|
| الاقتصادية
ترتكز بعض برامج إحلال العمالة المحلية محل العمالة الأجنبية على مبدأ زيادة تكلفة استخدام الأخيرة التي هي في الأساس أرخص نسبيا من الأولى الأمر الذي يمكن أن يؤدي الى اجبار أصحاب العمل على توظيف العمالة المحلية واحلالها محل العمالة الوافدة التي يتوقع ان تصبح أغلى نسبيا من العمالة المحلية أو على أقل تقدير قريبة منها من حيث التكلفة.
يبدو هذا الأسلوب من الناحية النظرية منطقيا ومحققا للهدف الذي وضع من أجله, لكن السؤال هنا هو هل سيكون هذا الأسلوب فعالا في تحقيق الهدف من الناحية العملية أم لا؟ من الناحية العملية هناك النقاش التقليدي حول إحلال الآلات والأجهزة محل العمل وأن من العوامل المحددة لامكانية الاحلال هذه تكلفة الآلات والأجهزة مقارنة بتكلفة العمل, فمتى كانت تكلفة استخدام الآلات والأجهزة أقل من تكلفة العمل فإن المستثمر سيحلها محل العمل وسيستغني عن عدد من العمال بغض النظر عن جنسياتهم.
ولذا فإن زيادة تكلفة استخدام العمالة الوافدة ربما لن يؤدي الى ايجاد فرص عمل جديدة للعمالة المحلية بل ربما أدت الى احلال الآلات والأجهزة محل العمالة الوافدة المستغنى عنها والتي أصبحت أغلى نسبيا مقارنة بما كان عليه الوضع سابقا, فالمستثمر في الحالة هذه سينظر الى الوضع الجديد على أنه يعني زيادة تكلفة استخدام عنصر العمل وخاصة عندما يتزامن زيادة تكلفة استخدام العمالة الوافدة مع وضع حوافز تشجيعية للعمالة المحلية للالتحاق بسوق العمل بشكل يؤدي إلى زيادة تكلفة استخدامها، وبناء على ذلك يتخذ المستثمر قراره باحلال الآلات والأجهزة محل العمل بشكل عام,وبناء على هذا السيناريو لن تستفيد العمالة المحلية من هذه السياسة بل المستفيدون هم أصحاب رؤوس الأموال، ومن المتوقع ألا يظهر هذا الأثر إلا في الأجل الطويل حينما يتمكن المستثمرون والمنتجون من التكيف مع المتغيرات الجديدة في تكلفة العمالة الوافدة أو في تكلفة العمل بشكل عام وتتاح لهم فترة زمنية كافية يتمكنون خلالها من تعديل أساليب وأنماط الانتاج المتبعة الى أخرى ذات كثافة عالية في استخدام رأس المال.
والاشكال هو أن سياسة رفع تكلفة العمالة الوافدة ربما تعطي انطباعا مؤقتا بأنها قد حققت الهدف الموضوعة من أجله وخاصة في الأجل القصير عندما لا يتمكن المستثمر من احلال الآلات والأجهزة محل العمل لصعوبة ذلك وما سيفعله هو احلال العمالة المحلية محل الوافدة، لكن مع الزمن ومع البدء في التكيف مع الواقع الجديد سيبدأ تدريجيا في احلال الآلات والأجهزة محل العمل وسيبدأ في الاستغناء عن خدمات العمالة المحلية الذين وظفهم في البداية عندما ارتفعت تكلفة العمالة الوافدة لكن هذه المرة لصالح الآلات والأجهزة.
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود .
|
|
|
|
|
