| عزيزتـي الجزيرة
عندما يأتي الوفاء من رجل بحجم ومكانة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم حفظه الله فإن هذا الوفاء يأخذ أبعاداً ومعاني أخرى ترحل بنا نحو آفاق رحبة من مشاعر الاعجاب والفخر والامتنان ثم تمضي بنا هذه المشاعر لتكون فرحاً غامراً يستقر في أعماق نفوسنا المتعطشة لمثل هذا الوفاء, أقول هذا ترجمة لمشاعر توالت في نفسي بعد اطلاعي على خبر اصدار صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم أوامره الكريمة وفقه الله باطلاق اسم فضيلة شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله على جامعه الذي كان رحمه الله إماماً وخطيباً له جزءاً كبيراً من حياته الحافلة بالعلم والعمل والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، بالاضافة إلى اطلاق اسمه رحمه الله على احدى المدارس وعلى أحد الشوارع الرئيسية في مدينة عنيزة مدينة الشيخ التي كانت أكثر فقداً له وبكاءً عليه وخسارة له، كما وجه سموه رعاه الله جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بمنطقة القصيم باطلاق اسم الشيخ ابن عثيمين على صالة المحاضرات الرئيسية بفرع الجامعة بالقصيم.
ولعل المتابع المنصف لابد أن يقف وقفة اجلال واعتزاز وتقدير امام هذا القرار الذي يمثل الوفاء بأجمل وأبلغ صوره، ومن للوفاء غير الأوفياء، الذين يظل الوفاء والنبل والكرم لديهم من السجايا الفطرية التي تنطلق من تلقائية محببة، ولذا فإن أول الانطباعات عن هذا الوفاء من أميرنا المحبوب بأنه وفاء نقي صادق كنقاء وصدق سموه الكريم، والوفاء من شيم الكرام ومن الطبائع التي تزين الرجال وتضيف إلى شخصياتهم رونقاً وبهاءً وتجعلهم ملء السمع والبصر عند من يقدرون هذه الصفات الإنسانية الرائعة، ومما لا شك فيه أن سموه الكريم يستقي هذه الصفات من عائلة كريمة يمثلون ولاة أمر هذه البلاد المباركة وهم ومنذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة قد عُرفوا وشُهد لهم بحبهم للعلم والعلماء فاعطوا للعلماء حقهم وكرموهم ووضعوهم في موضع الصدر من الأمة حتى أصبحت العلاقة المميزة والمثالية التي تربط علماء بلاد الحرمين بقادتها الكرام مضرب الأمثال في كل أنحاء الدنيا في نسيج متناغم متوازن بديع، وليس هذا بمستغرب عند من يضع الشريعة الإسلامية السمحة وتطبيقها والعناية بها في مقدمة اهتمامه، وهم قادة هذه البلاد أدام الله عزها وفضلها ونعود للوفاء والحديث عنه فإن اطلاق اسم فضيلة شيخنا رحمه الله تعالى على جامعه جاء ليعزز من المشاعر والرغبات الشعبية حيث ظل الناس في مدينة عنيزة يطلقون على جامع الشيخ محمد بن عثيمين اسم جامع الشيخ أما رسمياً فكان يسمى بالجامع الكبير وهو الجامع الذي سيظل كل شبر فيه يشهد لذلك العملاق الخيّر بما قدمه فيه عمراً من الزمن من خطب ودروس ومحاضرات وفتاوٍ ومساعدات وخير عظيم استفاد منه آلاف البشر، وجاء قرار سمو الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز ليعزز هذا الشعور ويعمقه لدى الكل فيظل ويبقى جامع الشيخ محمد بن عثيمين إلى ما شاء الله تصدح مآذنه بقول الحق وتردد في جنباته آيات الذكر الحكيم وأقوال سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ويقيض الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه من يكمل مسيرة الشيخ الراحل، وهو سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.
اما قرار سموه باطلاق اسم فضيلته على احدى المدارس فلأن الشيخ رحمه الله تعالى كان علماً من أعلام العلم والمعرفة، تعلم وعلم، طلب العلم وجاءه من كل أنحاء الدنيا من يطلب العلم على يديه رحمه الله ولا شك ان من يعرف الشيخ عن قرب يدرك كثرة طلابه ليس من عنيزة والقصيم فحسب بل من جميع أنحاء المملكة، ومن أنحاء الأرض قاطبة شمالها وجنوبها، شرقها وغربها ولا يستغرب من يعرف دروس الشيخ رحمه الله ومكانته الدينية والعلمية والأدبية ان يجد طالباً من أفريقيا، أو من شرق آسيا بل ونعرف ان هناك من كان يتلقى العلم من الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من أمريكا وأولئك لم تكن مآثر الشيخ رحمه الله تقتصر على تعليمهم بل وعلى ايوائهم في مساكن طلبة العلم والصرف على المحتاجين منهم، فرحم الله هذا الرجل الذي امتد خيره وفضله بحمد الله وتوفيقه إلى العالم بأسره.
ونأتي للحديث عن شارع الشيخ محمد بن عثيمين فالمرجو ان يكون التفاعل مع هذا القرار بنفس الصورة التي صدر بها كقيمة تقديرية للشيخ رحمه الله وأرجو أن يتم تشكيل لجنة من الجهات المختصة وتكون مهمتها اختيار الشارع الذي سيطلق اسم الشيخ عليه من حيث أهمية الشارع وموقعه بحيث يتناسب مع مكانة الشيخ كرمز من رموز الأمة، أما اطلاق اسم الشيخ رحمه الله على الصالة الرئيسية في جامعة الإمام فلا أدل على بعد نظر وحكمة صاحب السمو الملكي أمير منطقة القصيم، من هذا القرار الرائع الذي يحسب لسموه كقرار فيه الكثير والكثير من الفطنة والنبوغ والحب الكبير والتقدير الهائل للشيخ رحمه الله والذي يستحقه ولا ريب، ومن هنا ومن هذا المنبر الإعلامي الرحب وباسم جميع محبي شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين وباسم طلابه وابناء عنيزة وأبناء الأمة الاسلامية أجمع اتقدم بوافر الامتنان وعظيم الشكر وجزيل الثناء لأهل الوفاء ورجاله الكرماء وفي مقدمتهم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم الذي تظل مكارمه ومواقفه المشهودة محل تقدير أبناء هذه المنطقة الغالية التي تتشرف بقيادته الحكيمة ومواقفه المشهودة التي يضعها الجميع تاجاً فوق رؤوسهم، وفق الله أميرنا وأدام عزه ورحم شيخنا وجعل الفردوس الأعلى مثواه، وأدام على بلادنا خيره وأمنه ووفق الجميع لما يحبه ويرضى وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الدكتور ناصر بن شاذلي الحداد
المدير العام المساعد للرعاية الصحية الأولية بالقصيم
|
|
|
|
|