| محليــات
هذه الردهة المستطيلة,, بداخلها عن اليمين، وعن الشمال علب المصاعد المتحركة,,، دون تقصُّد جلست على مقعد انتظار في المساحة الشاسعة لأحد الفنادق المؤدية إليها، أنتظر ثلَّة من الصديقات يأتين من أعلى، عن هذه المصاعد، كي نتجه إلى مكان ما، كان ضمن برنامجنا اليومي,,، لذلك كنت مشدودة بالنظر إلى حيث تفتح هذه المصاعد فمها،كي تأتي لي بهن,.
لا أدري كيف وجدتني ما بارحت مكاني، ولا اتجهت عيناي إلى غير هذا الحيِّز المستطيل هادىء الإضاءة,, صاخب الحركة,,،,, لوحة من حركة الإنسان، تتشكَّل كلما فتحت أبواب المصاعد، أو فتح أحدها، وكلما أُغلقت، أو أُغلق واحد منها,.
الناس شتَّى,.
يدخل واحد,,ويخرج آخر،
يخرج اثنان أو زمرة من الناس، ويدخل ثلاثة أو واحد منهم,.
منهم الطويل، ومنهم القصير، ومنهم السمين ومنهم النحيل، فيهم الملون، ومنهم الأسود والأبيض,,، منهم الأشعث، والملتحي، والملمع,,، فيهم النساء والأطفال والكبار والشباب,.
الناس شتَّى,.
بعضهم على عجل، وآخر على مهل,.
منهم من يتكدر همَّاً وحزناً,.
وبعضهم يتبسَّم، ويتهامس مع من يرافق,.
زمراً تندسُّ داخل هذه العلب، فتختفي، ولا تبين،
وزمراً تخرج منها فلا يكاد المكان يحتمل تناكبهم,.
صمت ولا حركة، وهجوم حركة لا هوادة معها,.
بعضهم يمشي ويفكر، وبعضهم يمشي ويتكلم,,، تختلف سيماؤهم,,، ونظراتهم، مع اختلاف شخصياتهم، وأغراضهم,.
منهم الحزين الكئيب، ومنهم المشغول حدَّ القلق، ومنهم السادر، والضاحك,.
أغراضهم لا تبين، ونواياهم تستكين، وأهدافهم في هذا المكان لا يعرفها سواهم,.
منهم المقيم، ومنهم العابر، ومنهم الزائر، ومنهم المرافق، ومنهم ذو الشأن,.
و,,.
تخيلت هذا المكان صورة مصغرة للحياة,.
الناس فيها تلهث,,، والناس فيها تلتقي على التَّجمل، والناس فيها تلتقي على حب البقاء ،
هنا,, يجرون,, لكن,, المطعم يعج، وصالات القهوة والشاي والوجبات الخفيفة تكتظ,,، أبخرة الشواء، والمشروبات الساخنة تتصاعد,,، وروائح الكعك والحلوى تزكم الأنوف,,، النادل يتحرك لا يهدأ، والمستضيف ذو البزة الرسمية تتداخل قدماه، في كل اتجاه يتحرك,,،,,,و,,.
المصاعد تلتهم تارة,.
وتلفظ أخرى,.
وفوق، وعلى ارتفاع عدد أدوار هذا الفندق الفخم، وفي كل اتجاه فيه تدسُّ الحجرات، والأجنحة، والمعارض، والمطاعم بل حتى صالات العروض المسرحية أو سواها الناس في داخلها,.
و,, ترى,, من الذي يحرك الآخر؟
من الذي يوجِّه الأقدام، ويحرِّك شهية الفعل في الحركة والعمل والأداء على اختلافه؛ أهو الإنسان الذي يقع تحت سطوة حركية الوقت، وسطوة سطوة الواقع بكل ما فيه من جواذب؟,, أم أن المواقع باختلاف آلياتها، ومسخراتها ما يسطو على الانسان؟!
قلت ذلك,.
ولفظ المصعد الأيمن رفيقاتي,.
وضعت قلمي في غمده,.
ومارست معكم البوح,.
ومعهن التوجه إلى حيث كان,.
اعتذار: لوجودي خارج المملكة أعتذر لعدم تمكني من مناقشة رسائلكم اليوم.
|
|
|