| مقـالات
صوته عزة وشموخ وكبرياء جميل,.
يقترب منها فيحتويها ويغضب منها فتكفكف أفراحها وتردد مع الشاعر:
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب |
هو ذاته جعل لكل شيء معنى وعنوانا ونبضا دافئا,.
هي في ظله,, دائماً في ظله تشعر به وجوداً رائعاً لا غنى عنه,, حين يدلف من الباب تشرق شمس بيضاء دافئة,, شمس تشيع البهجة والحياة لكأنما هو الحياة,, وحينما تتعقد الأمور حول أمر ما ويظهر ما يسمى بالمشكلة ثم تُعرض عليه يعلم الجميع بأنها قد انتهت بعلمه بها لأنه أهل لحلها.
آه يا ذلك الكيان,, كم مرة مرَّت بها لحظات ندم مريرة تساءلت فيها كيف كانت في طفولتها تعتقد بأن هذا الإنسان لا يتألم ولا يشكو ولا يحتاج لأنه دائماً ذلك النهر الذي يعطي بلا حساب,, وذلك الجبل الشامخ الذين لا تهزه أعتى المشكلات ودائماً هو تلك القوة والسند,, حتى جاء ذلك اليوم وقد بدأت تشعر بأنها أصبحت أكثر نضجاً وقدرة على فهم ما يدور حولها بما في ذلك أولئك البشر وذلك العالم,.
هاتفها في الظهيرة حال عودتها من عملها عبر الهاتف قائلاً بعد تحية خافتة وبتنهيدة عميقة:
أنا متعب يا بنتي,,!
لم تفهم ماذا كان يقصد تحديداً,, ربما كان متعباً من موقف ما حدث له خلال اليوم وربما هو متعب من أمور أخرى وربما,, ولكن المدهش حقيقة أنها المرة الأولى التي يفاتحها فيها ويبوح لها بمعاناته وحدها وبلهجة أكثر صدقاً,.
قالت بصوت ألجمته الحيرة:
سلامتك,,,! ثم تابع قبل أن تكمل قائلا:
لم تعد صحتي جيدة كما كانت في السابق!
شعرت بأن شيئا ما يعتصر قلبها,, اكتفى بتلك العبارات القصيرة واستيقظت على صوت سماعة الهاتف في أذنها تنغلق بهدوء وأناة وهي في حيرة من أمرها,, لم يكن يريد المتابعة كأنما كان يتألم من مجرد شكواه وبوحه بألمه,.
رغم ذلك في أعماقها شيء ما يقول: لا، إنه هو، ذلك القوي الأبيِّ الذي تحمَّل الكثير وما زال قادراً على العطاء,, إنه هو ذلك النضال المستمر لأجل إثبات الذات والبحث لها عن موضع أكثر سمواً,.
شيئا فشيئاً يهدأ ذلك الوهج في المنزل,, يوما ما فتحت عينيها,, ولم تعد تسمع ذلك الصوت,, رحل بعيداً إلى عالم آخر حيث لن تسمع صوته ولن تأنس بإشراقة شمسه,, هو والدها وهي ابنته,.
فأي علاقة سامية متألقة تلك التي تجمع والداً وابنته,, علاقة مختلفة مدهشة تبقى بصماتها في القلب والذاكرة,.
لا شيء ولا بديل أجمل ولا أكثر دفئاً من تلك الكلمة الفريدة العظيمة أبي .
بريد إلكتروني: Fowzj@hotmail.com
|
|
|