قرأت المقابلة التي أجرتها مع سموه جريدة الجزيرة ليوم السبت التاسع من ذي القعدة، وفوجئت بسؤال المحرر لسموه لكتاب جواهر الأدب تأثيره في تربيتكم الثقافية,, في مرحلة التكوين,, لماذا هذا الكتاب بالتحديد؟
فأجاب سموه: كتاب جواهر الأدب قرأته أول مرة في مكتبة والدي رحمه الله الملك فيصل وكان قد ورد اسم الكتاب على لسانه عندما استشهد به في إحدى المناسبات وحينما بدأت قراءته وجدته سلساً وجذاباً ولذلك تأثرت به, انتهى.
أقول:
فوجئت لماذا؟ لأنني حين كنت أتصفح الجريدة كان كتاب جواهر الأدب للسيد أحمد الاشمي رحمه الله بين يدي أتصفحه، وكنت كذلك ليلة الخميس في نزهة مع بعض الزملاء واصطحبته تلك الليلة، وقرات قصيدة ابي بكر المقرىء المتوفي سنة 1001ه، وفي قصيدة عصماء تحث على مكارم الأخلاق، ومطلعها:
زيادة القول تحكي النقص في العمل
ومنطق المرء قد يهديه للزلل
إن اللسان صغير جرمه وله
جرم كبير كما قد قيل في المثل
عقل الفتى ليس يغني عن مشاورة
كحدة السيف لاتغني عن البطل
لاتفرحن بسقطات الرجال ولا
تهزأ بغيرك واحذر صولة الدول
ثم قال:
وأفضل البر ما لا منّ يتبعه
ولا تقدمه شيء من المطل
ثم قال:
من يقظة بالفتى إظهار غفلته
مع التحفظ من غدر ومن ختل
ثم قال:
يا ظالماً جار فيمن لا نصير له
الا المهيمن لا تغتر بالمهل
إلى آخر القصيدة، ثم انتقل إلى لامية ابن الوردي، والتي مطلعها:
اعتزل ذكر الأغاني والغزل
وقل الفصل وجانب من هزل
ودع الذكر لأيام الصبا
فلأيام الصبا نجم أفل
ثم قال:
واهجر الخمرة ان كنت فتى
كيف يسعى في جنون من عقل
وأتق الله فتقوى الله ما
جاورت قلب امرىء الا وصل
ليس من يقطع طرقا بطلاً
إنما من يتقي الله البطل
كتب الموت على الخلق فكم
فلَّ من جيش وافنى دول
ثم قال:
جمل المنطق بالنحو فمن
يحرم الإعراب بالنطق اختبل
ثم قال:
لا تقل أصلي وفصلي ابداً
إنما اصل الفتى ما قد حصل
ثم قال:
ليس يخلو المرء من ضد ولو
حاول العزلة في رأس جبل
ثم قرأنا (لامية الطغرائي)
اصالة الرأي صانتني عن الخطل
وحلية الفضل زانتني لدى العطل
وهي من غرر الشعر العربي.
وقد كان ذلك الأداء بالتغني بها والإنشاد؛ وجواهر الأدب هذا دخل مكتبتي وانا في الصف الأول في المعهد العملي مع مجموعة من الكتب وهو يقع في حوالي 850 صفحة من القطع المتوسطة، وكان ذلك بتوجيه من شيوخ المعهد العلمي رحمهم الله آن ذاك, والكتاب يتضمن أدبيات لغة العرب كما ذكر مؤلفه وقد قسمه إلى أبواب الباب الأول في الإنشاء وقبله عن مبادىء علم الأدب وتعريفه وتوسع فيه ومن ضمن ماتكلم فيه فصاحة الألفاظ وحقيقة الفصاحة، والباب الثاني في فنون الإنشاء واتى بنماذج من كتابة المتقدمين والمتأخرين وفي جميع الأغراض؛ والجزء الثاني في عصور اللغة العربية وآدابها وتكلم في كلام العرب واستعرض العلوم الإسلامية واللسانية ثم اتى بتراجم موجزة لأصحاب المعلقات وتكلم بعدها عن عصور الأدب وتاريخ الأدب من العصر الجاهلي حتى عصر النهضة، وذكر اشهر المؤلفات في العلوم الإسلامية واللسانية؛ واتى بنماذج عن النظم والشعر في جميع العصور وفي جميع الأغراض من المدح والهجاء والوصف والمفاخرة والمحاورة والمجادلة على ألسن البشر والجماد والحيوان، وأورد القصائد التي سار بذكرها الركبان مثل مقصورة ابن دريد وقصيدة ابن زريق ولامية العرب ولامية العجم.
وعلى العموم هو كتاب يطول الكلام عنه فهو كما قال الشاعر:
يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما
قد حدثوك فما راءٍ كمن سمعا
فهو كما ذكر صاحب السمو الملكي.
وقد كان المشايخ يصحبون في تنزهاتهم كتب الأدب للترويح عن النفس وتهذيب الأخلاق وتقوية اللسان فكانوا يصحبون العقد الفريد، وثمارات الأوراق واضافوا إليهما جواهر الأدب.
فلا أدري كيف حصل التوافق بين ثناء سمو الأمير على الكتاب وكون الكتاب بين يدي أقرأ فيه للمرة الخامسة أو السادسة فلعل ذلك كما يقولون توارد خواطر.
محمد بن عبدالرحمن آل إسماعيل
مدير الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة الأحساء