| المجتمـع
* تحقيق :رياض العسافي
اتخاذ القرار علم يدرس في المعاهد والجامعات العالمية وتعد له الدورات التدريبية فعلياً الانتباه جيداً الى قراراتنا التي تؤثر على حياتنا اليومية والمستقبلية فما نتبناه من قرارات اليوم بالتأكيد سيؤثر على مستقبلنا فلم تعد العملية عشوائية او حتى متروكة للصدفة، فمن منا لم يقف يوماً حائراً لايدري ماذا يفعل وكيف يتصرف في اتخاذ احد الطريقين للوصول الى الهدف المرجو، يختار بين العجلة التي تهدد بالوقوع في الخطأ وبين التأني والتردد وضياع الفرصة، وما يلي ذلك من إحساس بالندم,اذن,, ماهو الوقت المناسب وماهي الخطوات الصحيحة لاتخاذ القرار.
الجزيرة تجولت في أروقة اهل الاختصاص وطرحت عليهم هذه التساؤلات فكان هذا التحقيق.
يرى الدكتور عبدالله بن سلطان السبيعي استشاري واستاذ الطب النفسي المشارك بكلية الطب في جامعة الملك سعود وزميل الكلية الملكية للاطباء النفسيين بكنداورئيس المجلس السعودي للطب النفسي والمشرف على عيادات ميدي كير التخصصية بالرياض ان اتخاذ القرار السليم يحتاج الى عدد من السمات مثل:
الذكاء: فالذكي اقدر من غيره على دراسة المشكلة ومعرفة الخيارات المتاحة والاختيار منها.
العلم: ولا أقصد هنا التعليم ولكن العلم بجميع جوانب الموضوع المراد اتخاذ القرار فيه، فعندما يتخذ احدنا قراراً في موضوع لا تتوفر لديه المعلومات الكافية عنه لابد ان يحتمل قراره الكثير من المجازفة.
الاناة: فالعجلة لاتعطي للمرء الوقت اللازم للدراسة.
الاستنصاح: فالمغرور الذي يعتمد على رأيه ولايستمع لأحد، أحرى ان يقع في القرار الخطأ.
الوضوح: فالشخص الغامض الذي يحيط اموره مهما صغرت بالسرية ولايستطيع مناقشتها مع احد وهذا يجعله يبني على خلفية ضحلة ومعلومات قليلة فقد يخطئ.
الحزم: فالمتردد لايقوم بعمل شيء.
القدرة على تحمل المسؤولية: فعندما يتخذ احدنا قراراً فهو لابد ان يستعد لتحمل تبعاته ولذلك يتردد البعض خوفاً من المسؤولية.
وساق د, السبيعي مثالاً على ذلك الى طالب تخرج من الثانوية العامة بتقدير 89 في المئة ويرغب في دخول كلية الطب، ولكن هذا المعدل لايؤهله لذلك فيقوم بتعديل رغبته مضطراً الى دراسة اللغة الفرنسية ويرى ان ذلك خيار مناسب لحبه لدراسة اللغات وبالذات اللغة الفرنسية ولكنه يفكر في المستقبل بامكانية التوظيف فيرى انها ضعيفة ليعود تفكيره مرة اخرى لكلية الطب، ماذا عن الدراسة خارج المملكة، لابد من معرفة الشروط وسبل العيش ودراسة التكاليف المادية والقدرة على تحمل الغربة وهو في هذا السن,, وهكذا فهناك بدائل ولكل بديل ميزاته وعيوبه ولايمكن اتخاذ القرار السليم حتى نوازن بين هذه البدائل ومالها وما عليها.
واضاف د, السبيعي بان عامل الوقت مهم فعندما يكون امامك وقت قصير جداً لاتجد امامك الا ان تتخذ القرار بناءً على معطيات قليلة معتمداً على رأيك وخبرتك فقط، وفي حالة نفسية قلقة,, مثال على ذلك عندما يقفز أمامك احد وانت تقود سيارتك فلا مجال للتفكير العميق والاستشارة وخلافه، كذلك قد تلوح امامك فجأة فرصة للحصول على مكسب معين مادي او معنوي ولابد ان تتخذ قرارك بالاقدام او الاحجام في وقت قصير.
وبعد ذلك كله فإن الحزم مهم وقد قال الشاعر:
اذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي أن تترددا |
عراقيل
ومن العوامل المعطلة لاتخاذ القرار التردد والخوف من الوقوع في الخطأ والرغبة غير العقلانية في الكمال وعدم القدرة على تحمل المسؤولية والخوف من شماتة الناس والمبالغة في الاستنصاح والأخذ بأي رأي يطرح فيصبح في كل يوم له رأي والمبالغة في جمع المعلومات ودراسة الحالة وان يحتاج الشخص لاتخاذ القرار لقرار.
الحالة النفسية
وتخضع عملية اتخاذ القرار للحالة النفسية بشكل عام فالخائف والمكتئب والقلق والمتوتر لايجب ان يتخذوا قراراً مصيرياً,, لان الحالة النفسية تؤثر في الحالة الذهنية والفكرية.
فهؤلاء ينقصهم التركيز والصبر والتحمل والجلد والانسان الخائف والقلق والمتوتر يتعجلون في اتخاذ القرار دون دراسة ويتوقعون اسوأ الاحتمالات والمكتئب يكون بائساً وافكاره تشوبها التشاؤم والسوداوية.
وغيرها من الحالات النفسية تؤثر قطعاً في اتخاذ القرار وكم من زوج طلق زوجته في حالة غضب ثم ندم على قراره وكم من قاتل ندم على فعله في حالة غضب او غرور او خلافه.
كم من مذنب ندم على معصية زينتها له نفسه في لحظة من اللحظات.
الاستشارة
من جانبها اكدت الاستاذة فادية العبد الواحد الاخصائية الاجتماعية بجامعة الملك سعود على ان القدرة على اتخاذ قرار إحدى سمات اكتمال نمو الشخصية، فالقرار يعني المسؤولية تجاه امر ما واتخاذه يعني تحمل تلك المسؤولية والوقت المناسب لاتخاذه يكون بعد تفكير واع بجميع ملابسات الموقف سواء الايجابي منها او السلبي، وهو الاهم والموازنة بينهما ايضاً الاحتساب لأشخاص اذا كان القرار يشمل اشخاصا يأخذ توصياتهم تجاه الامر ثم اخيراً المشورة، فالاستشارة امر مهم عند حسم قرارها.
صراع
* برأيك ما اسباب الصراع بين الإقدام والاحجام عند اتخاذ قرارها؟
هذا الصراع امر طبيعي عند اتخاذ قرارها، ولكن اذ تحول الى تذبذب وادى بالتالي لعدم القدرة على اتخاذ القرار اصبح امراً غير طبيعي وعيباً في نمو الشخصية، واكرر ان الانسان الناضج الذي يتحمل المسؤولية تكون لديه القدرة على اتخاذ قرار ما دون تردد خاصة اذا كان القرار يتعلق بمصائر اشخاص او نتائج مترتبة.
الملك عبدالعزيز موحد المملكة
* ما أهمية القرار في حياة المجتمع وافراده؟
اوضحت العبدالواحد ان للقرار اهمية في حياة الشعوب ونهضتها وتفوقها فالامة القادرة على اتخاذ قرار يمكنها الاستمرار والتطور والنهوض بعكس الامة التي فقدت قرارها ولنضرب مثالاً على اهمية القرار عندما قرر الملك عبدالعزيز رحمه الله استرداد وطنه وصنع المملكة العربية السعودية وشعبها ووحد المملكة فكان قراراً حكيماً يدل على بصيرة وحنكة المغفور له.
واشارت العبدالواحد الى نقطة مهمة جداً وهي الا يكون القرار كعقاب جماعي لأفراد المجتمع، فهناك الكثير من القرارات غير المدروسة التي تطبق وكأنها عقاب للمجتمع بأكمله رغم انها اتخذت من اجل فئة قليلة، ومن تلك القرارات قرار الرئيس العراقي صدام حسين في غزو الكويت والتسبب في عزل بلاده عن العالم وتدمير بلاده ومجتمعه وتفريق ابنائه الذين انتشروا في جميع انحاء العالم بحثاً عن حياة كريمة.
|
|
|
|
|