| الاقتصادية
نتحدث كثيراً ونطالب الشركات بضرورة أن تكون لديها رؤية تتحدد من خلالها أعمالها وأنشطتها وتوجهاتها المستقبلية، ونؤكد أن الشركات الناجحة هي تلك التي لديها مثل هذه الرؤية, ونستطرد عند الحديث بذكر مزايا وأهمية توافر تلك الرؤية بأنها تسهم في تحديد الطريق العام الذي تسلكه الشركة وأن عدم وجود ذلك الطريق أو عدم وضوحه يؤدي الى تخبط الشركة وسيرها بدون اتجاه محدد أو ربما اتخاذها طرق مختلفة قد تؤدي الى أي شيء إلا الهدف الذي تنشده الشركة.
نكرر الحديث عن مثل هذا الموضوع معتقدين ان القدرة على صياغة الرؤية وتوافرها للشركة عبارة عن جرعة يحصل عليها المسؤولون في الشركة من خلال حضورهم دورة تدريبية أو قراءتهم لكتاب في الموضوع نفسه، ومن ثم يصبح أمر وضع الرؤية ليس إلا مجرد وقت فحسب, نظن ذلك دون أن ندرك أن القدرة على توافر الرؤية ليس سوى مسألة تراكمية تدخل فيها عوامل تربوية وتعليمية واجتماعية تكون هي المنطلق والقاعدة للخبرة والمعرفة الادارية التي تصاغ بواسطتها تلك الرؤية, أي أن الأمر لا يقتصر فقط على ادراك أهمية الرؤية أو توافر الاشخاص المؤهلين اداريا لتولي مثل هذا الموضوع، فالمسألة ذات أبعاد أخرى تبدأ من المدرسة والبيت وغيرهما من مؤسسات المجتمع القادرة على التأثير في سلوك الناس وطريقة تفكيرهم.
ولكن المتأمل في حال مجتمعنا يدرك ان الكثير من أعمالنا ومجهوداتنا تتم بطريقة ارتجالية بل وعشوائية في الكثير من الأمور, وهذا ليس فقط على المستوى الفردي بل والمجتمعي والرسمي أيضا, فمع الأسف الشديد ان مؤسساتنا التعليمية والتربوية وغيرها من مؤسسات المجتمع الأخرى بل وسلوكياتنا وأنماط حياتنا الاجتماعية لم ترق بعد إلى مستوى خلق اشخاص قادرين على التفكير والتخطيط المستقبلي بطريقة تجعل ذلك التفكير وذلك التخطيط عادة يومية نستطيع ان ننقلها من حياتنا الخاصة الى مؤسساتنا وشركاتنا, لا أظنني في حاجة الى التمثيل على ما أقول لأننا نسافر بدون تخطيط ونقضي نهاية الأسبوع بدون تخطيط بل وفي بعض الأحيان نتزوج وننجب بدون تخطيط، فالحياة تسير بالبركة وهذه البركة تنتقل معنا حينما نكون في مواقع قيادية نوجه من خلالها شركاتنا ومؤسساتنا العامة وأجهزتنا الحكومية.
إن هذا يعني انه ومع أهمية الرؤية والتخطيط المستقبلي ليس على مستوى الشركات فقط بل وعلى مستوى أجهزة الدولة والأفراد ايضا، إلا أن النظرة للموضوع يجب أن تتجاوز الاطار الضيق الى البعد الشمولي بأبعاده المتعلقة بأسلوب التربية والتعليم وطريقة التنشئة وغيرها من العوامل التي تساهم في زرع القاعدة الرئيسية لخلق أفراد قادرين على القيام بذلك بعد صقلهم بالتجارب الادارية والحياة العملية.
kathiri@zajoul.com
|
|
|
|
|