| الاقتصادية
يعيش كثير من الناس في هذا الزمان على حافة الفقر وهناك شكوى عامة من تزايد صعوبة توفير الحاجات الأساسية، حيث تحوّل كثير مما كان يُعدّ من الكماليات الى أشياء ضرورية تصعب استقامة الحياة بدونها، أضف الى هذا وجود بطالة متصاعدة في قطاع الشباب ولاسيما المتعلم منه الى جانب ارتفاع الأسعار على نحو مستمر.
ولمواجهة هذا الوضع كان لزاماً على المرء تحسين دخله، حيث بامكانه ان يُوجد لنفسه عملا فرعيا، يُدر عليه دخلا اضافيا، ومهما ساءت الأحوال، فإن هناك دائما بعض الفرص للحصول على مصدر يزيد في دخل الانسان.
في الماضي غير البعيد، كانت متطلبات العيش محدودة نسبيا، ولذا فإن الواحد من الناس كان يقوم بمعظم حاجاته، ومع ارتقاء الانسان في مدارج الحضارة أخذت أساليب الحياة تتعقد شيئا فشيئا، وزاد اعتماد الناس بعضهم على بعض، مما جعل تقسيم العمل يزداد شمولا وعمقا، وصارت صلاحية الانسان في البناء الاجتماعي تستمد اكتمالها من مدى ما يمكن ان يقدمه لمجتمعه من اسهامات هو بحاجة إليها.
يقول الدكتور عبدالكريم بكار في كتابه العيش في الزمان الصعب : إن جزءا كبيرا من صعوبة العيش في زماننا يعود الى ضعف القاعدة الصناعية في بلادنا.
وواضح ان التقدم الصناعي الذي أحرزته الدول الغربية هو الذي مكّنها من قيادة الحضارة المادية، وإملاء شروط العيش على الأمم من خلال العولمة.
إن السفر قطعة من العذاب، لكنه أيضا باب من أبواب الرزق، حيث يستفيد المرء خبرات جديدة, ورد عن الشافعي قوله:
تغرّب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففي الأسفار خمس فوائدِ
تفرج همِّ واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجدِ |
وللأسف، فإن بعض الناس ينفق دخله الشهري في أيام معدودة ثم يستدين الى نهاية الشهر، وكثير منا يُسيء استخدام موارده المالية، فينفق المال الوفير على أشياء ترفيه أو ولائم مظهرية دون حاجة.
ولذا، جاءت فكرة الصندوق الاحتياطي التي يعمل بها بعض الناس فكرة جيدة ومفيدة،حيث يقوم بعضهم باجتزاء 10% من الدخل الشهري مثلا ويضعه في ذلك الصندوق، ليُستخدم فيما بعد في الحالات الضرورية والطارئة.
وكلما كانت الامكانات محدودة، والموارد شحيحة احتجنا الى براعة أكثر في ادارتها، حيث ان علينا ان نؤمِّن حاجاتنا من وراء رأس مال محدود.
ومما يساعد على خفض النفقات تأجيل شراء بعض الأشياء الى الأوقات التي تكون فيه رخيصة، كإجراء المكالمات الهاتفية في أوقات التخفيض، وأكل بعض الفواكه والخضار في مواسمها، حيث تكون عادة منخفضة.
ولابد مع هذا وذاك من الاقلاع عن عادات الاسراف والتبذير والمباهاة والتقليد الأعمى في المأكل والملبس والمسكن.
وللأسف فإن غالبية النساء تنفق الأموال الطائلة على الملابس وأدوات الزينة.
بل ان كميات كبيرة من الطعام المعدِّة للأكل لا تجد غالبا مَن يأكلها.
وللحقيقة، فإن المال أداة انتاجية مهمّة، والرؤية الاسلامية فيه تحث على جعله متحركا ناميا حيث ان في حركته توفير فرص عمل للمحتاجين إليه كما أن فيها تنشيطا للاقتصاد الوطني وعائدا على الدولة وأصحاب رؤوس الأموال، إذا ما أُدير بشكل جيد ومنظم.
إن لدى النفس البشرية ميولا غريزية نحو الكسل والفوضى والهروب من الواجبات والابتعاد عن الواجبات.
فمن ثم، فالواجب القضاء على المفاهيم المغلوطة والأفكار الرديئة والتوجهات العقيمة، وكذا استخدام الأوقات في تطوير المهارات وتعلّم المهن المناسبة وتحسين الوضع المعيشي واغتنام الفرص المتاحة وادارة الامكانات والموارد المحدودة بعقلانية ورشادة، وهذه بعض أسرار النجاح.
* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية . |
|
|
|
|
|