| متابعة
* القاهرة مكتب الجزيرة محيي الدين سعيد:
توجه أمس الناخب الإسرائيلي للإدلاء بصوته في انتخابات مصيرية على منصب رئيس الوزراء التي يتنافس فيها مرشح اليسار إيهود باراك رئيس الوزراء الحالي ومرشح اليمين إرييل شارون، وكل التوقعات تشير الى فوز الأخير بهذا المنصب.
وقد ارتبط اسم شارون في الأذهان العربية على وجه الخصوص بالعنف والدموية، مماجعل الكثيرين يتساءلون عن مصير عملية السلام في ظل حكم شارون المحتمل، خاصة وان افكاره حول هذه العملية واضحة ومعروفة وهويتحدث دائما عن استحالة عودة فلسطين مرة اخرى في الأراضي التي يحتلها اليهود منذ عام 48 ويؤكد ان القدس ستبقى كاملة اسرائيلية ويعارض حق العودة للاجئين الفلسطينيين ويرفض إخلاء المستوطنات.
وربما تكفي نظرة في تاريخ شارون وسجله الاسود مع العرب للإجابة عن السؤال المطروح: ماذا لو جاء شارون إلى حكم إسرائيل؟!!
قاد إرييل شارون المجازر ضد العرب في عام 53 وقامت قواته بعمليات تخريب واسعة في البيوت العربية، كما قاد وحدة المظليين التي قامت بمهمة الرد في الأردن ومصر وسوريا عام 1954م وقاد وحدته في الهجوم على معسكر مصري في غزة وقتل 38 جنديا مصريا.
وفي عام 1969م عين شارون قائدا للمنطقة الجنوبية وكلف بمحاربة ما سمي بالإرهاب الفلسطيني في قطاع غزة، فقام بتمشيط آلاف البيوت واعتقل مئات الشباب، كما طرد زعماء سياسيين فلسطينيين الى سيناء.
وشارون الذي ولد عام 1933 في كفار ملول، اسمه الاصلي إرييل صموئيل موردخاي شرابير وهو في الأصل من يهود بولندا وعاش أبوه في القوقاز ثم هاجر وعمل مزارعا في فلسطين وكان شارون عضوالهاجاناه في حرب 1948م وأصيب في بطنه عندما كان يحرق أحد حقول العرب وكاد يفقد حياته, وقاد شارون الوحدة 101 في عام 1953م لمهاجمة اللاجئين على الحدود والقرى الحدودية وقاد لواءً مدرعاً في حرب 1956م واحتل ممرمتلا وقاد عملية ثغرة الدفرسوار في حرب السادس من اكتوبر 1973م.
دخل شارون السياسة عام 1977 عضوا بالكنسيت بعد ان انتقل في شبابه من الماباي الى الحزب الليبرالي وخاض الإنتخابات بقائمة فازت بمقعدين ثم انضم لليكود وتولى وزارة الدفاع في حكومة بيجن وقاد مجازر صابرا وشاتيلا في عام 1982م وتولى وزارة الإسكان والبناء بين 1988 1992م ثم وزارة البنية التحتية في حكومة نتنياهو 1996م.
وشارون أيضا هو الذي اعلن في يونيو 1980م في جلسة الحكومة ان الأمن فوق الدستور وهو الذي دعا المستوطنين إلى احتلال كل تلة وفرض سيطرتهم عليها إثر التوقيع على اتفاق واي بلانتيشن .
شارون وثبوت المواقف
ويشير المراقبون الى انه من السهل تحديد مواقف شارون على الصعيد الداخلي وعلى المستوى الإقليمي وبخاصة على المسار الفلسطيني، خاصة وان شارون ثابت على مواقفه بالنسبة للمسار الفلسطيني باتفاق مرحلي طويل المدى ينفذ على مراحل، وينتهي الى اتفاق اللاحرب وفي نهايته تقوم دولة فلسطينية على المناطق الواقعة تحت السيطرة الفلسطينية والتي تشكل 42% من المناطق.
ويرى شارون ان القدس تبقى تحت السيادة الإسرائيلية كاملة ويبقى الوضع الراهن في الحرم على ما هو عليه، كما يرى ضرورة السيطرة على مناطق أمنية في غور الأردن وعلى طول الخط الأخضر والآبار الجوفية.
ويعلن شارون انه غير ملزم بأية اتفاقات تجرى مع الفلسطينيين لأنه لا ينوى استئناف المفاوضات طالما استمر اطلاق النار، لكن المراقبين يعودون للتأكيد على انه رغم كل هذه المواقف من جانب شارون إلا انه يمكن رصد بعض من الهدوء الذي بدأ يغلف المواجهة الإنتخابية في أيامها الأخيرة مشيرين إلى انه سيعمل بالفعل في حالة فوزه على تحسين صورته إقليميا ودوليا.
تاريخ شارون المعروف كان مدعاة لما يشبه الاتفاق فيما بين المراقبين والمحللين في استقراء ما سيكون عليه الوضع في حال فوز شارون برئاسة الحكومة الإسرائيلية.
ورغم كل هذا التاريخ فإن الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين المصريين الأسبق يرى انه ليس في تاريخ شارون ما يخيف أحدا، وفشله المدوي في لبنان هو العنوان الصحيح على تاريخه، وبرنامجه لمواجهة قضية السلام لا يستحق ان يلفت انتباه احد وسوف تكون فترة حكمه مجرد ورقة عابرة تكشف وتؤكد غياب استقرار اسرائيل.
ويمضي مكرم مؤكدا ان حكومة شارون سوف تسقط بأسرع من سقوط حكومات الآخرين، وانه سواء أقام حكومة يمينية خالصة ام نجح في إقامة حكومة وحدة وطنية مع حزب العمل، فالأمر المؤكد ان وجود شارون في الحكم سوف يكون مجرد صفحة اخيرة يريد الإسرائيليون طيها على وجه السرعة كي يسلموا زمام أمورهم الى جيل جديد غير باراك وبيريز وشارون، لعله يكون أكثر قدرة على مواجهة تحديات السلام.
ويعود مكرم ليقول: لا أظن ان في وسع شارون أن يأتي بشيء لم يقدم عليه باراك إلا ان يعيد احتلال رام الله وغزة وينشر الجيش الاسرائيلي مرة اخرى في المدن الفلسطينية ليعطي الفلسطينيين فرصة ان يطالوا جنوده عن قرب، اما الحديث عن عدوان على مصر والسد العالي فهو محض تخاريف تريد ان تصور ان شارون لا يزال قادرا على ان يهدد استقرار المنطقة، مع ان الأوضاع اختلفت على نحو كلي عما حدث في عام 1967م.
ويصنف مكرم تقدم شارون في استطلاعات الرأي بأنه رغبة من الاسرائيليين في تجربة شارون بعد ان جربوا طابور كل قياداتهم واحدا إثر الآخر.
لا يهم من يكون
محمد بسيوني، سفير مصر لدى اسرائيل الذي استدعي مؤخرا يرى انه اذا فاز معسكر اليمين الذي يقوده شارون فإن الطرح الذي يطرحه هذا المعسكر يقتصر على اعادة الارض فقط التي أعيدت من قبل للفلسطينيين 42% وان تستمر المباحثات مع تأجيل الموضوعات الاساسية لفترات زمنية طويلة، بما يؤدي لاستمرار اعمال العنف وتصاعدها وهو ما يشكل تهديدا خطيرا لاستقرار المنطقة كلها.
ويؤكد بسيوني أنه لايعني الجانب العربي ان يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي شخصاً بعينه ولكن يعنيه من يقوم بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ويضع الآلية المناسبة لتنفيذ هذه القرارات,ويشير الى ان من وقع اتفاقية السلام مع مصر كان مناحم بيجن الذي يمثل اقصى اليمين بما يؤكد انه لا يعنينا هذا الحزب اوذاك ولكن المهم هو قرارات شجاعة لتنفيذ الشرعية الدولية.
ورغم اشارة الكاتب الفلسطيني عبد القادر ياسين الى ان اتفاقية السلام التي وقعت بين مصر واسرائيل كانت في ظل حكومة الليكود، إلا انه يلخص رأيه في ضرورة الا يعول العرب في كثير أو قليل على وصول هذا أو ذاك للحكم في تل أبيب.
ويؤكد ياسين انه لن تقوم خلافات كبيرة بين أية ادارة امريكية واسرائيل لأن مصالح الجانبين واحدة وواشنطن دائما مع المواقف والمصالح الاسرائيلية كما تراها هي.
ويذكّر ياسين بموقف البعض من الذين طالبوا بالتمهل قبل الحكم على باراك مؤكدين انه سيكون مختلفا عن سلفه نتنياهو وهو ما لم يحدث على أرض الواقع حيث تعامل باراك مع الانتفاضة بوحشية لم يسبق لها مثيل.
|
|
|
|
|