| مقـالات
تلعب الأخصائية الاجتماعية المدرسية دوراً رئيسياً وهاماً في تنمية طالبات المدرسة سلوكياً، والعمل على توافقهن مع واقع الحياة المدرسية أولاً، ومع الحياة الأسرية والعامة ثانيا, ويخضع هذا التوافق لعدة أسس منها: وضع منهج للخدمة الاجتماعية المدرسية يستهدف إعداد طالبات المدرسة إعداداً صحيحاً واقعياً يمكنهن من مواجهة معركة الحياة، ويهيئ فرصة الإفادة من الإمكانيات الشخصية والبيئية المتاحة، وكذلك الحيلولة دون ترديهن في مهاوي سوء التدبير أو الفشل المؤدي الى التخلف الدراسي أو الاجتماعي.
نقول ذلك لأن برامج الخدمة الاجتماعية المدرسية مازالت في مدارسنا قاصرة عن أن تحقق المطلوب منها بالنسبة الى توفير الرعاية الاجتماعية للطالبات في المدارس المتوسطة والثانوية فهي لم تف بمتطلبات مدهن بالخبرات والمهارات التي تتفق واستعدادهن والتي يستطعن عن طريقها إفادة أنفسهن ومجتمعهن.
ومازال هناك الكثير مما يجب ان يعمل في حقل الخدمة الاجتماعية فهي مازالت قاصرة عن ربط المدرسة بمكوناتها مع ظروف البيئة، وما لدى الطالبات من قدرات ومهارات العمل على توقيهن من الإصابة بالعلل والأمراض الاجتماعية والسعي نحو تحسين نمط وأسلوب الحياة وبما يتفق مع المستجدات العصرية.
إن الخسارة الاقتصادية التي تعود على الفرد والمجتمع من جراء المرض الاجتماعي الذي يحول دون التقدم الدراسي والتحصيل العلمي والتفاعل المتوافق مع الآخر تجعل عامل الصحة النفسية والبدنية له أهميته في تحسين الأحوال الاجتماعية، مما يدعو لأن توغل الأخصائية الاجتماعية في دعم القيم والمعايير الاجتماعية لدى الطالبات لما لها من أثر فعال في مواجهة احتياجات نفسية واجتماعية وتربوية أساسية لهن.
ليس هذا وفقط بل من المهام الأساسية للأخصائية الاجتماعية المدرسية: العمل على تنمية القدرات الذاتية للطالبات للاستفادة من إمكاناتهن ومن موارد البيئة وتذليل أية صعوبات تعترض طريقهن الأكاديمي والعلمي, فضلاً عن تقديم العون المادي لمن تتطلب حالتها مثل هذا العون، وكذلك تقديم العون المعنوي الذي يتيح للطالبة استرداد القدرة على معاونة نفسها بنفسها وذلك عن طريق التأثير في أفكارها واتجاهاتها وقيمها ومفهومها لذاتها, وايضا تقديم العون البيئي لتحسين استغلال الموارد البيئية التي تعيش في كنفها الطالبة، أو العمل على التعديل فيها لصالحها.
ولذا تجد اهتماما بالغا من الرئاسة العامة لتعليم البنات بتحديد أسس ومبادىء وأخلاقيات ومواصفات لدور الأخصائية الاجتماعية المدرسية باعتبارها مهنة مهارية، وليست عملا روتينيا أو تطبيقيا جامعا لقواعد غير مدروسة او مصممة ولكنها تستند الى خدمة وخبرة مبني على الاستعداد والرغبة في ممارسة المهنة الذي يصقل بالإعداد والتدريب مما حدا بالمسئولين بتحويل معاهد الخدمة الاجتماعية الى كليات جامعية لها مناهجها وبرامجها المخططة تخطيطاً علمياً راقياً، فهي ترمي لا لجهود استهلاكية بل لها دلالتها ونتائجها الاقتصادية حيث انها من عوامل التنمية الاجتماعية والاقتصاية الهامة، فهي تزيد من تدعيم الطاقة الفاعلة في المجتمع النامي المتحضر.
وعلى الرغم من هذا الدور الفاعل المنوط بالأخصائية الاجتماعية المدرسية القيام به وفقا لما ذكر من مهام، وصقلاً لقدرات الطالبات، وتوجيه الاستجابات، وتهذيب الدوافع والطاقات التكوينية، والتفاعلات التراكمية، ودعم المعايير القيمية المرغوب فيها، الا ان قيادة المدرسة تتهاون في هذه المهنة، وتكلف الأخصائية الاجتماعية بأعمال إدارية تخرج عن نطاق مهام وظيفتها، وتباعد بينها وبين أدائها لدورها فهي مثلاً تكلف بتفقد حضور وغياب الطالبات وتحرير الإخطارات وخطابات الإبلاغ لأولياء الأمور، ومثل الإشراف على المقصف المدرسي ومراقبة فواتير الشراء وعمليات البيع وحساب الأرباح, ومثل الإشراف على تنظيم الفناء ونظافته، وتوزيع الأدوات المدرسية ومراقبة الفصول, فكم هي تصرفات تنم عن مدى اقتناع مديرة المدرسة بسلوك دور الأخصائية الاجتماعية وتوقعات الإنجاز الأمر الذي يؤثر على طبيعة المهنة وشدة التمسك بها والانتماء اليها, ويتولد عن عدم الاقتناع بهذا الدور صعوبات ومشكلات تواجهها الأخصائية الاجتماعية مما يؤدي للعزوف عن المهنة والاندراج في اعمال أخرى, فهكذا يتوجب إعادة النظر في متطلبات المهنة وأبعادها, فأعيدوا للمهنة مكانتها وهيبتها ليتحقق الرضا الوظيفي بما ينعكس أثره على كل من الطالبة والأخصائية باستقامة المقصد، وتجنب العسر المهني، ودعم العلاقات الإنسانية السوية بين قطاع الخدمة الاجتماعية والإدارة المدرسية لتنعم الأخصائية بعملها وتستمر في اداء دورها بإتقان، وكي تتمكن من تحقيق طموحها وتطلعاتها نحو أوجه للرعاية النمائية أفضل تتسم بالمنطقية والواقعية, لما لها من أثر على تكيفها مع عملها وابتكار طرق وأساليب علمية تساهم في تطوير الخدمات المقدمة للطالبات وزيادة فعاليتها.
وإني أهيب بالرئاسة العامة لتعليم البنات أن تغطى كافة المدارس المتوسطة والثانوية بالأخصائية الاجتماعية بما يساهم في حل مشكلة بطالة الخريجات.
مندل بن عبدالله القباع
|
|
|
|
|