الذين يميلون إلى الفرح,, ومداعبة الناس, أصحاب نفوس شفافة يقرأون ما خلف الستور,, ويعايشون اللحظات العارضة,, ولذلك فإن الملوك والسادة كان لديهم من يخفف عنهم عناء المسؤولية,, والذين يتصورون أن السادة يعيشون عيشة مختلفة مخطئون, وذوو نظرة قاصرة, ويكفي القائد للدولة ان يتحمل مسؤولية من يقود: فقد قال صلى الله عليه وسلم,, (كلكم راعٍ,, وكلكم مسؤول عن رعيته,,) يكفي هذا,, ليعيش كبير القوم وقائدهم تحت وطأة المساءلة لذلك,, فإن القادة الذين يخشون الله ويخافون عقابه يحرصون على المستشارين الأتقياء الصلحاء,, وهذا الكلام جاء معترضاً للموضوع الذي طرق ذهني وأردت تسجيله للقارىء وهو أن الشخص المرح يعتبر ملح الحياة,, وسكرها,, وتصوروا كيف تجتمع الأضداد, وكثير من هؤلاء نجح في علاقاته بالقادة، وهيأ لهم الأجواء التي تخفف عنهم عناء المسؤولية وغالباً ما يكون هؤلاء ذوي نباهة وسرعة بديهة,, ولذلك يُقبل منهم الحدث مهما كان ثقةً في طهارة قلوبهم, وما كان لهم قصد سوى التسرية عن المسؤول,, وليس منا من لا يريد أن يجد من يسرِّي عنه, ومن روعة سرعة البديهة ما روي أن أحد القادة وكان حامداً وشاكراً لله على نعمه,, قال يوماً لمن حوله: من تظنون أنه جدير بحمد الله وشكره على هذه النعمة العظيمة,, وكان على المائدة، فقفز أحد الجلساء, قال أنا أريكه يا سيدي, ثم أسرع وجاء بمرآة وضعها أمام وجه القائد, وقال, هذا,, فاستحسن ذلك منه, وهذا مبعث سرور وهناء.
ويبقى الثقلاء وهم الذين لا ترغبهم العامة بله السادة, وقد أفرد لهم أصحاب التآليف الأدبية أبواباً في كتبهم, لكن مع ثقلهم يكون منهم ما يضحك كما حصل من أحد التجار وكان له ولد ثقيل يتقعر إذا تكلم,, فمرض الأب فاجتمع عنده أولاده وقالوا ندعو أخينا,, قصدهم الثقيل, قال الأب: والله يقتلني بكلامه, قالوا,, نضمن ألا يفعل فدعوه, فلما دخل على والده قال,, السلام عليك يا أبتِ,, قل لا إله الا اللهَ (بالفتح) وإن شئت فقل,, لا إله الا اللهُ (بالضم) فقد قال الفراء, كلاهما جائز, والاول أحب إليَّ لأنه أخفهما, والله يا أبتِ ما شغلني عنك غير أبي علي فإنه دعاني بالأمس فأهرس وأعدس وسبدج وسكبج وزرنج وطبهج وأمصل وأمضر وأفرخ ودجج ولوزج وافلوذج,, فصاح أبوه,, السلاح السلاح,, غمضوني فقد سبق ابن (,,,) ملك الموت الى قبض روحي,, وقد قالوا إن النظر إلى الثقيل يميت القلب ويذهل العقل ويسقم البدن,, فاللهم احمنا منهم,.
|