذا يجري حولنا؟ يجيب من خلال طرح اسئلة فرعية اخرى مثل ماكل هذا الجدل حول ظاهرة العولمة تلك الظاهرة وليدة ثورة المعلومات والاتصالات؟ ماهذا الذي يتردد حول مجتمع الوفرة؟ في الوقت نفسه الذي تشكو فيه مناطق كثيرة من عالمنا ندرة المياه والغذاء؟ ماكل هذه الاندماجات بين عمالقة صناعة الاعلام والسينما ودور النشر وشركات برمجة الكمبيوتر والانترنت؟ ماهذا الذي يجري على جبهة اللغة؟ ثورة في التنظير اللغوي تصاحبها تكنولوجيا متقدمة لاتقل ثورية من تطبيق اساليب الذكاء الاصطناعي وعلوم المعرفة ما هذا القلق الشديد الذي ابداه اهل التربية في امريكا عندما صدمتهم البيانات الاحصائية عن اداء اطفال الابتدائي الامريكيين مقارنة باقرانهم في اليابان والصين وجنوب شرق آسيا؟ ويستطرد الكتاب في عرض المشهد المعلوماتي الذي يحياه العالم الآن فيقول آن لنا أن نعترف بأن الزمان قد اختلف، ولا عاصم اليوم من اعصار المعلومات الا بأن نلهث لنلحق بالمركبة، فقد صار شعار هذا العصر، لحاقاً او انسحاقاً.
ثم يتطرق الكاتب الى ماذا جرى لنا في وسط هذه الموجة من التكتلات العالمية والاقليمية السياسية والاقتصادية والاعلامية والتكنولوجية؟ اننا في حاجة الى ان نعرف ماذا جرى لنا لكي ينصب فكرنا على هذا النمو في معظم مجالات الثقافة: فكر اللغة، فكر الاعلام، فكر التربية، فكر الابداع؟ ما هذا الذي يعوق مؤسساتنا الاعلامية على ان تدرك هي الاخرى مغزى تكتلات الاعلام العالمية فلم نر حتى الآن اندماجاً ولاحتى تعاوناً، ألم يحن الوقت بعد لنؤمن بان نهضة الاعلام ليست فقط في اقامة القنوات الفضائية واطلاق الاقمار الصناعية، واستيراد احدث المطابع الصحفية فالأهم من ذلك كله هو القدرة على انتاج رسالة اعلامية مبتكرة ونافذة.
ماذا جرى حتى نهمل لغتنا الام كل هذا الاهمال، تنظيراً وتعليماً واستخداماً وتوثيقاً؟ ومجامعنا اللغوية مشتبكة في حرب ضروس مع المصطلح على حساب امور اللغة؟
ثم ينتقل الكاتب الى الاجابة عن سؤال ماذا سيجري لنا؟
ربما تعجز مؤسساتنا التربوية عن تلبية المطالب الممتدة لسوق العمل بفعل جمود التنظيم وقلة الموارد؟
ستتفاقم تبعيتنا الفكرية والابداعية والتكنولوجية من المعمار حتى النقد الادبي، ومن مناهج التربية حتى تعريب البرامج سوف يواجه انتاجنا الابداعي صعوبات جمة امام تسويقه عالمياً، سوف تحدث فجوة لغوية حادة تفصل بين لغتنا العربية ولغات العالم المتقدم، فجوة في التنظير، فجوة في تعليم اللغة وتعلمها، فجوة في استخدام اللغة وتوثيقها سوف تضمر ثقافتنا امام جحافل ثقافة العولمة الوافدة، وستسلب منا نصوصنا وتراثنا ونتاج ابداعنا، تحت دعوى مزج الثقافات وحوار الحضارات، وتكفي الاشارة هنا الى ما فعلته الشركات الامريكية في استغلال منتجات الصناعات اليدوية في الدول النامية، من اندونيسيا حتى المكسيك، جاعلة منها تجارة عالمية لايتجاوز نصيب الصانع المبدع فيها 10%.
ويتطرق الكاتب الى بعض ملامح المشهد الراهن للاعلام العربي الذي لايختلف كثيراً عن حقائق واقعنا العربي حيث يعكس المشهد العربي الراهن صورة قائمة لإعلام تسوده سياسات اعلامية تشكو من انفصام حاد بين الغايات والامكانات، وعجز عن تحقيق اي نوع من التكتل الاعلامي حيث يرتبط ذلك بالمشهد العربي ككل، تدفق اعلامي غائب او شبه غائب بين الدول العربية ومشاريع الانتاج المشتركة نادرة، وقد فشلنا حتى الآن في اصدار ميثاق موحد للاعلام العربي يضاف الى ذلك اهتمام ضئيل بشؤون الاعلام من قبل القائمين بالتنمية حيث غاب عن معظمهم ما للإعلام من دور حاسم في عملية التنمية.
واعلام فضائي معظمه مهاجر في غير موطنه، يستورد اكثر مواده الاعلامية، ويتنافس سلباً على سوق اعلان هزيلة وعلى قطاع محدود من الجمهور؟
ويطرح الكاتب سؤالاً لعل الاجابة الصحيحة عليه تضعنا على بداية الطريق الصحيح فيقول من اين نبدأ؟ يقتنع الكاتب ان البداية الصحيحة في التربية,, والمدخل اليها هو اللغة وركيزة كليهما الثقافة، ثقافة تكامل المعرفة وصدق الايمان وكليهما رهن بتوافر الحرية.
والكتاب يتناول بالفعل واحدة من ادق اشكاليات العصر واكثرها مدعاة للجدل والحوار وهي ثقافة عصر المعلومات,, وذلك على اساس من المعرفة النظرية والخبرة العملية في مجال صناعة الثقافة فهو يطرح الثقافة من منظور هندسي كمنظومة مكونة من منظومات فرعية عدة هي: الفكر الثقافي، اللغة، التربية، الاعلام، الابداع الفني القيم والمعتقدات,ان الميزة الحقيقية لهذا الكتاب، انه يزيح النقاب للمرة الاولى، عن ملامح المشهد الثقافي والمعلوماتي من منظور عربي، يتوخى الدراسة الجادة للفكر والمحتوى بعيداً عن هيمنة الايدلوجيا، ونزعات الانكفاء على الذات,
حمزة سعد
|
|
|
|
|