| عزيزتـي الجزيرة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فإن المتتبع لاحداث جريمة دينفر في الولايات المتحدة الامريكية في حادث اغتيال الطالب عبدالعزيز الكوهجي نسأل الله له الرحمة والمغفرة وان يرزق ذويه الصبر والاحتساب وذلك بأيدي طلاب سعوديين، ليقف مذهولا غير مصدق لما يحدث نسأل الله العافية.
إن مثل هذه الجريمة يجب ألا تمر بسلام وأنا متأكد بأنها لن تمر كذلك ولكن لعلي اسهم في الذكرى من منطلق خبرتنا المتواضعة اثناء المعيشة بتلك البلاد, إن مثل هذا الحدث يجعلنا نقف وقفات توجيه, إن دولتنا الغالية قد ادركت منذ فترة حجم خطورة ارسال البعثات التعليمية للخارج وصيانة عقول ابنائنا من التلوث بالافكار الهدامة ونهج السبل اللاأخلاقية فحجمت الابتعاث للخارج بعد الحصول على درجة البكالوريوس وفي حدود ضيقة جدا عند عدم توفر التخصص المطلوب بالمملكة وباشتراط الكفاءة العلمية المتميزة وكذلك شرط اجتيازه لدورة المبتعثين التي تقدمها جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية، حيث تقوم مجموعة متميزة من المفكرين وأساتذة الجامعة بانارة عقول المبتعثين بكل الاخطار الدينية والاجتماعية وما يجب ان يتحلى به اثناء تواجده في الدول الكافرة وهذا بحمد الله قد اثمر ثماراً مفيدة ببناء مملكتنا الحبيبة بعقول متعلمة تعليما حديثا متميزا بأحدث ما توصل إليه العلم, وفي نفس الوقت تحمل الفكر والحس والانتماء والغيرة للدين والوطن ولولاة الامر, إنها امنية ان كل من يذهب لديار الكفر والاباحية ان يمر عبر هذه الوسائل المنظمة ولكن واقع الامر يفيد بأن كثيرا من الاباء او بعض المؤسسات الحكومية غير التربوية تبتعث فلذات الاكباد بعد حصولهم على الثانوية العامة فيذهبوا أبرياء يحسنون الظن بكل من يقابلوه وبذلك يسهل اصطيادهم عن طريق الذئاب الخبيثة التي تربت وترعرعت على الافتراس وهم في غالب الامر ممن يتكلمون بلغتنا وهذا هو سبب حسن الظن عند هؤلاء الابرياء، حيث يبدأون معهم سلسلة المكر بتسهيل تسجيله بالجامعة اومساعدته في توفير السكن والسيارة والوسائل الانسانية الاخرى حتى يبدأ يثق بهم, ومن ثم يتم تعريفه ببعض المنتديات والمطاعم والمراقص العربية ومن ثم التعرف على الفتيات وشرب البيرة والخمور ثم الانهماك بالمخدرات حتى يصبح بعد فترة وجيزة لا تتجاوز بالغالب سنة او سنتين إلا من رحم ربك ذئبا مفترسا جديدا متخصصا لاصطياد فريسة بريئة وهكذا, إننا بهذا المسلسل نخسر آلاف الطاقات من الشباب الذين يمكن ان يكون لهم دور ايجابي لبناء مجتمع بناء مثاليا بدلا من ان يكونوا وصمة عار على بلدنا، ان هؤلاء الابرياء وفلذات الاكباد يجب ان يؤخذ على ايديهم ولا يترك لهم صنع قرارهم بأنفسهم مهما كلف الامر ذلك حيث ان العواقب وخيمة لا محالة.
إن هؤلاء الفلذات غالية جدا علينا فيجب تربيتهم التربية السليمة منذ نعومة اظفارهم, ان واجب الاباء كبير جدا جدا لتهيئة هذا الشيء لخدمة دينه ومجتمعه فيجب ان يبذلوا الغالي والنفيس في سبيل تهيئة عقول هذا النشء وشحنه بالثقافة الاسلامية الاصيلة وعلى حب الاخلاق وعلى كره الرذيلة، وتحذيره دائما من اصدقاء السوء وتهيئته لليوم الذي قد يضطر فيه لمخالطة اصحاب سوء او مخدرات او فواحش وكيف يقول لهم (لا) بل وكيف ينصحهم ويصبح مهاجما بدلا من مدافعا وإذا علم الله سبحانه وتعالى من اخلاص الأب وغيرته على دينه ووطنه واجتهاده لتربية ابنائه فإن الله سبحانه سوف يعطيه على قدر نيته واخلاصه, من الخبرة ان السن له دور كبير في كيفية التأثر بالبيئات الاباحية فكلما كان العمر صغيرا كلما زاد التاثر بهذه البيئات والعكس صحيح.
من الخبرة ان الحالة الاجتماعية لها دور كبير في كيفية التأثر بهذه البيئات فكلما كان الطالب متزوجا كلما كانت عقليته اكثر تركيزا ونضجا ومدركا لحجم مسؤوليته اتجاه عائلته ووطنه ومجتمعه ولمؤسسته التي ابتعثته, من الخبرة انه كلما يتجه الطالب للمدن الصغيرة ذات الجامعات العريقة كلما يقل عدد الذئاب الخبيثة حيث ان معظم هذه الذئاب تتواجد في المدن المتوسطة والكبيرة.
من النقاط اعلاه يجب ان تتضافر جهود الجميع من الدولة أيدها الله ومن المربين والمسؤولين والآباء ان يراعوا النقاط التالية:
1 عدم ابتعاث او تدريب او تعليم اي طالب خارج بلادنا الغلية (السعودية) إلا بعد ان يتجاوز سن الخامسة والعشرين حيث ان العواقب عكسية مع ان دولتنا ولله الحمد قد هيئت فيها جميع المعاهد ومراكز التدريب والجامعات العريقة.
2 استمرار الدورات التثقيفية التي تقدمها جامعة الامام لجميع القطاعات ولأي طالب سواء على حساب الدولة او من غير ذلك.
3 التأكيد على غرس العقيدة الاسلامية وحب الوطن والغيرة عليه سواء من الآباء او المربين خلال مراحل تعليمهم المختلفة.
4 ضرورة القناعة بخطورة ابتعاث الشاب غير المتزوج للدول الاباحية وان نسبة فساده قد تكون عالية وان نسبة تركيزه وتحصيله العلمي قد تكون منخفضة وان نسبة رجعته لخدمة دينه ووطنه خدمة مثالية قد تكون بمستوى متدن, وقد يضطر هنا إلى حماية نفسه ويتزوج من تلك الدولة وهذا باب خطير ليس المجال لمناقشته.
5 ضرورة ان يكون الآباء على اطلاع ودراية بالدولة والمدينة والمعهد والجامعة التي سيذهب إليها ابناؤهم ومن سيقابلهم بالمطار ومن سيختلط معهم ويحرصوا كل الحرص بالتنسيق مع الملحق الثقافي للمملكة بتلك الدولة والملحق بحمد الله يدرك حجم مثل هذه المسؤولية وسوف يحقق لهم كل من يسهل أمورهم ويوجههم التوجيه الصحيح.
6 يجب على الطلبة المبتعثين من الذين منّ الله عليهم بالهداية ومعرفة الحق والباطل ان يضحوا بجزء كبير من وقتهم وان يكون لديهم غيرة شديدة على ابناء دولتهم وان يصبح جزءا كبيرا من همهم حماية اي مبتعث او متدرب او طالب جديد بحيث تكون تليفوناتهم وعناويتهم متوفرة لدى الملحقيات الثقافية للمملكة ولدى شؤون الطلاب الاجانب بالمعاهد والجامعات وان يتحروا وصول اي وفود جديدة بحيث يقومون باستقبالهم واحتضانهم وتوفير كل الوسائل التي تجعلهم مستقرين لا يحتاجون لاحد ويضيعوا الفرصة على الذئاب الخبيثة لاقتناصهم وهذا في ميزان الله سبحانه وتعالى عظيم جدا وسوف يجدوا لذته في دنياهم ودراستهم ومن مجتمعهم قبل جزاء الآخرة عند الله سبحانه وتعالى.
إني حين أطرح مثل هذه النقاط انما هو ناتج من الجرح العميق الذي وغر في صدري عندما نفقد أبناءنا في الخارج الواحد تلو الآخر,, إنني احتسب كتابة هذا الموضوع عند الله سبحانه وتعالى وأسأله سبحانه وتعالى ان يمن علينا وعلى شبابنا بالهداية وان يرزقهم التبصرة بمعرفة ما يصلح دينهم ودنياهم وأسأل الله سبحانه ان يعين الجميع على التضافر لحماية فلذات الاكباد من كل منكر وخبيث.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أ,د, سليمان بن عبدالعزيز اليحيى
عميد كلية الزراعة والطب البيطري
E-mail:Syaha@ksu.edu.sa
|
|
|
|
|